يكتب عبد اللطيف الدعيج عن سباق القصقصة!

زاوية الكتاب

كتب 677 مشاهدات 0


القبس

سباق القصقصة

عبد اللطيف الدعيج

 

أسباب تصدي المجاميع القبلية والدينية لاصلاحات العهد الجديد، وانقلابها المفاجئ على النظام تعود بالتأكيد، وكما بينا يوم الخميس الماضي، لاسباب اساسية الى الاصول الاجتماعية لهذه المجاميع. بكل ما تعنيه هذه الاصول من مصالح وثقافة ووعي. لكنها ايضا نتيجة عوامل ومناورات سياسية آنية ادت بهذه المجاميع الى أن تنحرف سياسيا مئة وثمانين درجة، بعد ان اصبحت مصالحها ومكاسبها تحت إعادة النظر. أدت بها الى ان تنحرف من ذراع السلطة وقبضتها في تهميش قوى التنوير، الى قوى اكثر من مزعجة تدعي المعارضة، حاملة لواء الاصلاح ومحاربة الفساد الذي ضخمته او ربما اختلقته.
هذه المجاميع ارتبطت تاريخيا، مع ان التاريخ هنا سنوات فقط، ارتبطت بالمرحوم الشيخ سعد العبدالله. وتحالفت بشكل أساسي معه اثناء ادارته للبلاد منذ وفاة المرحوم الشيخ صباح السالم وحل مجلس الامة عام 1976 وحتى مرض الشيخ سعد واستفحاله.
مرض الشيخ سعد، ثم وفاته، أنهيا العلاقة الخاصة التي ربطت المجاميع القبلية والدينية بالنظام. وهي علاقة نشأت ـــ ان شئنا النظر اليها بشكل تام ـــ اقليميا بقيادة السادات ورعاية الغرب بين الانظمة المحافظة والجماعات الاسلامية بعد حرب 1973. ومع تسلم حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد مقاليد الامور اعادت المجاميع القبلية والدينية حساباتها السياسة، واعادت النظر في تحالفها السياسي مع النظام، خصوصا بعد اعلان صاحب السمو نيته في تحويل الكويت الى مركز مالي او اعادتها، اي الكويت، الى سابق عهدها في الهيمنة على تجارة «الترانزيت» في المنطقة. الى جانب كل هذا، كان تولي الشيخ ناصر المحمد ادارة شؤون البلد اكبر من ان تستوعبه او تتحمله سياسيا المجاميع القبلية الدينية. فالشيخ ناصر، خريج سويسرا، ليس من شيوخ «الهيبة» الذين نشأت مجاميع الردة القبلية الدينية على الخضوع لهم والاطمئنان الى خطهم المحافظ. لهذا كان انقلابها المفاجئ ـــ لكن المتوقع ايضا ـــ على النظام.
 كل هذا ترافق مع الخلافات التي بدأت مع الاسف تدب في صفوف بعض ابناء الاسرة. وفي بحثها عن حليف جديد بعد الشيخ سعد، وجدت مجاميع الردة في بعض الشيوخ، او هم وجدوا فيها، ما يحقق طموحهم ويعينهم في العداء الذي يبدو انه استفحل بين الطرفين وبين الشيخ ناصر المحمد. في هذه الاثناء نقل عن احد اقطاب النظام قوله حين الحديث عن تعاظم نفوذ المجاميع الدينية انه ستتم عاجلا «قصقصتهم». يبدو ان هناك من نقل هذا بحسن نية الى هذه المجاميع التي لم تجد بُدّاً في ظل تفاقم الاوضاع المحلية والحصار الذي بدأت المجاميع الدينية، وبالذات الاخوان المسلمون، في التعرض له، اولا ومنذ سنوات من قبل المملكة العربية السعودية، ثم من دولة الامارات، لم تجد هذه المجاميع بُدا من ان تتغدى بالسلطة قبل ان تتعشى بها.. فكانت حركة «ارحل» لرئيس الوزراء ناصر المحمد.. محاولة رجعية يائسة للعودة بالاوضاع الى الوراء.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك