مصير العرب في كردستان!.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 760 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  مصير العرب.. في كردستان

خليل علي حيدر

 

كان الاخوة «الكورد» - كما يحبون أن يسموا قوميتهم – في صراع مع العراقيين العرب منذ تأسيس العراق الحديث، وتحت رحمتها بحكم قوة الدولة العراقية المركزية، وعدم تعاطف جيران العراق والعالم الخارجي مع استقلالهم، والانقسامات بين الكورد أنفسهم.
ومنذ فترة انعكست الآية، وبخاصة بعد ان ثبت فشل العراقيين العرب، سنة وشيعة في ادارة دولتهم، فغدت «كردستان»، ومنذ سقوط النظام القديم سنة 2003، موضع ثقة المجتمع الدولي، وملاذ العراقيين، ومأوى الكثير من العرب الذين هاجروا اليها.
خلال الاسابيع المقبلة، يقول السفير الامريكي السابق في كل من العراق وافغانستان «زلماي خليل زادة»: يجب ان يتخذ قادة العراق قرارات وجودية، «فإذا عجزوا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفشلوا في اقناع المعتدلين السنة والقبائل السنية بمحاربة «الدولة الاسلامية في العراق والشام» - داعش، فمن المتوقع ان يتفكك العراق. واذا فشلت الحكومة المرالكزية في تقديم تنازلات مرضية الى السنة والاكراد، فسيضغط الاكراد لنيل سيادتهم واستقلالهم، ويبدو انهم جديون في قرارهم، ويجب ان يتكيف المجتمع الدولي مع هذا الواقع المستجد». السفير خليل زادة اضاف في مقاله بنيويورك تايمز، الذي نشر في الجريدة، 2014/7/16، «ستكون الاسابيع المقبلة حاسمة، وافضل ما يمكن ان يحصل هو نشوء دولة عراقية لا مركزية مع نظام فيدرالي في المناطق ذات الاغلبية العربية، على ان تعمل بالتعاون مع كردستان، والخيار الآخر هو اندلاع حرب اهلية بين الشيعة والسنة ونشوء كردستان المستقلة».
في هذه البقعة من منطقة الشرق الاوسط، اربعة «شعوب اسلامية» رئيسية، «مُش طايقة بعض»، ولا يحب أي منها «ان يصبح في خلقه الآخر»، أي بالفصيح لا يطيق احدهما الآخر، ان لم يتمن زواله فورا، أو ان تبتلعه الارض أو تقلعه الريح!
المفارقة ان هذه الشعوب الاربعة المتزاحمة المتنابذة، العرب والاتراك والفرس والكورد، هم الاركان التاريخية الاربعة الاساسية لمكونات ما يعتبر عادة «الامة الاسلامية»!
الاتراك ضد استقلال الاكراد في أي دولة مجاورة لئلا تنتقل عدوى الاستقلال والانفصال الى الجمهورية التركية. فعدد «الكورد» في تركيا نحو عشرين مليون مواطن، «بقوا دائما وابدا»، كما يقول الاعلامي صالح القلاب، «يكافحون وبكل الوسائل لنيل استقلالهم واقامة دولتهم القومية المنشودة». (الشرق الاوسط 2014/7/3).
والواقع انه اذا استقل الاكراد، وانفصلت دولتهم القومية عن الاناضول التركية، طار ربما ثلث تركيا الحالية، وعلى طموحات الرئيس اردوغان ونائبه احمد داود اوغلو السلام!
ملايين اخرى من الاكراد تعيش بجوار العراق في كردستان الايرانية وبخاصة مدينة كرمانشاه. وهؤلاء جربوا الاستقلال عام 1946 من خلال جمهورية مهاباد، التي سقطت أو اسقطت في العام التالي. وتبلغ مساحة كردستان المتصورة كوطن واحد للاكراد نحو 400 الف كيلومتر، وتدخل في حدود الدول المذكورة وكذلك سورية وبعض مناطق الاتحاد السوفييتي السابق. و«لم تقم في كردستان عبر التاريخ دولة كردية الا دولة مهاباد لمدة عام واحد عام 1946 في ايران، وكذلك مملكة كريم خان – زند – في ايران بين 1752 – 1795. ولكن كان دائما في هذه المنطقة مجتمع كردي يسوده النظام العشائري. وقد ظل الاكراد طوال التاريخ الاسلامي محكومين بالاغوات