النقد البناء والنصيحة البارة أدوات إصلاح!.. بنظر محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب يونيو 21, 2015, 12:50 ص 392 مشاهدات 0
القبس
القتل والتخريب بالظنة..!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
ينتقد وبشكل لاذع وسافر كثير من الناس حكامهم بأنهم لم يوفوهم حقوقهم المالية كما يفعل غيرهم في الديار الأخرى، أو أن بلدهم قليل التطور والتطوير، وأن السرقة والرشوة قد وصل مداهما إلى العمق، وأن وأن وأن. وكلامي اليوم ليس دفاعاً عن أحد أو التبرير له، ولكن ردي يتلخص في سؤال لمن كان بلده فيه الكثير من الأنات، نقول لهم: هل يأتيكم زوار فجر أو خطفكم رجاله من الشوارع ولا يعرف لكم مكان؟! أو هل جاءكم احد إلى بيوتكم وأخذ أموالكم ومتاعكم ثم أعقبوا ذلك طردكم من بيوتكم وحولوها إلى غيركم كما كان يفعل في الأزمان الغابرة واليوم في بعض الدول؟! هل منعوا عنكم الهواء والماء؟! هل هل هل؟ إذاً كل في بلده يرى ما لم يره شعبه وقد يكون حتى علية القوم وكبار السياسيين عنده غير مطلعين على ما يعرفه إذن.. إذا لم يقم بأعمال قامت بها دولة أخرى قريبة منه أو بعيدة عنه فلا يستدعي ذلك التشهير والقذف المعلن أو المستتر، فالمطلوبات كماليات أوزيادة بطر وترف قد سدت في أماكن أخرى، الجميع يحب الجمال والكمال والزيادة في البحبوحة، ولكن إذا لم تتم فلا يعني ذلك أن عقارب الساعة قد توقفت.
فالنقد البناء والنصيحة البارة أداتان من أدوات الإصلاح والدفع إلى البناء، أما التجريح والتعيير فليسا من الدين ولا النصيحة أو المواطنة الحقة في أي بلد من البلدان.
روت لنا كتب التاريخ قصصاً من تاريخ الأمم والممالك الإسلامية التي كانت ثم بادت، وكأنها لم تكن بسبب الخلافات وتمزق المجتمع بالآراء الخاطئة فهي مثل الشرارة التي تكبر فتصبح نارا.
نظرة في الكتب الأمهات في التاريخ مثل تاريخ ابن خلدون، والبداية والنهاية لابن كثير، وتاريخ ابن جرير الطبري، وتاريخ البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب لابن عذاري ومختصره وغيرها من الكتب، التي إن قرأتها بعمق وتمعن في حوادثها وجدت أن القتل والتخريب وهلاك المدن والقرى والبشر والحجر والشجر أغلبه بالظن الكاذب وسوء الفهم والحسد يتساوى في هذا الهلاك الحكام والشعوب.
نحن نقرأ على سبيل المثال تاريخ الأندلس وكيف سقطت ونسميها تسميات عدة منها مثل: البلد السليب والفردوس المفقود وبلد صقر قريش ودولة الأمويين الثانية وغيرها من التسميات، ولكن هذا السليب الذي سقط لم يقم بالسلم والهون إنما قام بالحرب والشدة والبأس، وعلى ما كان من مؤامرات على الخلفاء لا تحصى عددا، بل جاء عهد ملوك الطوائف بعد العهد الأموي وكيف كانت الدموية بين أبنائه، وهكذا لما جاء عهد المرابطين بعدهم ثم الموحدين لم يهدأ الناس هناك من المؤامرات والقتل والتهجير بل الإلقاء في السجون ونسيانهم حتى الموت أي مثلما يحدث اليوم في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الديار الإسلامية، القتال بين المسلمين وليس مع اليهود وأعداء الملة والأمة.
التاريخ حتى يستفاد منه يجب ألا تقرأ عناوينه وتكتفي بذلك، وإنما يجب أن تقرأ أسطره وما بين السطور.
ولا يعني كلامي هنا ان التاريخ الإسلامي ليس فيه من المفرحات والسرور والعزة والسؤدد، وإنما إلقاء نظرة سريعة على أحوال تلك الممالك في الظلم والفحش والتفحش مع وجود النظام الإسلامي الصوري فيها. ومع كل ما ذكر أردت من وراء ذلك المقارنة اليوم لا غير.
.. والله المستعان.
تعليقات