الإرادة السياسية والمجتمعية اللازمة لتحديث التعليم غير متوفرة!.. هكذا يعتقد شملان العيسى
زاوية الكتابكتب نوفمبر 23, 2014, 12:22 ص 542 مشاهدات 0
الوطن
ملتقطات / التعليم.. من أين نبدأ؟!
د. شملان يوسف العيسى
ما إن استلم الدكتور بدر العيسى حقيبة وزارة التربية والتعليم العالي حتى ازدادت وتيرة الانتقادات ضد ادائه في الوزارة رغم حداثة تعيينه، مع ان أي تغير في التعليم يتطلب مرور أكثر من عقد أو عقدين لنرى نتائجه. علينا أن نقرر ونعترف بأن التركة التي استلمها الدكتور بدر ثقيلة ومتشعبة ولا يمكن حلها من خلال الوزير وحده.. بل تتطلب تعاون المجتمع والدولة معا، الجميع يقر بأن التعليم في بلدنا متخلف ومترد مقارنة بغيرنا من دول العالم.. مخرجات التعليم وضعف المستوى الأكاديمي للطلبة أكبر دليل على ذلك.. كما أن نتائج الاختبارات التي تشارك بها على المستوى العالمي نتائج الاختبارات العالمية أكبر دليل على تأخرنا حيث يأتي ترتيب الكويت في المؤخرة مع الصومال وأفغانستان وغيرها..
مشاكل التعليم في بلدنا متعددة ومتنوعة وتحتاج إلى تغيرات جذرية لانتشال التعليم مما هو عليه.. تجربتي الذاتية في التعليم الجامعي التي مضى عليها أكثر من 30 عاماً أستطيع أن أؤكد من خلالها بأن التعليم في بلدنا في خطر لأن مخرجات التعليم الثانوي الذين يتم قبولهم للجامعة وكشوف درجاتهم مرتفعة بمعدل مرتفع ما بين 80 - %90 حسب التخصص.. هؤلاء الطلبة الذين أدرسهم مستواهم الأكاديمي والثقافي واللغوي ضعيف جداً.. فهم لا يستطيعون كتابة 5 سطور باللغة العربية يعبرون فيها عن رأيهم في المادة العلمية.. فهم لم يتعودوا على الكتابة أو التفكير المستقل.. لأن الحفظ أساس النجاح وليس الفهم..
هل يعقل أن يتقدم طلبة متفوقون من خريجي الجامعة بمعدلات امتياز لدخول كلية الهندسة المعمارية وعند اختبارهم باللغة العربية والانجليزية والرياضيات يرسب %70 منهم وينجح فقط %30 فقط وهذا في الامتحان التمهيدي لدخول الجامعة، وهذا يدل على وجود خطأ في التعليم الثانوي وطريقة الاختبارات حيث يلعب الغش وشراء الاختبارات والمحسوبية دورا في نجاح الطلبة.. نحن الآن لسنا بصدد تعداد السلبيات وأوجه القصور الكثيرة؟ السؤال ما العمل؟ وكيف يمكن تحديث التعليم في بلدنا لكي نستطيع منافسة الآخرين على المستوى الإقليمي والدولي هل نبدأ بإصلاح المناهج؟ أو تغيير طبيعة المدرسين؟ أو معالجة أوجه القصور التي تجعل بند الرواتب والأجور يستحوذ على معظم ميزانية الوزارة وما يخصص للتطوير قليل جدا؟!
لا أعرف لماذا نصر في الكويت على تجاهل التجارب الإنسانية الناجحة؟
ولماذا لا نقتبس التجارب الآسيوية في النجاح الباهر للتعليم في دول النمور الآسيوية التي حققت قفزات في مجال التطور الاقتصادي والتنمية من خلال التركيز على التعليم الجيد؟
ماذا فعلت هذه الدول؟ لقد ركزوا على التعليم الابتدائي أول مراحل التعليم الحديث من خلال انتقاء واختيار المدرسين لهذه المرحلة وتم ذلك بأن جعلوا شروط القبول لدخول كلية التربية والتعليم قوية جداً بحيث لا يدخل هذه الكلية إلا الطلبة المتفوقون بمعدلات الامتياز في الثانوية العامة.. وبعد تخرج هؤلاء المعلمين يفرض عليهم أخذ شهادة تعليم على مستوى الماجستير لتأهيلهم للتدريس الابتدائي.
التجربة الفنلندية في تحديث التعليم مهمة جدا حيث تفيد التجربة بأن فنلندا التي كانت دولة زراعية بسيطة قرر قادتها تحويلها إلى دولة صناعية لدخول عصر التكنولوجيا الحديثة.. ما هو سر تفوق هذا البلد في التعليم ليصبح الدولة الأولى في العالم في هذا المجال؟.. لقد ركزوا على التعليم الابتدائي وهو أهم مرحلة تعليمية بأن خصصوا لكل مادة علمية 3 مدرسين كلهم متخصصون ويحملون شهادة ماجستير في التعليم يقوم مدرسان بشرح المادة للطلاب، أما المدرس الثالث فيراقب الطلبة الذين لم يستوعبوا المادة لتدريسهم وتقويتهم وبعد عقد (عشر سنوات أو أكثر) استطاعت فنلندا أن تدخل مجال صناعة الهواتف بشركة نوكيا العالمية.. وسر نجاح التجربة الفنلندية هو تعاون أولياء الأمور مع المدرسة وارتفاع المستوى الثقافي للمجتمع.
نحن في الكويت مع الأسف نسير عكس التيار والتوجه العالمي.. فالطلبة الذين لا يحصلون على معدلات مرتفعة يلتحقون بكلية التربية وكلية الشريعة.. ومعظم الطلاب في هذه الكلية من النساء اللاتي لا يرغبن في التدريس أصلا لكن أهاليهم يفرضون عليهم مهنة التدريس والنتيجة الطبيعية لذلك هو ما نراه اليوم من تردي مستوى التعليم في البلد..
هل نستطيع تقليد التجارب العالمية في التركيز على كلية التربية في الجامعة والتطبيقي؟ يمكن في حالة توفر الإرادة السياسية للتغير والإرادة المجتمعية لتحديث التعليم.. وهذا غير متوفر للآن! والله يساعد الدكتور بدر العيسى وزير التربية والتعليم العالي.
تعليقات