فراغ المتقاعدين!.. بقلم محمد الشيباني

زاوية الكتاب

كتب 537 مشاهدات 0


القبس

لا تتقاعد مبكراً

د. محمد بن إبراهيم الشيباني

 

لا تتقاعد مبكراً قبل أن تضمن مكاناً آخر أو هواية أو أي عمل يسد الوقت الذي كنت تمضيه في عملك في الوزارة، الشركة أو غير ذلك، فلا أخفيك سراً وحسبما مر علي في سني متابعتي لأحوال إخواني وقرابتي والمحبين لي من الأصدقاء والخلان والجيران ومن هم في مصافهم أن القليل من المتقاعدين من سلم من الكآبة والأمراض النفسية جراء الفراغ الطويل حتى اضطر الكثير منهم للتردد على عيادات الطب النفسي الخاصة أو فتح ملفات في مستشفى الطب النفسي، ولو عملت دراسة فلتكن الماجستير أو الدكتوراه ويكون عنوانها «أحوال المتقاعدين النفسية بعد تقاعدهم» أو عنوان آخر ولا مشاحة في العناوين «واجبات الدولة في توفير المناخ المناسب للمتقاعد بعد تقاعده» أو «تشغيل الدولة للمتقاعدين وتهيئة الفرص المناسبة لهم».. وهكذا.
إن المتقاعد إن لم تتهيأ له كل ما سبق أن ذكرت فستكون أمراضه ومشاكله كبيرة بوجه خاص وعام. أما الوجه الخاص، فسيحدث في الأسرة بعض الاضطرابات من جلوسه في البيت وملاحقته الصغيرة والكبيرة فيه مع إلحاق الضرر النفسي بالزوجة والأولاد جراء الحنة والرنة، أو تصبح حياته بعد ذلك العمل الكثير والكبير قائمة على النوم والأكل أكثر الأوقات!
أما من الوجهة العامة، فستكثر أمراضه جراء الكسل وعدم بذل الجهد والنشاط، مما سيؤدي به إلى التردد على العيادات والمستوصفات أو المستشفيات.
إذا الواجب واجبان خاص وعام، فالخاص أن يشغل الأولاد والدهم بالوسائل المتاحة لهم في الأوقات التي يكون فيها والدهم أو قريبهم أو .. محتاجاً إليه من زيارة أقارب، أصدقاء، ديوانيات، سفرة من السفرات يشغلون بها وقته على أن يفعلوا ذلك براً وحناناً وطاعة لا تخلصاً منه وألا يشعروه وكأنه ضيف ثقيل وعبء لا بد من تحمله في مدة محددة أو معينة ثم ينتهي.
أما الأمر العام، فواجب على الدولة أن توفر للمتقاعدين نادياً يقضي المتقاعد فيه وقته ويكون له فروع في المناطق مثل ديوانيات المتقاعدين في الجمعيات التعاونية وجميل ما فعلته تجاههم على ألا يكون هذا النادي مثل مستشفاهم الذي نسمع عنه من زمن ولا نراه لمصالح النهابة الذين يعطلون في هذا البلد كل خير ونفع للآخرين لمصالحهم.
هذه قضية اجتماعية محسوسة ملموسة يراها كل أحد منا وتعيشها الأسر أغلبها.
حديثي هذا لا يشمل كل المتقاعدين، فهناك من رزقه الله الصحة والعافية والمال والمزرعة أو الشاليه أو الجاخور أو الشقة أو المنزل في الدول المتنوعة يستطيع بكل تلك أو منفردة أن يطرد الوقوع في الكآبة أو الوساوس أو أي مرض من الأمراض النفسية. والله أسال أن يشافي الجميع ويسد أوقاتهم بالخير والصحة، والله المستعان.

* الحركة:
«العبد عليه الحركة والله عليه البركة»!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك