الاستجوابات .. بين مطرقة الضعف الحكومي وسندان الابتزاز النيابي ؟!

محليات وبرلمان

959 مشاهدات 0


بعد انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده النائب أحمد المليفي ظهر يوم الأربعاء الماضي والذي أعلن فيه عن هدنة مؤقتة لمدة 3 أشهر بانتظار ما ستفسر عنه لجنتي التحقيق في ما يختص بالتقرير الوارد من قبل ديوان المحاسبة لمصروفات ديوان رئيس الوزراء , ولجنة التحقيق بتجاوزات كشوفات التجنيس.
وبعد ما نتج من تنازلات حكومية تفاديا ' لاستجواب ' المحمد، أصبحت هناك قناعة لدى البعض من الناخبين أن الأغلبية من النواب يسئ استخدام أدواته الدستورية، ومن أبرزها 'الاستجواب' . وكذلك يظن البعض الآخر من الناخبين أن 'النائب' له الحق في استخدام أداة الاستجواب، متى ما وجد الخطأ حتى يتم معالجته واقتلاعه وإصلاحه وفق الأطر القانونية والدستورية, وهذا ما اتضح جليا في مواقف النواب الذين تم انتخابهم من قبل الناخبين أنفسهم، حيث انقسم النواب أنفسهم إلى فريقين ما بين مؤيد ومعارض لهذا الاستجواب الذي كان ينوي المليفي تقديمه في السادس من نوفمبر الجاري . 
ولهذا نجد أنفسنا جميعا أمام تقبل أراء الفريقين ما بين مؤيد ومعارض, وبالفعل هناك العديد من الاستجوابات شابتها 'المصالح الشخصية والمساومات' وعلى النقيض من ذلك هناك أيضا بعض الاستجوابات كانت في 'محلها ومكانها' واستطاعت حل العديد من المشاكل التي تم مناقشتها في حينها.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك من وسائل أخرى لمعالجة قصور أداء الوزراء وتقاعسهم عن المهام الموكلة لهم على الوجه الأمثل، قبل التلويح بورقة ' الاستجواب ' ؟!
والجواب بطبيعة الحال ربما تكون هناك بعض الوسائل الأخرى متاحة للنواب, ولكن ورقة الاستجواب هي الوسيلة الأمثل لتقويم التقاعس 'الوزاري' خصوصا بعدما وصل بعض النواب إلى قناعة بأن استخدام الأدوات الأخرى قد لا تؤتي ثمارها، وخير مثال على ذلك، هو التأخر المتعمد بعض الأحيان من قبل الوزراء في الإجابة على أسئلة النواب .
 
الجلسات المقبلة, ' قنبلة موقوتة ' ؟!
 
بعد انتهاء الأسبوع الماضي والذي تخلله التلويح لاستجواب رئيس الوزراء وكذلك رفض إعادة التصويت على تشكيل عدة لجان برلمانية، وما شابت تلك الجلسات من مشاحنات نيابية – نيابية , وكذلك مشاحنات نيابية – وزارية, أصبح الناخب الكويتي ينتظر جلسات مجلس الأمة المقبلة في الأسبوع القادم بتفاؤل يشوبه الحذر، مما قد تنتجه تلك الجلسات، لا سيما في ظل إصرار العديد من النواب على إعادة تشكيل اللجان البرلمانية ومنها 'الإسكانية , البدون , المرأة , البيئة' ولعل هذا الإصرار يقابله رفض حكومي معلل بمواد لائحية في مجلس الأمة وقد تفرز هذه المجابهة  نتائج مخيفة في الشأن البرلماني، وأبرز تلك النتائج هي التلويح بورقة الاستجواب من قبل بعض النواب في وجه الوزراء المعنيين كورقة رابحة للتنفيس عن رفض الحكومة لإعادة التصويت من جديد على تشكيل اللجان البرلمانية المذكورة أعلاه, خاصة أن البعض من النواب سوف 'يقاتل' من أجل تشكيل تلك اللجان، لما يرونه بأنها تمثل أهمية قصوى لهم وخاصة لجنتي 'الإسكان والبدون', وكذلك الكثير منهم لا يستطيع البعد عن برنامجه الانتخابي الذي تخلل تلك القضايا، والتي تعني تأخذ الطابع الشعبي وتهم شريحة كبيرة في المجتمع, وإلا أصبحت وعود هؤلاء النواب في نظر ناخبيهم مجرد وعود 'لا تسمن ولا تغني من جوع' وبطبيعة الأمر سوف يعود ذلك بنتائج عكسية في عدم إعادة انتخابهم مرة أخرى وممارسة دورهم التشريعي والرقابي .
أضف إلى ذلك فإنه من المقرر أن تتم مناقشة تقرير اللجنة المالية البرلمانية، التي وافقت بالإجماع على رفض مقترح تنظيم الدواوين، ومن المتوقع أن تشهد مناقشة التقرير مشادات نيابية – نيابية، خصوصا بعد إعلان العديد من النواب عزمهم على تصعيد الأمر، كون هذه القضية من أهم محاور الندوات الانتخابية أثناء الانتخابات الماضية، وكانت من الأسباب الرئيسية في تصعيد الأحداث خلال المجلس الماضي والتي تسببت بحل مجلس 2008م.
 
