د. سامي خليفة يعرض لكتاب كاتبة فرنسية عن الشيعة فى الخليج، ترى فيه أن حال الارتباط بين الشيعة مع العلماء خارج دول الخليج إيجابية لا تؤثر على هويتهم

زاوية الكتاب

كتب 808 مشاهدات 0


 


 

شيعة الكويت ... ولورنس لوير
 
قبل عامين تقريباً زارت الكويت أستاذة العلوم السياسية بمركز الدراسات الدولية في باريس والمتخصصة في الشؤون العربية والشرق الأوسط لورنس لوير وأقامت أشهراً عدة تجولت خلالها في بعض دول الخليج، بحثاً عن قراءة دقيقة للحقائق التاريخية وربطها بالحاضر، تأسيساً لتنبؤ مسار المستقبل. وبعد لقاءات مع شخصيات سياسية وفكرية وإعلامية وحقوقية وعلمائية تشرفت أن أكون أحدهم خرجت لورنس اليوم بباكورة جهودها لتنشرها في كتاب يحمل عنوان: «الشبكات السياسية الشيعية في الخليج». هذا الكتاب الذي أعطى رصيداً علمياً مهماً لمجتمعنا يعين على فهم زاوية مهمة من التاريخ السياسي الحديث في ما يتعلق بالشيعة تحديداً ودورهم في التطبيع مع الدولة القومية الجديدة التي ظهرت ملامحها في التاريخ السياسي الحديث.
درست لورنس في كتابها تطور الحركة الإسلامية الشيعية في ثلاث دول خليجية هي الكويت والسعودية والبحرين من خلال تسليط الضوء على الظروف السياسية في المنطقة، ومن خلال تعاطي شيعة الخليج مع المرجعيات الدينية والمدارس الفكرية والتنظيمات والأحزاب السياسية في كل من العراق وإيران من جانب، ومع الأنظمة السياسية الحاكمة في دولهم من جانب آخر، لتتوصل إلى حقائق غاية في الأهمية منها: أن حال الارتباط بين الشيعة مع العلماء خارج دول الخليج هي حال إيجابية لا تؤثر على هويتهم في ظل الدولة القومية الحديثة، بل يمكن التأكيد على أن الحال المسيّسة بين الشيعة قد انتقلت بصورة واضحة في العقدين الماضيين تحديداً إلى التأكيد على الاندماج الداخلي أكثر من الاهتمام بالقضايا العامة المتعلقة بالبعدين العربي والإسلامي، وهو نجاح يسجّل للحراك السياسي الإيجابي في دول الخليج عموماً، والكويت خصوصاً، أسس إلى نظرية جديدة حافظ فيها شيعة الخليج على أصالتهم في اتباعهم للمنهج العقدي المنتمي إلى المدرستين العراقية والإيرانية، وبين الاندفاعة نحو الحداثة ضمن النظام السياسي ونمط الحياة الاجتماعية في مواطنهم والبلدان التي يعيشونها.
وتقول لورنس كخلاصة لدراستها إن المنظومة السياسية في الكويت قد نجحت - نوعاً ما - في إخضاع الحال الشيعية عندها ضمن لعبة تبادل المصالح لتدور في مدارات السياسة الداخلية بتفاصيلها كلها مع عدم إغفال الخصوصية المذهبية التي تتطلب أن يستمر جسر التواصل العقدي بين كبار المرجعيات الشيعية في الحوزات العلمية والمجتمع الشيعي. وتقول إن الشيعة في الكويت نجحوا أيضاً في إيجاد صيغة توافقية بين حاجتهم إلى الاندماج والذوبان في مجتمعهم الكويتي وبين تأييدهم للثورة الإسلامية في إيران التي تمثل النموذج شبه الوحيد للدولة الشيعية في العالم، والذي يحكم من قبل علماء دين.
ولم تغفل الكاتبة لورنس عن تأثير القوى الخارجية، إذ نسبت إليها الدور الأكبر في إعطاء حال من الموازنة بين الأنظمة السياسية في الخليج الجامدة مضموناً والمتواضعة أداءً وبين شعوبها التي تحمل الكثير من الطموح باتجاه تطوير الأحوال المعيشية ومواكبة التطور التنموي في العالم.
ونحن بدورنا نضع هذا المختصر بين أيديكم، والذي لا يغنيكم عن قراءة الكتاب بالتأكيد، ولكنه بالتأكيد يشير إلى حقيقة مهمة للغاية، وهي أن الكاتبة الفرنسية لورنس لوير قد قدّمت خدمة جليلة للدولة والمجتمع في الكويت ببذلها الكثير من الجهد والوقت والطاقة، وحتى المال، من أجل أن ترى الدراسة النور، فالشكر كله لها لاختيارها الكويت محطةً لدراستها أولاً ولإهدائها الكتاب لي ثانياً، وكل ما نتمناه أن يتصدى مركز التميز أو قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت لترجمته إلى العربية خدمة للباحثين.
د. سامي ناصر خليفة

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك