نشتري كهرباءنا ومياه شربنا عن طريق المقايضة!.. خليل حيدر مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 652 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  قلة ماء.. أم كثرة بشر!

خليل علي حيدر

 

مشكلتنا مع النفط لا تنحصر في احتمالات نضوبه او تدهور اسعار براميله فحسب، بل تمتد حتى الى الماء الذي نشربه، فالكويت تنفق اليوم نحو %12 من النفط المنتج لتغذية محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء، فنحن نشتري كهرباءنا ومياه شربنا عن طريق المقايضة! وتتوقع بعض الدراسات ان ترتفع هذه النسبة لتبلغ نحو %50 بحلول عام 2050، اي بعد 35 سنة، والى جانب هذه الخسارة البترولية والمادية، حيث تنفق الدولة نحو مليار و300 مليون دينار سنويا لتشغيل وصيانة هذه المحطات، يقول مدير ابحاث المياه في معهد الكويت للابحاث العلمية عدنان اكبر، ان الابحاث العلمية التي اجريت لصالح وزارة الكهرباء والماء في العام 2009، قد بيّنت اننا ندفع كذلك ثمنا بيئيا يهدد صحتنا، حيث «ان محطات تحلية المياه وتوليد الطاقة تنفث في الجو نحو 230 مليون طن من الانبعاثات الغازية (اكاسيد النتروجين والكبريت والكربون) وهو ما يشكل تهديدا بيئيا خطيرا ينبغي الالتفات اليه والحد من آثاره، لاسيما ان دولة الكويت وسائر دول مجلس التعاون الخليجي ملزمة دوليا بالتقيد بكمية الانبعاثات الغازية التي تنتجها محطات التحلية وتوليد الكهرباء». (مجلة التقدم العلمي، اكتوبر 2014، ص15-12).
وتعاني كل الدول الخليجية من ظاهرة هدر المياه العذبة، ففي دولة الامارات، يقول باحث في ابوظبي، د.عماد سعد، «يبلغ متوسط استهلاك الفرد من المياه 550 لترا من الماء العذب يوميا، في حين ان متوسط استهلاك الفرد من المياه على مستوى العالم يراوح بين 330-170 لترا». (ص55).
وتقول المجلة الشهرية التي تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في الكويت، ان استخدام انبوب المياه لغسل السيارة، وهي ظاهرة تمارس على نطاق واسع في الكويت ودول خليجية اخرى، يستهلك من 60 الى 100 غالون ماء، وان الاستحمام باستخدام الدش يستهلك خمسة غالونات وغسالة الملابس ما بين 20 و30 غالونا. وقد يتساهل الكثير منا، مع عُطل الصنبور ونقط الماء التي تنزل قطرة قطرة. ولكن الكمية هنا 34 غالونا كل شهر! واذا افترضنا ان عدد سكان دولة ما ثلاثة ملايين نسمة يهمل %1 فقط من سكانها الصنبور الذي يقطر من الماء، فان الناتج على مستوى الدولة يكون مليوناً و200 الف غالون من الماء المهدر في الشهر، واكثر من 12 مليون غالون سنويا! اما هدر المياه عن طريق تلف الانابيب تحت وفوق الارض، او صنابير الماء «المنسية» في البيوت والمؤسسات.. فلا حصر لها!
وتحذر الكاتبة «اقبال الاحمد» مثل غيرها ومنذ سنوات، من مخاطر هدر الماء بعد ان تصدرت الكويت والسعودية دول العالم.. في هذا المجال، «فالفرد الواحد فيهما يهدر اكثر من 500 ليتر يوميا من المياه وتضيف: «يقول الخبير الدولي انه خلال السنوات الثلاث المقبلة ستنخفض حصة الفرد العربي من المياه العذبة الى ما دون 500 متر مكعب بالسنة، ونحن في الكويت والسعودية نستخدم 500 لتر من المياه يوميا. ما عليكم سوى ان تصفّوا 500 قنينة ماء سعة ليتر واحد امامكم لتتصوروا حجم الفاجعة التي نعيشها.. فإذا كان في البيت خمسة اشخاص، ومن يعمل لديهم اربعة بين سائق وطباخ وخادم، يكون المجموع تسعة، في هذا البيت يستهلك يوميا 4500 لتر». (القبس 2011/12/31).