استجوابات تلوح في الأفق
 
لا يخفى على أحد منا أن هناك العديد من الاستجوابات تلوح في الأفق وآثر بعض النواب الذين ينوون تقديم تلك الاستجوابات القيام بنوع من التهدئة، لربما يتم معالجة قصور أداء المؤسسات المعنية في محاور الاستجواب التي تدور في فلك النواب , ولعل أبرز الاستجوابات التي من الممكن أن نشهدها :  
 
- جوهر والصبيح :
 
النائب  د.حسن جوهر الذي يحمل هموم القضايا التعليمية وقام في هذا المجال بتوجيه كم كبير من الأسئلة البرلمانية لوزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نورية الصبيح  تناول قسم منها  العديد من المخالفات في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والتعليم العالي الذي تتسلم زمام قيادته وكيلة وزارة التعليم العالي د.رشا الصباح منذ سنوات مضت وتعاقب في عهدها العديد من الوزراء، وهي ملمة  في الشأن التعليمي ' التعليم العالي ' وتناولت الكثير من الأنباء الصحفية عن وجود خلاف يتعلق بهذا القطاع الحيوي بين كل من الوزيرة ووكيلتها, وأيضا إبداء النائب جوهر أسفه في الكثير من المناسبات الصحفية عن التجاهل الغير مبرر من قبل الوزيرة الصبيح في الإجابة عن أسئلته البرلمانية وتلويحه بورقة الاستجواب تارة , وتارة أخرى بإعطاء فرصة لإصلاح ' القصور ' في أداء الوزيرة الصبيح قد تدفع تلك العوامل المذكورة بإعادة أحياء استجواب الصبيح من جديد التي من الممكن أن ' ينقص '  مؤيديها عن الاستجواب الماضي الذي قدمه النائب السابق د. سعد الشريع وذلك لحيوية محاور ' الاستجواب '  التي سوف يتناولها النائب جوهر وأبرزها قطاع التعليم العالي و الصراع الدائر بين كل من إدارة جامعة الكويت وجمعية أعضاء هيئة التدريس وهو ما أثر سلبا على الأداء التعليمي وقضايا أخرى تمس الشأن التربوي .
 
- استجواب المحمد والتكتل الشعبي :
 