والشيوخ منهم، الذين خضعوا للمالك والامارات، وعملوا كجند لها، وخاصة على الحدود. وبدأ مفهوم القومية الكردية ينتشر بينهم منذ 1908 حين قامت ثورة ابراهيم باشا التيماري في «ماردين» بتركيا، حين بدأ النواب الاكراد في مجلس المبعوثات (البرلمان التركي) يطالبون بحقوق الاكراد القومية بناء على مبادئ الحرية والاخاء والمساواة المعلنة في تركيا تلك السنة، وشكلوا «جمعية التعالي والترقي الكردية» على غرار نظيرتها التركية» (انظر: معجم الشرق الاوسط، سعد سعدي، بيروت 1998، ص342 – 345).
قمعت الجمهورية الاسلامية الايرانية بشدة احلام الاستقلاليين الاكراد بعد ثورة 1979، ولم يحقق الكورد نجاحات سياسية بارزة الا في العراق عام 1974، حين نالوا الحكم الذاتي، وبروز كيانهم السياسي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991.
من اجل مرارة هذه التجربة، يقال ان زعيم الاكراد السيد «مسعود بارزاني»، كما يقول صالح القلاب، «يرى الآن ان الاولوية في هذه المرحلة هي لاقامة الدولة الكردية المستقلة في هذا الاقليم وحده ودون أي استفزاز، لا للاتراك ولا للايرانيين وذلك حتى لا تتكالب عليه وعلى تطلعاته هذه الامم فتصبح نهاية احلامه القومية كأحلام والده الملا مصطفى بارزاني الذي هو بطل اقامة «جمهورية مهاباد»، عام 1946».
عقبات كثيرة تحول دون انفصال الاكراد عن العراق، تكتب «الحياة». ويرى المحللون ان الانفصال يمثل مجازفة سياسية واقتصادية خطيرة بالنسبة الى الاكراد، والتهديد بالاستفتاء اقرب الى وسيلة ضغط منه الى المضي فعلا بإجراءات الانفصال. وتمثل القدرة المالية للاقليم احد اكبر تحديات هذا الحلم، فعائدات النفط التي تجنيها حاليا أقل مما تحتاجه سلطاته لدفع مرتبات الموظفين الحكوميين، في وقت يلف الغموض مستقبل قطاع النفط في ظل الخلافات المتواصلة مع بغداد. كما وعبرت الولايات المتحدة التي يرى فيها الاكراد احد ابرز حلفائهم، عن معارضتها ومن المستبعد ايضا ان توافق ايران». (2014/7/8).
تهاجم بعد الاقلام «الايزيدية» الموقف الكردي من هجوم داعش عليهم وتقول احدى المقالات منتقدة حرب الاكراد والبيشمركة وعدم الدفاع عن الايزيديين: «الذي حدث كان خيانة في وضح النهار، لا بل خيانة من الوزن الثقيل ليس للايزيديين باعتبارهم اصلاء مرتين، مرة عراقيين اصلاء واخرى اكرادا اصلاء، وانما ايضا خيانة كبرى لكردستان قاطبة».
لماذا ادارت كردستان ظهرها لكردستان بهذه السهولة التي فاجأت الجميع»؟ باعتقادي، وحسب معرفتي بإيديولوجية حزب بارزاني الذي يختار قياداته وفقا لحسابات دقيقة لها علاقة بالولاء التام للعائلة البارزانية، لا يمكن لأي قائد ميداني ان ينسحب من منطقة استراتيجية بدون اوامر من القيادة العليا». ويتهم الكاتب الكردي «هوشنك بروكا» البارزاني بخيانة الايزيديين ليلفت انظار العالم وللحصول على صفقات اسلحة متطورة. (موقع ايلاف، 2014/7/8).
وتقول الصحف ان حكومة كردستان تواجه كذلك تحركات عنصرية ضد العرب! (الحياة، 2014/8/20).
ويروي العرب الموجودون في الاقليم «انهم يعانون من مشاكل عدة منها عدم قدرتهم على تملك العقارات في الاقليم وصعوبة ايجاد فرص العمل المناسب لهم الى جانب اشكال التهميش». ويشعر العرب بالقلق على مستقبلهم، وتتساءل مهندسة نزحت الى اربيل من بغداد قبل ثمانية اعوام «ما هو مصيري لو انفصل الكرد عن العراق؟».
القيادات الكردية تنفي بشدة كل المخاطر، وتبث الاطمئنان، ولكن البعض يرى تحت الرماد نارا!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك