كوريا الجنوبية بين الذكر والأنثى!.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 730 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  كوريا الجنوبية.. بين الذكر والأنثى

خليل علي حيدر

 

ثقافة الكوريين الجنوبيين معادية للمرأة والأنثى، وهاشة باشة للأولاد والذكور كثقافتنا.. وربما أكثر! وتلعب الأم هناك كما عندنا، دورا مهما في الضغط على ابنها كي تنجب زوجته الذكور، فإن فشلت، فلربما دفعته دفعا الى ان «يجد حلا لهذه المشكلة»!.
ظهرت هذه المشكلة أول ما ظهرت بشكلها الحاد مع تطور اشعة السونار التي تميز بين الجنين الذكر والأنثى، وبدأت المدارس تشهد تراجعا في عدد الاناث مقارنة بالذكور، ووضعت قوانين جديدة لمكافحة الاجهاض الا ان الكوريين بذلوا ما في وسعهم من جهد للتحايل عليها خلال نهاية القرن الماضي.. ولا اعلم ما الوضع هذه الايام.
تعاني المرأة الكورية الكثير من الضغوط الاجتماعية في اندماجها المهني وصعودها الوظيفي، وتتعرض اعداد منهن لاجراءات مهينة ان كان «حُسن المظهر» من متطلبات الحصول على الوظيفة، وسرعان ما تقع الفتاة الكورية ضحية لوساوس مظهرها الخارجي وعمليات التجميل وتوسعة العيون وتلوين الشعر! (The Koreans, by Michael Breen, New York, 1998, 54 – 55).
وتقول صحيفة التايمز البريطانية في تقرير مترجم لها، «الوطن» 1989/1/22، ان كونفوشيوس افتى «بأن الرجال مقربون الى الله وان النساء وجدن لتأمين راحتهم والانجاب منهن»، وفي المجتمع الكوري، تقول الصحيفة، «يبدأ الأمر من المهد. فولادة البنت تُستقبل باليأس، بينما يجتمع الجيران للاحتفال بميلاد الصبي. ويحظى الذكور بكل الاهتمام بينما يتم تعليم الاناث الخدمة والطاعة، ويجب ان يكن عذراوات عند الزواج ويُرغمن على العيش في بيوتهن حتى يتزوجن. وبمجرد ان يتزوجن يقعن في مصيدة. فمعظم الشركات ترفض استخدامهن بينما الطلاق ليس خيارا متاحا لان المطلقة تخسر الاطفال والبيت».
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ذكرت في تقرير لها نشرته الشرق الاوسط 2010/3/3، ان اوضاع وظروف العمل قد شهدت تحولات كبيرة في مجال توظيف المرأة الكورية، وقد اشار رئيس ادارة شؤون الموظفين في الخارجية الكورية بان «هناك حاليا تغييرا ملموسا في وضع المرأة الدبلوماسية، اذ على مدار السنوات الخمس الماضية، شكلت النساء %55 من اجمالي 151 شخصا نجحوا في اختبار الالتحاق للعمل في وزارة الخارجية، الذي ينضوي على قدر بالغ من التنافس، ويُعد البوابة الرئيسية للانضمام الى البعثات الدبلوماسية للبلاد».
واشار التقرير الى الفرق الهائل بين ما كان عليه الحال قبل سنوات في هذا المجال وهو ما عليه اليوم، فقد بلغت نسبة نجاح النساء في وزارات مختلفة %47، فيما كانت النسبة عام 1992 نحو %3.2. الزحف النسائي بات في الواقع يحاصر فرص توظيف الرجال!
في عام 1996، يقول التقرير، «شرعت الحكومة في فرض ان يكون %30 على الاقل من المعينين الجدد لدى جميع الاجهزة الحكومية، فيما عدا الشرطة والمؤسسة العسكرية من النساء، اما الآن ونظرا لنجاح كثير من النساء في التنافس للوصول الى هذه الوظائف، فقد اصبحت الحكومة تطبق نظام حصة الـ%30 على الرجال ايضا. وقالت «كيم»، العاملة بوزارة الخارجية، يأتي إلينا المديرون يطالبون بتعيين رجال، ويشتكون من ان اقسامهم تضم اعدادا ضخمة للغاية من النساء».