    أصدرت كتلة العمل الشعبي عدة بيانات على خلفية مشروع ' المصفاة الرابعة ' أكدت خلالها على استجواب 'من يستحق' ما لم يتم تحويل مشروع المصفاة الرابعة إلى لجنة المناقصات المركزية، ولكن الحكومة قامت بتحويل المشروع إلى ديوان المحاسبة بغية امتصاص غضب كتلة العمل الشعبي، إلا أن تحويل عقد المصفاة إلى ديوان المحاسبة لتناول الرأي القانوني أفرز بعض الهدوء من قبل التكتل بعد الموجة العارمة التي أثارها من خلال البيانات الصحفية التي تناولت المخالفات القانونية، ولكنه أبقى الباب مفتوحا إلى حين انتهاء تقرير ديوان المحاسبة، وسبق أن قابله ذلك برد من قبل الوزير المعني وزير النفط والكهرباء د. محمد العليم الذي أصر على عدم وجود أي مخالفة تذكر بالمشروع، مؤكدا على السير في إتمام إجراءات إنشاء عقد المصفاة، ولعل التكتل ينتظر الموقف النهائي للحكومة وهو الموقف الذي سوف يتقرر بعد نتائج تقرير ديوان المحاسبة في إيقاف أو تصحيح الإجراءات القانونية للمشروع ليقرر حينها التكتل موقفه النهائي, وبطبيعة الأمر لن يرضى ' الشعبي '  بأقل من تحويل المصفاة الرابعة إلى لجنة المناقصات وهو ما تشير إليه جميع التوقعات، خصوصا بعد تسريب ماتضمنته المذكرة القانونية في ديوان المحاسبة، والتي أشارت إليها بوقت سابق،  وما لم يتم تحويل المشروع إلى لجنة المناقصات، ستكون منصة الاستجواب بانتظار رئيس الوزراء للمرة الثانية خلال دور الانعقاد الحالي، وقد يضاف له محور آخر يتعلق بنتائج انتخابات مجلس الأمة 2008 والفرز الآلي , والطعون الانتخابية وأحكام القضاء وخاصة بعد إعلان المحكمة الدستورية بطلان عضوية الوعلان وبن شرفان وفوز عسكر العنزي وسعدون حماد , حيث يرى التكتل أن رئيس الوزراء هو المسئول الأول والأخير عنها بشكل عام، وعن مشروع المصفاة الرابعة بشكل خاص،  بعد قيام مجلس الوزراء وليس الوزير العليم بتحويل المشروع إلى ديوان المحاسبة، وكون المحمد أيضا يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للبترول.
 
- باقر ونواب آخرين :
 
 لعل قيام مجلس الوزراء بإعفاء وزير التجارة والصناعة د. احمد باقر عن مهامه في اللجنة التي تم تشكيلها لبحث أزمة البورصة وإسناد تلك اللجنة إلى محافظ البنك المركزي جعل الغضب النيابي أقل شدة في ظل ما شهدناه في فترات سابقة لتناول النواب في تصريحاتهم الصحفية اتجاه الوزير باقر وتحمليه عدم قيامه بأية إجراءات ملموسة لمعالجة أزمة الغلاء وتهديد البعض منهم للوزير بالاستجواب , ولعل تلك الخطوة من قبل الحكومة بإعفاء الوزير باقر من اللجنة المشكلة المذكورة هو ' تكتيك حكومي بحت ' للنأي بالوزير عن مواجهات نيابية – حكومية, ولكن من الممكن قد نشهد إحياء ' استجواب باقر ' من جديد لأي تطورات جديدة  تتعلق بمشاكل تمس قطاعات كلتا الوزارتين ' التجارة والصناعة '.

تلك الاستجوابات 'المؤجلة' هي غيض من فيض, ولا ننسى انه هناك ' تهويشة ' استجوابية من قبل النائب د. جمعان الحربش تجاه وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ولعل أبرز دلاله على ذلك تصريح الحربش الأخير الموجه للوزير المبارك بالقول ' التعاون لا يكون من طرف واحد ' وهنا نستشف لدلالة واضحة أن القادم من الأيام يحمل الكثير في جعبة النائب الحربش لملفات 'وزارة الدفاع' .
 
وأخيرا يبقى الاستجواب هو حق دستوري كفله الدستور لكل نائب ارتضته الجموع الانتخابية لكي يمثلهم تحت قبة عبدالله السالم، وما علينا سوى احترام هذا الحق الدستوري, ولكن هذا الحق الدستوري يستخدمه البعض ' كلعبة ' انتخابية حتى قبل الوصول إلى قبة البرلمان كنواب, ولعل الندوات الانتخابية اكبر شاهد على  هذه ' اللعبة ' من خلال 'الصراخ الانتخابي' باستجواب الوزير الفلاني, وحين ينال المرشح مراده بالوصول إلى ' الكرسي الأخضر ' نجد البعض منهم قد نسي وعوده حتى وإن كان على حق في استجواب الوزير الذي كان يعنيه .
إن الواقع البرلماني المرتبط بجزئية الاستجوابات أصبحت محل مساومات من البعض ولا احد ينكر ذلك , يقابله في الاتجاه ذاته استجوابات 'جادة' تتناول محاور تتعلق بقضايا مهمة وتمس الواقع المحلي وتهم المواطن الكويتي، الذي لا يهمه سوى الإنجاز حتى تزخر ' الكويت ' على جميع الأوجه والأصعدة .

الآن - تقرير - أحمد السالم

تعليقات

اكتب تعليقك