'أنت أنت لا تكن غيرك' بقلم.. فهد بن رشاش

زاوية الكتاب

كتب 2346 مشاهدات 0


يُحكى أن غراباً شاهد حمامة تمشي فأعجبته مشيتها لسبب يراه دون قناعة إعجاباً  فقط ، فحاول أن يقلد مشيتها فتدرب وتدرب وحاول كثيراً أن يتقنها ولم يستطع فشل فشلاً ذريعاً ثم إنه عندما يئس وملّ أراد العودة لمشيته القديمة فاكتشف أنه نسيها أيضاً ، فلا عاد الغراب غراباً ولا صار حمامة.

تطلعك للنجاح والشهرة ليس أمراً مذموم ، وإقتداؤك بأهل النجاح لفترة حتى تُعد منهم هو أمر مطلوب ، ولكن المذموم غير المطلوب هو أنك تسعى لذلك وتنسى نفسك حتى تُضيعها باسم الاقتداء إدعاءً وهو تقليد أعمى في الحقيقة.

فأنت لا تُعجب برئة من تُعجب به ولا بقفصه الصدري ولا حتى طحاله ، بل ما أعجبك هو حاله وحالته ، فالصادق يُعجبك صدقه والحافظ يُعجبك حفظه وحتى الرسام يعجبك رسمه ، ألم يقل النبي-عليه الصلاة والسلام-للأشجّ 'إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة' ، هذا هو الأصل أننا منعمون بعدل الله من حيث الخلقة ، ونتمايز بالأخلاق والسلوك ، فكلنا بنو آدم وكلنا نعيش فوق الأرض .

فروقات بيننا كثيرة منبعها الثقة بالنفس والصدق في التغيير المطلوب والمُستحق ، بيد أن المعوق الأشهر لعدم تحليقك في سماء الإبداع ولا حتى تطلعك لذلك  هو التشبه والتقليد غير المحمود ، لذلك كن مؤمناً بهذا التفاوت بين البشر ، ولا تكن سجين: (هذا ما كبرت عليه) ! فهذه العبارات يرددها دوماً ويعتذر بها أصحاب الجمود السلبيون ، واصنع لنفسك قاعدة التغيير والزيادة ، واجعل مساءك يزيد من صباحك و يومك يُغير من أمسك ،  وكل ذلك في بحر الإبداع النافع .

تجد وتجتهد كي تطور من نفسك عندما ترى الآخرين نجوماً في سماء الإبداع ، ذلك طبيعي جداً لأنك قد تتأثر وقد تؤثر أيضاً ، إلا أنه من غير الطبيعي أن تنسلخ من ذاتك كي تكون غيرك ، تُنكر ما أنت عليه فقط كي ترى نفسك ذاك الذي أعجبك ، أيها الطبيعي لا تتصنع لدرجة تفقد فيها نفسك ، قلّد من شئت في البداية ليس بكل شيء بل بما يفيدك ويصنع لنفسك طريقاً يُكتب بإسمك ، كي تكون قدوة لا عدوى ، فالحلم تراه حقيقة إن سعيت لتحقيقه وغير ذلك تمنِّ أيها الطبيعي .

بعد هذا تتضح لك حقيقة وهي أنك من المُفترض أن تسعى لأمر تتحلى به لا شخص تتنكر به ، فكن أنت أنت ولا تكن أنت هو ! .

ما بعد النقطة:

الإبداع ليس ان تقلد بكل شيء دون الإتيان بجديد ، بل هو  أن تشارك بتحسين وتسهيل وتوصيل ما هو مفيد وإن كان قديما .

الآن - رأي: فهد بن رشاش

تعليقات

اكتب تعليقك