لا يوجد تسامح مؤقت!.. هذا ما يراه خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 500 مشاهدات 0


السياسة

المتسامح لا يقع في فخاخ الكراهية المصطنعة

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يدرك العقلاء والحكماء والمتسامحون, قولاً وفعلاً, أن التسامح الحقيقي يتجلى في أن يتمنى المرء, وعلى الدوام السلام والطمأنينة والسعادة للآخرين حتى لو لم يتفق معهم أو يحبهم, فالإنسان المتسامح يسعى بكل ما يستطيع من قوة إلى نشر السلام والمحبة والتعاون والتفاهم الإيجابي من حوله, ولهذه الأسباب يوجد فرق واضح بين من يتأبط زيفاً شعارات التسامح للمفاخرة المزيفة وللخيلاء المفبرك وبين من يمارس التسامح الفعلي في حياته اليومية, وفي علاقاته مع العالم الخارجي.
لا أعتقد أنني أبالغ في هذا المقام إذا أكدت أن الإنسان المتسامح هو من يبدأ بالتسامح من نفسه أولاً فيقبلها ويتسامح مع من يتعامل معهم بشكل يومي ومع الآخرين المختلفين عنه, اثنيا ودينياً ومذهبياً وثقافياً, فلا يوجد تسامح موقت, فالتسامح أسلوب حياة إيجابي يعتنقه الإنسان حتى النهاية!
إضافة إلى ما سبق, يتمثل التسامح في عدم التدخل في الشؤون الخاصة للآخرين والتوقف عن محاولة فرض الوصاية الأخلاقية عليهم, وتنطبق الشروط لعدم التدخل في الشؤون الشخصية على عدم تدخل الإنسان المتسامح قولاً وفعلاً في الشؤون الداخلية للمجتمعات الأخرى, ومن لا يتدخل في شؤون الناس لا يتدخلون هم في أموره وشؤونه, بل سيحترمونه كإنسان مسالم ومتسامح لأنه لا يتدخل في ما لا يخصه. وبالطبع, ورغم ضرورة عدم التدخل في شؤون الآخرين, ولكن الإنسان والمجتمع المتسامح هم من يمدون ايدي التعاون البناء والمحبة والتقارب الإيجابي مع الآخرين, فالتسامح يشير أيضاً إلى اغتنام الفرص المواتية لخلق جسور تعاون وألفة وتفهم إيجابي مع الآخر.
التسامح ليس ظاهرة أو تجلياً محلياً فقط, بل تغلف إيجابيته العالم من حولنا, فمن يتسامح مع الآخرين في مجتمعه الوطني حري به أيضاً أن يمد يد التعاون والمحبة نحو الآخر عبر الحدود الجغرافية الوطنية.
الاختبار الحقيقي الذي يبين تسامح الفرد هو التزامه بتسامحه واستقامته الأخلاقية في بيئة اللاتسامح وبخاصة عندما تبدأ تتفاقم الديماغوجية الفوضوية وتبدأ ترتفع أصابع الاقصاء والكراهية ضد الأقليات الاثنية أو الدينية أو المذهبية أو الثقافية. يمثل التسامح الحقيقي قدرة إنسانية وأخلاقية استثنائية في مقاومة إغراءات الإقصاء والتصنيف السلبي ضد الآخر المختلف, وحنكة في تجاوز فخاخ الكراهية المصطنعة, فالمتسامح ينظر إلى نفسه كفرد يلتزم بمبادئ أخلاقية إنسانية وعالمية تبقى ناصعة البياض وراسخة المعتقد وثابتة الأساس حتى لو تعرضت لكل أنواع الأعاصير المفبركة والفتن والقلاقل المختلقة.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك