عن معارك معرض الرياض للكتاب!.. يكتب خليل حيدر
زاوية الكتابكتب مارس 20, 2015, 1:13 ص 477 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / معارك وصخب.. في معرض الرياض للكتاب
خليل علي حيدر
أبرز معرض 2015 للكتاب في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية كل ما يدور في الوسط الثقافي والحياة السعودية العامة من تساؤل وحيرة! بل ان احد المثقفين السعوديين الروائيين وهو محمد المزيني ابدى يأسه العلني من استفادة الناس من مطالعة الكتب التي يشترونها، فكان مقاله بعنوان «لا تقربوا معرض الكتاب»، والذي يجلد فيه نفسه والمجتمع قائلا: «اننا لا نبحث عن الكتاب الا من اجل اشباع شهواتنا الشخصية التي تعزز قناعاتنا بأنفسنا، أو من اجل تكريس فكرة نؤمن بها تمكننا من الوقوف امام خصومنا لمجالدتهم أو محاربتهم، بمعنى اننا قد لا نبحث الا عن الكتب السود، التي تملأ تجاويف عقولنا بظلمة اخرى، تحجب عن أعيننا رؤية الحقائق المحضة، ومن أولى هذه الحقائق ارادة الانسان الحرة، واحترامه، لذا لا نبحث عن الكتب التي تغوص في جوهر الانسان» (الحياة، 2015/3/4(.
بأي وتيرة ينبغي للمجتمع السعودي ان يتطور اليوم بعد انفتاحه خلال السنوات الاخيرة كي يلحق بالعصر؟ وكيف يمكنه الجمع بين ثقافته الدينية المحافظة وما يشهد العصر من تحولات وتقلبات؟ احدى محاضرات معرض الكتاب كانت بعنوان «القبيلة بين مساوئ التعصب وفضيلة الانتماء»، شارك فيها جمع من مثقفي المملكة، من بينهم د.مرزوق ابن تنباك، الذي اكد خلال مداخلته «ان المجتمع السعودي يعيش حاليا في دولة مدنية، وأن المواطنة حلت محل القبيلة»، مبينا ان الشعب كان في الماضي «يسمى رعية اما اليوم فهم مواطنون يتطلعون لان يحكمهم النظام من دون تمييز حتى تذوب روح العصبية القبلية» (الحياة 2015/3/8(.
كان معرض الرياض الذي شارك فيه اكثر من 900 دار نشر من اكبر المعارض العربية الثقافية بلا ريب، وقالت احدى دور النشر العراقية المشاركة «ان حجم المبيعات في اليوم الواحد في معرض الرياض الدولي للكتاب يعادل المبيعات الكلية لمعرض كتاب في دول اخرى»، وقد زار المعرض الذي امتد عشرة ايام اكثر من مليون زائر.
وقد لاحظت بعض الصحف تراجع الاقبال على الروايات والاشعار والقصص، مع زيادة ملحوظة على كتب الفكر والفلسفة والتاريخ والاسلام السياسي والكتب الهندية.. ربما بسبب العمالة الهندية! ولاحظت كذلك «اقبالا نسائيا على الروايات التركية ربما بتأثير المسلسلات»، وكذلك «ارتفاع القوة الشرائية لرواد المعرض»، وبلغت الكتب الموقعة حتى آخر يوم اكثر من 250 توقيعا لكُتّاب وكاتبات، ولم يحاول فنانو المملكة التشكيليون اثارة المشاكل، فضمت اغلب لوحاتهم ال31 «فنون الخط العربي وفن الحروفيات وتضمنت آيات قرآنية وادعية وحروفا عربية». (الشرق الأوسط 2015/3/15(.
كانت «جنوب افريقيا» ضيفة شرف المعرض، غير ان معرضها خلا من أي كتاب مترجم الى اللغة العربية، وقد اكتشف الزوار كما جاء في الصحف ان «جنوب افريقيا لم يسعفها الوقت الذي كان ضيقا ومحدودا لعمل الترتيبات اللازمة، اذ لم تتبلغ قرار اختيارها سوى قبل انطلاق المعرض بأيام معدودة».
لم يخل هذا المعرض من مشاكل «الحسبة الدينية» ورجالها، واشتكت الصحف من ان «المظاهر التي عبر عنها المحتسبون في الندوات التي ضمها برنامج المعرض لم تنم عن أي رغبة في التعايش، في اصرار على عدم تفهم وجهة النظر الاخرى، حتى ولو اصبحوا في خندق واحد مع تنظيم داعش»، فالتشكيلية السعودية نجلاء السليم التي كانت مشاركة في احدى الندوات اشتكت من ان المحتسبين كانوا يحاصرونها، وطُلب منها عدم الصعود الى المنصة لإلقاء ورقتها، والقيام بذلك من المكان المخصص للنساء، وما كان منها الا ان رفضت املاءات الجهة المنظمة، مفضلة مغادرة القاعة على ان تشارك في غرفة النساء.
وقد انسحب الشاعر أحمد السيد عطيف من الامسية الشعرية بسبب منع النساء من دخول القاعة، حيث اعتبر عطيف ان «منعهن فيه استهتار بقيمة الحضور وبقيمة السيدات»، وخرج من القاعة وتبعه عدد من الحضور متضامنين معه، غير ان بعض الحاضرين استاء من انسحابه، وقالوا «كان عليه البقاء احتراماً لمن جاء ليسمع شعره» (الحياة 2015/3/13(.
وقد تفجر الموقف في فعالية ثقافية اخرى على نحو مؤسف وذلك في ندوة «الشباب والفنون.. دعوة للتعايش» وشهدت الندوة صخباً أدى لايقافها بعد ان قاطع محتسبون دينيون المحاضر الدكتور معجب الزهراني اثناء تنديده بتدمير تنظيم داعش للاثار الحضارية في الموصل بالعراق، وكتب ميرزا الخويلدي في الشرق الأوسط، 2015/3/9: «اعتبر الدكتور معجب الزهراني تدمير الآثار في العراق وغيرها اعتداء على الارث الانساني، الا ان اشارته للتسامح الاسلامي ازاءها لم تقنع عددا من المحتسبين الذين ثاروا في وجهه معترضين على تنديده بتدمير الاثار، معتبرين انه يدافع عن اصنام نبذها الاسلام».
وقال الدكتور معجب الزهراني ل«الشرق الاوسط»: انه فوجئ بمجموعة من المحتسبين يعترضون على كلامه حين قال ان التماثيل والشواهد والاثار ظلت باقية خلال العصر الاسلامي على مدى 1400 عام دون ان يمسها احد بسوء قبل ان يأتي هؤلاء السفهاء ليدمروا التراث الحضاري «في اشارة لتنظيم داعش في العراق».. فانبرى بعض المحتسبين ليصرخوا في وجهه بان ابراهيم الخليل حطم الاصنام.. ثم ارتفعت الاصوات.
وفي تعليق له على الحادث قال الزهراني ل«الشرق الأوسط»: ان هناك فئات من هذا المجتمع السعودي العريق لا يطيقون الحديث عن الفن ولا يدركون اهمية الجمال في الحياة.
وقال احد المحتسبين ان الاصنام تعرضت للتدمير منذ ابراهيم الخليل حتى نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي حطم الاصنام حين دخوله مكة، وحين قال المحاضر ان هناك فرقا شاسعاً بين الامرين ارتفعت الاصوات وتدخل عدد من المحتسبين لمناصرة صاحبهم الامر الذي ادى الى قطع المحاضرة بعد ان صعد المعترضون الى المنصة ونادوا للصلاة.
تعليقات