لا أمل في إصلاح البورصة ما دمنا غير صالحين سياسياً!.. برأي فهيد البصيري

زاوية الكتاب

كتب 671 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  بورصة.. ولكن للخسائر!

د. فهيد البصيري

 

لقد تألمت كثيراً لما لحق بالمساهمين في البورصة، ولا يوجد حل إلا في إغلاقها! لأنه لا أمل في إصلاحها، ما دمنا غير صالحين سياسياً.

وكم، وكم حذرت من الدخول لسوق البورصة إلا للنزهة، وقلت «الداخل فيها مفقود، والخارج منها مولود» ولكن لا فائدة، ولو أن صغار المستثمرين قرأوا بعض ما كتبت وكتب غيري لهم عن البورصة ودهاليزها، لعرفوا أنهم إنما يضعون أموالهم في (قربة مشقوقة)، وأدركوا أنه لا يوجد سوق حقيقي للبورصة، وأن غالبية الشركات يتحكم فيها بعض التجار لأنهم يمتلكون الحصة الأكبر من الأسهم فيها، وبالتالي خلا لهم الجو وأصبحوا رؤساء مجالس إدارات، وراحوا يلعبون بفلوس المساهمين، أي فلوسي وفلوسكم وعلى كيفهم وبلا حسيب ولا رقيب.

ثم إنني أستغرب الدعوات المستميتة لتدخل الحكومة في سوق الأسهم، وكأننا في دولة شيوعية والعياذ بالله، وتناسوا أن النظرية الرأسمالية تقول «دعه يعمل دعه يمر»، وأننا في الكويت طورناه إلى «دعه يعمل دعه يغش»، كما تجاهلوا إحدى قواعد النظرية الرأسمالية الظريفة والتي تؤمن بما يسمى اليد الخفية

للسوق، وتقول إن «هذه اليد يمكنها أن تجعل الأسعار عادلة بسبب تعادل العرض والطلب»، ويبدو أننا نطبق هذه النظرية في الكويت بحرفنة ودهاء فهناك فعلا أيادٍ خفية وراء سوق الأسهم الكويتي، وعموما مشكلة الشركات المساهمة مشكلة أزلية وأساس المشكلة هو موضوع «الوكالة»، أي أن المساهمين يكلفون مجلس الإدارة لشركة ما بإدارة أملاكهم، أو أسهمهم نيابة عنهم.

وهذه المشكلة ليست قصرا على الكويت بل هي مشكلة عالمية، والدول الرأسمالية المتقدمة في كل يوم تضع تشريعا جديدا للحد من نفوذ مجالس الإدارات ومحاسبتها، ولكن الوضع في الكويت مختلف فلا أحد يستطيع محاسبة أحد، والمديرون لدينا «مرفوع عنهم القلم» وغير مسؤولين قانونيا عن خسائر الشركات أو أعمالها، ولا توجد لوائح وقوانين تنظم العملية، ومع تقديري ومحبتي لهيئة أسواق المال إلا أنها ستجد نفسها أضعف من أن تسيطر على مجالس هذه الشركات، فهم أصحاب المال، وهم أصحاب اليد العليا في السياسة، ولن يرضوا بأي إجراء يقلل من صلاحياتهم أو يحد من جرأتهم على استغلال غفلة المساهمين!

ولذا أنا شخصيا ليس لدي مانع في إغلاق سوق الأسهم، ولو موقتا حتى ينصلح حاله، وصحيح أنه أمر صعب جدا ومؤلم للمساهمين والشركات، ولكن آخر العلاج الكي، والجيد في الأمر أنه يمكن تطبيقه دون أن تهتز شعره في لحية اقتصادات الدولة، فالبورصة في الكويت ليست لها علاقة بالاقتصاد الكويتي، ولا بالمواطنين، لا من قريب ولا من بعيد، والسبب أن ميزانية الدولة تعتمد على البترول فقط، كما أن هذه الشركات لو شمَّعناها بالشمع الأحمر فلن يتأثر مستوى البطالة في البلد، بل إن سر بقاء بعض هذه الشركات، أنها تعيش على نهب أموال المساهمين وعلى الانفاق الحكومي، ومع ذلك لا تدفع قرشا واحدا للدولة، لذا من الممكن أن نعيش من دونها وفوق ذلك لن نخسر مدخراتنا

وإذا لم تقتنعوا بكلامي، ولا تزال مؤشرات البورصة تسري في عروقكم، فيجب أن تعلموا أن الاستثمار في الأسهم يعتبر مقامرة بكل المقاييس الاستثمارية، ولكنه في الكويت والدول المتخلفة عموما يزيد «حبتين» فهو مقامرة «وشوية» غش، فإذا نجوت من المقامرة فلن تنجو من الغش!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك