أحمد الديين يكتب عن الحكومة العقيمة بأسلوب برنامجها المخالف للدستور بموعده

زاوية الكتاب

كتب 562 مشاهدات 0


أسلوب عقيم! كتب أحمد الديين البيان الرسمي الصادر عن الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، وما نشرته الصحف يوم أمس عن برنامج عمل الحكومة يكشفان مدى عقم وسخف الأسلوب الحكومي المتّبع في إعداد هذا البرنامج... إذ يشير البيان الرسمي إلى أنّ مجلس الوزراء استمع إلى شرح حول برنامج عمل الحكومة قدّمه المسؤولون في «وزارة التخطيط» الملغاة حقيبتها الوزارية... وهذا يعني ببساطة أنّ الوزراء جميعهم، أو لنقل معظمهم، كان متلقياً مستمعاً للشرح المقدّم له حول البرنامج، الذي يُفتَرَض أنّه برنامج عملهم... أما الأسخف من ذلك فما نشرته إحدى الصحف عن برنامج عمل الحكومة، والمسؤولية عن هذا السخف لا تقع على الصحيفة بل على الحكومة، حيث أشارت الصحيفة إلى أنّ برنامج عمل الحكومة يتضمن 165 أولوية، وفي رواية أخرى 200 أولوية... ولنا بعد هذا أن نتصوّر أيّة أولويات في برنامج عمل يمكن أن تسمى أولويات، نعم أولويات، إذا كان عددها يبلغ 165 أولوية؟! لندع ما سبق جانباً... الأصل أن تتشكل الحكومات على أساس تصوّرات وتوجهات الشخص المكلّف بتشكيلها، ولكن المتّبع عندنا خلاف ذلك تماماً، حيث يتم اختيار الوزراء ويجري تشكيل الحكومات بمعزل عن وجود مثل هذه الرؤى أو تلك التوجهات، إذ يتم التوزير وتأليف الحكومة وفق أسلوب المحاصصة البائس، وذلك من دون أن يكون هناك أدنى تجانس سياسي بين الوزراء، ومن دون الحرص على أن يمثّل الوزراء فريقاً حكومياً متقارباً في رؤيته ووجهته وأسلوب عمله... ثم تتولى الأجهزة الإدارية في الوزارات المختلفة إعداد برنامج الحكومة، بمعنى أنّ هذا البرنامج لا يُصاغ وفق تصوّرات وزارية أو توجهات سياسية، وإنما يُصاغ وفق تقديرات بيروقراطية، وضمن مهمات القطاعات والإدارات والمراقبات والأقسام في كل وزارة من وزارات الدولة على حدة، ليتولى موظفو «وزارة التخطيط» تجميعها في وثيقة واحدة تسمى «برنامج عمل الحكومة»... لذلك ليس مستغرباً أن يأتي هذا البرنامج ملفقاً وفاقداً لعنصر التجانس، وأن يكون تفصيلياً مسهباً مطوّلاً يفتقد التركيز! يضاف إلى ذلك أنّ هذه الوثائق المسماة ببرامج العمل الحكومية، التي سبق أن اطلعت عليها، مصاغة بعبارات إنشائية تتسم بالعمومية، ولا تتضمن، إلا فيما ندر تحديداً ملموساً للمهمات؛ وترتيباً واقعياً وعملياً للخطوات والإجراءات؛ وهي في الغالب غير مرتبطة بتواقيت زمنية، ولذلك تفقد هذه البرامج قيمتها السياسية والإرشادية والتوجيهية، وتصبح مجرد وثائق منمقة في طباعتها وشكلها وطريقة رزمها يمكن الاحتفاظ بها في الأدراج والتباهي بعرضها في الاجتماعات، ولكن لا فائدة ترتجى من ورائها على أرض الواقع! والأسوأ أنّ هذا كله يتمّ في غياب الرؤية الاستراتيجية التنموية المستقبلية بعيدة المدى للدولة... وفي ظل انعدام التخطيط... وعدم ارتباط الميزانيات السنوية للدولة بأي خطط، بحيث يصبح برنامج عمل الحكومة في أفضل الحالات مجرد تمنيات طيبة! هذا ناهيك عن المخالفة الدستورية المتكررة من معظم الحكومات، المتمثّلة بالتراخي عن تقديم برنامج العمل إلى مجلس الأمة في الموعد الدستوري المحدد، حيث يُفتَرَض أن تتقدم الحكومة به فور تشكيلها... ولكن ها هي حكومتنا الحالية بعد نحو أربعة أشهر من تشكيلها لما تنجز بعد برنامجها الموعود، بل أنّها لا تزال تستمع إلى شرح حوله يقدّمه لها موظفو وزارة التخطيط! باختصار... ما هكذا تُدار الدول؟
عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك