الرابحون والخاسرون في أزمة النفط!.. بقلم عبد الله النيباري
زاوية الكتابكتب ديسمبر 10, 2014, 1:14 ص 1375 مشاهدات 0
القبس
انخفاض أسعار النفط.. الخاسرون والرابحون
عبد الله النيباري
بعد قرارات دول «أوبك» بعدم تخفيض الإنتاج وتدهور أسعار النفط، يبرز السؤال: مَن الرابحون ومَن الخاسرون، نتيجة لهذه التطورات؟
الرابحون، بطبيعة الحال، هم المستوردون للنفط، وهذا يشمل الدول الغنية والفقيرة، لكن معظم الواردات تذهب إلى الدول الغنية، فمن أصل مجموع الواردات 42 م. ب. ي (مليون برميل يومياً) يذهب 35 م. ب. ي، أي 81 في المئة إلى الدول الغنية، و19 في المئة فقط إلى الدول الفقيرة، وهذا يعني أن المستفيد الأكبر من انخفاض أسعار النفط هو الدول الغنية، وربما الدول المتوسطة، وهذا يعني أن هذه تربح 1.4 مليار دولار يوميا، ما يعادل 42 مليار دولار شهريا، وإذا امتدت فترة الانخفاض، فسيكون ربح هذه الدول 252 ملياراً لمدة ستة أشهر، و504 مليارات دولار لمدة سنة، وأكبر الرابحين هو الولايات المتحدة، المستورد الأكبر للنفط، (6 ملايين برميل يوميا)، 240 مليون دولار يوميا، و7 مليارات دولار شهريا، وإذا امتد الانخفاض لستة أشهر، فسيكون ربحها 43 ملياراً، و86 ملياراً إذا امتد لسنة.
وفي المقابل، فإن الخاسر الأكبر هو دول «أوبك»، التي يبلغ حجم صادراتها 29 مليون برميل يوميا، وستكون خسارتها 1.2 مليار دولار يوميا، و35 مليار دولار شهريا، و210 مليارات دولار كل ستة أشهر، و417 مليار دولار سنويا.
هذه التقديرات مبنية على أساس انخفاض الأسعار حتى الآن من 110 دولارات للبرميل، إلى أقل من 70 دولارا، ولكن الأسعار ما زالت تواصل انحدارها، ولا أحد يعرف ما القاع الذي ستتوقف عنده؟ ففي عام 1986 هوت الأسعار من معدل 35 دولاراً للبرميل إلى أقل من 10 دولارات، وفي عام 2008 انخفضت الأسعار من أعلى معدل وصلت إليه، وهو 140 دولارا إلى 35 دولاراً.
دول «أوبك» منها الغني، وهي دول الخليج العربي، ومنها الوسط والفقير، وتشمل بقية الدول.
دول الخليج تستطيع تحمُّل الخسائر لفترة، حتى لو طالت لسنة أو أكثر، باعتبار أنها تملك أرصدة كبيرة مستثمرة في الأسواق الدولية تستطيع السحب منها أو الاقتراض بضمانها، لتغطية العجز في الميزانية، إذا ما تحقق، لكن الدول الأخرى ستواجه عجزا ماليا كبيرا في موازناتها، مما يؤدي إلى أزمات اقتصادية.
وقد بررت الدول المعارضة للتخفيض بالمراهنة على آليات السوق التي ستصحح الانخفاض، وتعتقد أن الأسعار ستعود إلى التوازن بعد فترة وجيزة.
وهناك تقارير صحافية تقول: إن دول «أوبك»، لا سيما السعودية، ستخوض حرباً مع إنتاج النفط الصخري الذي يعد المسبب الأساسي لانخفاض الأسعار، فقد ارتفع إنتاج هذا النفط من مليون برميل عام 2005 إلى 3.5 ملايين برميل يومياً عام 2013، ويتوقع أن يزداد إلى 4.5 بنهاية عام 2014، وسيواصل الارتفاع بإضافة 1.3 مليوم برميل يومياً في كل سنة.
هذا التطور إلى جانب ارتفاع إنتاج الغاز أدى إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى نحو 9 ملايين برميل عام 2013 من نحو 5 ملايين برميل يومياً عام 2005، وانعكس ذلك بتخفيض استيرادها من النفط من 12 مليون برميل يومياً عام 2005 إلى 6 ملايين برميل يومياً عام 2013.
حرب {أوبك}
والسؤال، هل ستؤدي حرب «أوبك» ضد النفط الصخري في أميركا إلى تراجع إنتاجي؟
تقول التقارير: إن الاستثمارات الجديدة في استخراج هذا النفط تعتمد أسعارا بين 60 - 90 دولاراً لكي تغطي تكاليف الإنتاج وتحقق الأرباح.
لذلك، تعتقد دول النفط أنه كلما اقترب السعر من 60 دولاراً، فإن ذلك قد يؤدي إلى تخفيض إنتاج النفط الصخري أو توقفه، ولكن هذا قد ينطبق على الاستثمارات الجديدة والإنتاج من الحقول الهامشية، إذ إن التقارير تقول إن ذلك قد ينطبق على %5 من الحقول. أما النسبة الأكبر من الحقول، فتتراوح تكاليفها بين 40 و55 دولاراً أو حتى أقل.
تمييز
ويقول الخبراء: إنه يجب التمييز بين الاستثمارات الجديدة التي لا تنفذ إلا بضمان أسعار ما فوق 80 دولاراً، والاستثمارات المنفذة وباشرت الإنتاج، وهذه الاستثمارات المنفّذة قد تم تحمل تكاليفها الرأسمالية، وقد صرفت الأموال عليها، والتوقف لن يجعلها تسترد هذه الأموال، لذلك فهي ستستمر في الإنتاج، إذا كانت الأسعار التي توفر إيرادات تغطي المصاريف الجارية، وهي المصاريف المتغيرة، ومنها الأجور على سبيل المثال.
وعليه، فإن الحرب ضد النفط الصخري لإخراجه من السوق أو تقليص إنتاجه قد تطول، وسيبقى الفائض في السوق الذي أدى إلى انخفاض الأسعار إلى 65 دولاراً أو أقل.
وقد ذكرت جريدة الشرق الأوسط أن المملكة العربية السعودية ستضع ميزانية 2015 على أساس سعر 65 دولاراً، بدلا من 85 دولاراً لميزانية 2014، والعجز المتوقع بناء على ذلك يقدَّر بـ32 مليار دولار.
وبالعودة إلى حساب الأرباح والخسائر في ما لو قررت «أوبك» تخفيض إنتاجها بمقدار مليوني برميل يومياً لامتصاص الفائض في السوق، فإن تكاليف ذلك على إيراداتها هو 200 مليون دولار يومياً، ما يعادل 6 مليارات شهرياً، و72 ملياراً سنوياً، وإذا قارنا خسائر تخفيض الإنتاج بخسائر عدم التخفيض، فسنجد أن خيار التخفيض يخفف خسائرها بمقدار مليار دولار يومياً، و29 ملياراً شهرياً، و345 ملياراً سنوياً.
ومصلحة الدول المنتجة هي الإيرادات النقدية، وهي حصيلتها من مبيعات النفط، وليس نسبة حصتها من السوق النفطية.
تعليقات