الطراح يسأل - لماذا عنف الشباب؟
زاوية الكتابكتب نوفمبر 11, 2014, 2:47 م 632 مشاهدات 0
العنف بين الشباب يشغل العالم وتعمل الدول على معرفة أسباب انتشاره بيهم، خصوصاً بعد ظهور «داعش» كتنظيم دولي استطاع أن يغرر بكثير من الشباب على اختلاف ثقافاتهم. واليوم ينشغل العالم بقضية العنف بين الشباب المسلم والعربي دون أن ندرك أبعاد الظاهرة المدمرة لطاقات الشباب الذي أخذ بالتحول نحو سلوك العنف المدمر للذات وللمجتمع.
انتشر «السلوك العدواني»، بلغة علم النفس، بين شباب دول الخليج العربي، وهي دول تعتبر مترفة اقتصادياً، لذلك أصبح السؤال المحير أكثر إلحاحاً: لماذا يتحول الشباب نحو العنف؟ ومن هنا يبدو الأمر محيرا عند التفكير في أسباب اتجاه بعض الشباب نحو التشدد والتطرف والإرهاب، وهي ظاهرة خطيرة تشير إلى أن سلوك العنف يستشري في المجتمع وأن على الدول وضع استراتيجيات لمعرفة أسباب الظاهرة وأبعادها المستقبلية. والعنف -كما نعرف- ليس غريزة وإنما سلوك يتعلمه الإنسان من البيئة الحاضنة، ليتحول إلى سلوك ثم إلى أيديولوجية مسيطرة تبرر له سلوكه. وقد تساعد على ذلك الغرائز النفسية والأجواء التربوية والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الشباب، فيتحول الإحباط الناشئ من كل ذلك إلى تراكم مضغوط يمكن أن ينفجر في أي لحظة. وكما نعلم فإن الذات تنزع إلى الخلاص من الضغط، ويكون العدوان أحياناً السلوك الدفاعي للذات في سعيها وراء الخلاص من ضغط الإحباط.
كثير من الدراسات شخصت الوضع وحددت الأسباب في الخطاب الديني الذي خرج عن محتواه الأخلاقي ونحى نحو التشدد وغفل قيم التسامح والتعايش مع الاختلاف والتنوع الثقافي والفكري. وقد دفع هذا الخطاب إلى ظهور شخصيات متزمتة فاقدة لمهارة الحوار وقبول الآخر. فالخطاب الديني المعاصر يعيش الماضي ولا يتعاطى مع العصر ومفرداته ومعطياته، وهو خطاب يركز على الصورة الجهادية التاريخية لرموز المسلمين الذين كانوا يعيشون عصر بناء الدولة الإسلامية وتأسيسها، ويحمس جيل الشباب للقيام بنفس الأدوار، رغم اختلاف الظروف الزمانية والمكانية. ولا زال الخطاب الديني بعيداً عن الواقعية ، ولا يلامس بموضوعية المشاكل والأزمات التي يعيشها الشاب، ولا يقدم حلولا صادقة لها، بل يتعاطى معها بفوقية على أنها من مخططات الأعداء ووساوس الشيطان، دون الاقتراب من جوهرها أو الأخذ بما يراه أهل الاختصاص من علماء النفس والاجتماع.
وينحو الخطاب الديني المتفشي بيننا في إطاره العام نحو الهدم وليس البناء، فهو لا يفتح سبل الحوار والتقارب مع الآخر للبحث عن مشتركات التعايش ، ولا يؤسس لثقافة التنوع الديني، ولا يدعو للتعايش بين أفراد المجتمع ، ولا ينظر للمصالح سياسياً بل يؤدلج الحدة والتشويش ويحولها إلى منظومة فكرية غير قابلة للنقاش.. فهو خطاب صدامي وإقصائي.
وبالإضافة إلى جمود المناهج الدراسية، وخصوصاً التعليم الديني، والتي لا تخرج ع هذا الإطار، ففي ظل هذه الأنماط من الإرشاد تتربى الأجيال الشابة مشبعةً بعقد الحدية والتزمت والغلو، لا تجد للرأي الآخر مكاناً ولا تتحمل الاختلاف مهما قل. لذلك فإن مراجعة الخطاب الديني ومكوناته تشكل ضرورة ملحة لكي يشخص المشاكل ويضع الحلول لها بدلا من الالتفاف حولها والتهرب منها.
أكدت بعض الدراسات أن هناك خوفاً من المستقبل يسيطر على عقول الشباب نتيجة للضغوط السياسية، مما يجعله عرضة للنزوع إلى اتجاهات متطرفة توجه إلى اليأس من واقعه الحياتي المعاش وتعده بمستقبل أخروي رغيد. لذا لابد من مواجه الواقع بجرأة لانتشال الشباب من معاناته.
تعليقات