البحث عن وطن بديل في الفضاء!.. بقلم حامد الحمود
زاوية الكتابكتب نوفمبر 16, 2014, 12:38 ص 1026 مشاهدات 0
القبس
البحث عن وطن بديل
د. حامد الحمود
لا بد أن أعترف بأن هناك كثيرا من التفاصيل العلمية في فيلم «انترستيلار» لم أستوعبها، لكن مع هذا أستطيع أن أجزم بأني استمتعت كثيرا بمشاهدته، وقد شاركني المتعة أغلب الحضور الذين عبّروا عن إعجابهم بالتصفيق عند نهاية الفيلم. وينتقد مخرج الفيلم ريتشارد نولان المعترضين لصعوبة الفيلم ويحثهم على مشاهدة الفيلم بتأنٍّ، والذي يفسر بمشاهدته أكثر من مرة. كما يحثهم على قراءة كتاب «علوم النجوم» للدكتور كيب ثورن المستشار العلمي للفيلم.
وقبل أن يطلقنا الفيلم إلى الفضاء للبحث عن كوكب شبيه للأرض من ناحية درجة الحرارة وتوافر الأكسجين والمياه، يحضرنا لذلك بالكشف عن الحالة المزرية التي وصلت فيها الحياة على الأرض. فالمياه قليلة، والأكسجين يتناقص والعواصف الترابية تكاد تدفن الزرع والبيوت. وأصبح توفير الطعام الهمّ الأول لرب العائلة، لدرجة أصبحت المدارس توجه تلامذتها لدراسة الزراعة بدل الهندسة. هكذا كان جواب مدير المدرسة للكابتن كوب، عندما جاء يسأل عن أداء ابنه. وكوب الذي كان رائدا فضائيا في «ناسا» تحول إلى مهنة الزراعة ليوفر الطعام لعائلته المكونة من ابنه وابنته ووالد زوجته المتوفاة. ويبدو أن وفاة زوجته كانت ضرورة لكي يكون حبه لرفيقته في المستقبل في الفضاء الدكتورة براند شرعيا.
في هذا الوقت الصعب الذي يعاني فيه البشر من قلة الطعام والمياه والأكسجين، تعمل وكالة الفضاء الأميركية ناسا على مشروع سري لإرسال مركبة فضائية لاكتشاف وطن بديل عن الأرض، الذي يتعرف عليه الكابتن كوب «صدفة»، بينما كان يسوق سيارته برفقة ابنته مورف. ويفاجأ بأن العاملين في «ناسا» كانوا يبحثون عنه لقيادة هذه المركبة الفضائية. ولكن كيف ستنطلق هذه المركبة؟ ومتى تصل إلى غايتها؟ هذا إذا علمنا مثلا أن المسافة بين الأرض وأقرب نجم في مجموعة ألفا سنتوري تبلغ 4.3 مليون سنة ضوئية، الذي سيستغرق الوصول اليه 78000 سنة بالسرعة الحالية للمركبات الفضائية. هنا تدخل الفيزياء النظرية، حيث يشرح الدكتور براند ـــ والد الدكتورة الجميلة التي سترافق كابتن كوب إلى الفضاء ـــ بأن الرحلة الفضائية ستستفيد مما يسمى الثقب الدودي wormhole الذي سيكون بقرب أحد أقمار زحل. والثقب الدودي وفقا لويكيبيديا عبارة عن جسر «نظري» يسمح بالانتقال من نقطة إلى أخرى من دون الحاجة إلى قطع المسافة بينهما. وفكرة الثقب الدودي محببة لقصص الخيال العلمي، لأنها تسمح بالسفر إلى الفضاء ضمن العمر العادي للإنسان.
ينطلق الكابتن كوب والدكتورة براند واثنان آخران إلى الفضاء مستفيدين من الثقب الدودي إلى أكثر من كوكب، وبعد مغامرات وتعرض لمخاطر تستغرق عشرات السنين الأرضية، يجد الكابتن كوب نفسه في النهاية قد عاد إلى أشبه ما يكون بالأرض، لكنه في الحقيقة كان محطة فضائية يعيش عليها آلاف البشر. ويعرف أن المحطة قد أطلق عليها اسم ابنته لما قدمته في علم الفيزياء والتي يجدها أكبر منه عمرا بحوالي أربعين سنة، محاطة بأولادها وأحفادها على فراش المرض. تحتفي به لدقائق وتطلب منه أن يرجع إلى الدكتورة براند، التي نزلت في كوكب آخر.
لم يوضح لنا الفيلم حالة الأرض بعد رجوع كابتن كوب إلى المحطة الفضائية التي أصبحت مستعمرة. ففي جميع الأحوال لم تكن مهمة «ناسا» حماية الأرض، وإنما البحث عن وطن بديل في الفضاء.
تعليقات