الارتفاع الشديد في اعداد النساء العاملات بالقطاع الحكومي، «يُعد نتاج جهود حكومية ترمي الى توسيع نطاق الديموقراطية بعد عقود من الحكم العسكري ومحاربة الجمود الاقتصادي من خلال الاستعانة بمزيد من النساء المتمتعات بقسط جيد من التعليم في قوة العمل وكبح جماح التراجع في معدلات المواليد في البلاد، الذي يتمثل احد الاسباب وراءه في الصعوبات التي تجابهها نساء كوريا الجنوبية في الجمع بين الحياة المهنية والأمومة».
ماذا عن التمييز ضد المرأة في المناصب القيادية؟
في كوريا الجنوبية، تقول الصحيفة، «تهيمن على الاقتصاد اربع مؤسسات تجارية ضخمة، وهي «سامسونغ» و«هيونداي» و«إل جي» و«إس كيه»، وتحتل النساء اقل من %2 من مقاعد مجالس ادارة هذه المؤسسات ولا تكاد توجد مسؤولة تنفيذية واحدة في المصارف بكوريا الجنوبية، وتأتي كوريا الجنوبية في المرتبة 115 من بين 134 دولة في مؤشر المساواة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ولدى مقارنتها بدول صناعية اخرى، يتضح ان النساء اللائي تلقين مستوى رفيعا من التعليم في كوريا الجنوبية يعانين من تمثيل ضعيف في قوة العمل مدفوعة الاجر في كوريا الجنوبية، حيث لاتزال للتقاليد الكونفوشيوسية، التي تُحمِّل المرأة المتزوجة المسؤولية الاولى عن ادارة شؤون المنزل وتربية الاطفال، سطوة كبيرة».
لا تعمل من النساء الكوريات اللائي تلقين التعليم الجامعي عام 2010 سوى %61 وهي النسبة الادنى، تقول الصحيفة، بين الدول الثلاثين الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث بلغ المتوسط بين هذه الدول نحو %80، ويتركز عمل النساء الكوريات خارج المنزل في الوظائف الخدمية والتصنيعية ضئيلة المستوى، وقد فقدت الكثيرات منهن، وظائفهن خلال فترة الركود الاخيرة، حيث كانت نسبتهن بين هذه الشرائح نحو %90، وفي يناير 2010، كان نحو %45 من النساء في سن العمل لديهن وظائف، في حين كانت اجدر النساء تعادل %52 من اجدر الرجال، فكانت مرتبة كوريا الجنوبية 62 بين 109 دول، من حيث الدخل والمشاركة السياسية والاقتصادية وصنع القرار بالنسبة للمرأة.
بذلت الحكومة الكورية جهودا واضحة لتحسين الاوضاع، ومنذ منتصف التسعينيات، سنت قوانين تتناول قضايا مثل العنف الجنسي والاسري، وقامت بتنقيح اكثر من 300 قانون قائم بغية القضاء على التحيز الجنسي منذ عام 2005، وهو العام الذي قضت المحكمة الدستورية بإلغاء بنود في القانون المدني تنص على ان الرجال فقط هم الذين يمثلون الرؤساء القانونيين للاسرة، وان الاطفال يجب ان يحملوا لقب الاب، مما شكل تقويضا لأسس المجتمع الكوري القائمة منذ قرون، ولايزال انصار حقوق المرأة، تقول الصحيفة، «يشيرون الى هذا الحكم باعتباره واحدا من انتصاراتهم الكبرى»، وقد تم عام 2001 انشاء «وزارة المساواة بين النوعين» للاشراف على تغيير القوانين في المؤسسات وقطاعات المجتمع، اما عن المرأة في البرلمان فقد حصلت المرأة على مقعد لها للمرة الاولى عام 1949، ولكن لاتزال النساء اقلية لاتزيد عن %14، بينهن بعض اكثر الاعضاء نفوذا.
تقود الحكومة الكورية بإصرار سياسة المساواة فيما يبدو، وتقول احدى الخريجات المتقدمات لشغر وظيفة دبلوماسية بعد اجتياز امتحان وزارة الخارجية «اكبر ميزة للوظائف الحكومية، اننا لا نواجه تمييزا هناك، اما الشركات الخاصة فلا يتوقع ان يكون كثير من موظفيها من النساء. وعلى ما يبدو، توظف الشركات النساء فقط كنوع من الاستعراض، ولإظهار اهتمامها بالمساواة بين النوعين».
لا نعرف الآن ماذا يقول القطاع الخاص الكوري دفاعا عن نفسه بخصوص هذا الاتهام!.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك