لا حكو بالحق حيين الضمير! .. بقلم عبدالكريم الشمري
زاوية الكتابكتب عبدالكريم الشمري ديسمبر 30, 2014, 4:25 م 1407 مشاهدات 0
يسهل الابتداء في الكلام على قصيدة اللقب للمرحوم الأمير طلال الرشيد ويصعب جدا الانتهاء منه؛ لفرط جمالها،فكل بيت في هذه القصيدة الشامخة يسلم الراية للذي بعده وتحتار جدا إذا أردت تفضيل بيت على آخر في هذه القصيدة العصماء…ولكن من الأبيات التي استوقفتني كثيرا في هذه القصيدة الرائعة قوله:
بالوفا تاريخٍ أبيض ينتصب…
لا حكو بالحق حيين الضمير…!
فالأمير رحمه قرر بأن سماع تاريخهم الأبيض المشرف لمن يريد سماعه مرهون بأخذه من 'حيين الضمير'…أما أخذه من ميّتي الضمير فسيقلبه رأسًا على عقب ويشيطن كل محاسنهم ويضخّم كل مساوءه التي لا يكاد يخلو منها أي طور لأي دولة على مدار التاريخ…!
والحقيقة أن ربط الأمير سلامة التاريخ بسلامة ضمائر كتّابه وناقليه ينم عن وعي عظيم بمسار التاريخ الإنساني…فلم يعانِ التاريخ الإنساني على طول مساره من شيء كمعاناته من أزمة الضمير…!
فأزمة الضمير هي التي جرأت ضعاف النفوس على وضع أسماءهم في الصفحات المشرفة في سجل التاريخ…!
وأزمة الضمير هي التي جرأت عديمو الشرف والمروءة على اصطناع تاريخ مخزٍ مختلق لأشخاص وبيوتات محددة لمجرد الانتقام الشخصي…!
وأزمة الضمير هي التي جرأت عديمو الحياء على نسبة المخازي لعادات وتقاليد الدول التي عرف لها تاريخها المشرق في التدين وخدمة القضايا الإسلامية…!
ولو أردنا تتبع آثار أزمة الضمير على التاريخ لخرج المقال عن مقصده في الإشارة إلى الإسهاب وهذا مالا أُريده!
ولكن مما يريح أصحاب الضمائر الحية أن تطفل ميّتو الضمير على التاريخ يشحذ هممهم على قراءة التاريخ مرة أخرى وايقاف الناس على الحقائق التي حاول ميتو الضمير طمسها واظهار خلافها…وهذا بحد ذاته مكسب…فلولا وجود ميتو الضمير لتهاون أصحاب الضمائر الحية واتّكلوا في نقل التاريخ على غيرهم…ولكن رؤيتهم لميّتي الضمير وهم يشوهون التاريخ يشعرهم بأن تصحيح الحقائق أصبح واجبا عيّنيًّا عليهم…!
أضف إلى ذلك أن تطفل ميّتو الضمير على التاريخ واختلاق التاريخ العظيم لأنفسهم يستحث الناس على تتبع تاريخهم الحقيقي وحفظه…فلولا تطفلهم لتجاهلهم الناس ونسوا تاريخهم…ولكنهم تطفلوا فانتبه الناس لهم…!
وهكذا اقتضت حكمة أن كل مصيبة تصاب بها البشرية تحمل في طيّاتها مسليات لذوي النفوس العظيمة…الذين لا يشغلهم هول المصيبة عن التدبر في مآلات الأمور!.
عبدالكريم دوخي الشمري
تعليقات