تقديس الأفراد والأحزاب والجماعات عندنا يفوق الحرص على وحدة الصف!.. الحساوي مستنكراً
زاوية الكتابكتب ديسمبر 16, 2014, 12:59 ص 456 مشاهدات 0
الراي
نسمات / ليت الربيع العربي تأخر 50 سنة!
د. وائل الحساوي
لو لم تكن ثورات الربيع العربي قد جاءت بغتة وبغير تخطيط من العرب لكنت قد نصحت القائمين على تلك الثورات بالانتظار عشرين سنة قبل البدء بها !
ولو لم تكن الحركات الإسلامية قد وجدت نفسها في وسط المعمعة ومضطرة للمشاركة في تلك الثورات لكنت قد نصحت القائمين عليها بالانتظار خمسين سنة قبل التحرك.
إن من يعلم بحقيقة أوضاعنا الراهنة يدرك بأننا لانزال بعيدين عن إمكانية حكم أنفسنا - بفرض أننا نملك قراراتنا ولا يتدخل أحد في فرض إملاءاته علينا أو التحكم بمصائرنا - وبالطبع فإن هذه الفرضية ساقطة تماماً لأننا محط أطماع كثير من دول العالم التي ترانا مجرد كعكة لذيذة سهلة الهضم !
لا نريد أن نكرر قصة اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة ووعد بلفور، ولكن لنا أن نتصور حقيقة ما يفكر به أعداؤنا والدول التي مازالت تتحكم بمصائر الشعوب، فقد كان العرب متحمسين خلف زعيمهم الكبير (الشريف حسين) لدعم الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وغيرهما) في حربهم ضد الدول العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وقد وعدوهم بإعطائهم حرياتهم، واستقلالهم حالما تنتهي الحرب وتنهزم الدولة العثمانية، ثم وفي خلال الحرب اتفق أساطنة الدهاء على تقسيم الدول العربية في ما بينهم وأخفوا معاهدتهم طوال فترة الحرب إلى أن كشفتها روسيا عام 1917.
لقد تعاملت الدول الغربية معنا خلال فترة الربيع العربي بالدهاء نفسه - لا ندري إن كان هنالك اتفاقيات مكتوبة بينهم - ولكننا استفقنا لنجد بأننا قد درنا في حلقة مفرغة ثم رجعنا إلى المربع الأول بعد أن سفكت دماء الآلاف من البشر، ولقد كانت تلك الثورات مزيجا من الفوضى فلا تدري الحشود لماذا احتشدت ولا المنتصرون ماذا يفعلون بعد سقوط الأنظمة التي خرجوا عليها وهكذا !
المشكلة الأهم في الربيع العربي هي أن تقديس الأفراد والأحزاب والجماعات عندنا يفوق بكثير الحرص على وحدة الصف ونبذ الخلاف، بل إن التقديس يمتد للأموات حتى بعد موتهم قصاصاً مثل صدام حسين والقذافي وغيرهما.
كتب الشاعر أحمد مطر شعراً طريفاً حول الأحزاب في بلادنا يمثل الواقع المأسوي الذي نعيشه.
المنشق
أكثر الأشياء وفي بلدتنا
الأحزاب
والفقر
وحالات الطلاق.
عندنا عشرة أحزاب ونصف الحزب
في كل زقاق!
كلها تسعى إلى نبذ الشقاق !
كلها تنشق في الساعة شقين
وينشق على الشقين شقان
... وينشقان على شقيهما
من أجل تحقيق الوفاق !
جمرات تتهاوى شرراً
والبرد باق
ثم لا يبقى لها
إلا رماد الاحتراق !
* * *
لم يعد عندي رفيق
رغم أن البلدة اكتظت
بآلاف الزقاق!
ولذا شكلت من نفسي حزباً
ثم إني
- مثل كل الناس -
أعلنت عن الحزب انشقاقي !
... وللحديث بقية بإذن الله
تنويه مهم
أرسل لي الشيخ الفاضل ناصر شمس الدين تنويهاً على خطأ وقعت فيه في مقالي يوم الأحد الماضي، أنشره كما ورد:
«قلت في معرض الحديث عن الدنيا: (بل هي تتقلب بأهلها كما تشاء، ترفع من تشاء وتخفض من تشاء وتعز وتذل من تشاء) ولا يخفى أن هذه كلها من أفعال الله لا يجوز نسبتها لمخلوق، والحياة الدنيا مخلوق من مخلوقات الله يصرفها كيف يشاء، والآية التي نقلتها (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا...)، فالأمر لله والمشيئة مشيئته، والمنفّذ هو الأرض والحياة الدنيا وسائر الخلق»، والله أعلم.
جزى الله خيراً شيخنا الفاضل على تنويهه.
تعليقات