ونشرت «الوطن» في 2011/3/23 ان الكويت «دخلت حزام الفقر المائي بعد ان جاءت في المركز الثاني ضمن قائمة تضم 15 دولة تواجه مخاطر نقص المياه وفق مؤشر مخاطر الامن المائي الذي تصدره مؤسسة «مابل كروفت» البريطانية العالمية المتخصصة في بحوث المخاطر الدولية والذي شمل 162 دولة».
وقد تصدرت موريتانيا القائمة، وجاءت في المركز الثالث والرابع الاردن ومصر. والعجيب ان العراق، بلاد الرافدين، جاءت في المركز السابع والسعودية في المركز 13. واضاف التقرير ان من بين دول «منظمة اوبك» هناك دول تواجه اقصى درجات المخاطر بسبب نقص المياه وهي الجزائر والكويت وليبيا والسعودية والامارات.
وفي هذه الاخيرة، «حذرت هيئة البيئة في ابوظبي من ان الاستهلاك الكلي للمياه في الامارة يزيد على الانتاج بنحو 26 مرة، فيما ستنضب موارد المياه الجوفية بالكامل خلال الـ20 الى الـ40 سنة المقبلة، اذا ما استمر الاستهلاك وفق المعدل الحالي، ويتراوح معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه من 520 الى 600 لتر، اي ضعف المعدل مقارنة بكثير من البلدان المتقدمة».
واضافت صحيفة الاتحاد الاماراتية في هذا المقال، متناولة ما هو خطر على سائر الدول الخليجية فقالت (2012/1/1): «يشير العلماء وفقا لتقرير اطلس المياه الى ان المستويات المرتفعة للملوحة قد بدأت في ابطال التبادل الطبيعي لمياه البحر بين الخليج العربي وبحر العرب عند مضيق هرمز، كما ان عدم الخلط الكافي لمياه الخليج يؤدي الى ان تتراكم في مياهه الملوثات الناتجة عن محطات التحلية والمخلفات الصناعية التي تضر بالحياة البحرية وصحة الانسان، ويبين التقرير ان المحطات المشتركة لتوليد الكهرباء والتحلية تنتج نحو 13 مليون ونصف المليون طن من الغازات والجسيمات العالقة سنويا. مشكلة نحو %36 من الانبعاثات الكلية في ابوظبي وتنبعث كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري نتيجة لحرق الوقود في هذه المحطات، وتعتبر هذه الانبعاثات عوامل مؤثرة في تغيير المناخ، بخاصة في ظروف الاحتباس الحراري العالمي».
ومن «غرائب» المنطقة الخليجية، ان الزراعة تستخدم %80 من المياه المستهلكة في دول مجلس التعاون، علما بان مساهمتها في الناتج الاجمالي المحلي لكل دولة قليلة، وفي بعض الدول الخليجية مساحات خضراء شاسعة، في ميادين الغولف وضمن المجمعات السكنية، وينصح الخبراء بالتوسع في مياه المجاري المصفاة او المياه المعاد استخدامها وبخاصة للزراعة وصيانة المساحات الخضراء، نظرا لانها تكلف ثلث ما تكلفه المياه المقطرة، كما يمكن استخدامها في التبريد عموما بما في ذلك تبريد معدات توليد الطاقة في المنشآت الصناعية. (القبس 2012/1/24).
ويضيف التقرير نفسه ان تكلفة تحلية المياه قد انخفضت خمس مرات منذ عام 1979، ولكنها لاتزال عالية حيث تستهلك من الطاقة ثماني مرات اكثر من مشاريع المياه السطحية، الى جانب مؤثراتها السلبية على البيئة البحرية.
وتشير باحثة الى تأثير العامل السكاني والديموغرافي على صعيد العالم العربي في تزايد استهلاك المياء وتقول المديرة المساعدة لبرنامج الامم المتحدة السيدة «سيما بحوث» في الحياة، 2013/11/28، ان سكان المنطقة العربية قد «تضاعف عددهم ثلاث مرات من 128 مليون نسمة في عام 1970 الى اكثر من 360 مليونا اليوم.. الى 634 مليون نسمة – تقول التوقعات – بحلول عام 2050».
كنا في الجوع وندرة الغذاء.. صرنا في العطش وشح الماء!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك