هل ستكفي أموال المنح والهبات لإعادة بناء غزة؟!.. سؤال يطرحه خليل حيدر
زاوية الكتابكتب أكتوبر 17, 2014, 12:20 ص 747 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / من يحرك مقاولات البناء.. في غزة؟!
خليل علي حيدر
استطاعت حركة حماس الاسلامية الفلسطينية ان تشغل كل المنطقة العربية، بحربها وصواريخها التي «ملأت سماء اسرائيل»، وغطى وميض نيرانها سماء كل دول المنطقة، وبدا وكأنها ستدمر دولة العدوان، وتجعل الكيان الصهيوني.. في خبر كان! ولكن ما ان توقف القتال، بعد وساطة مصرية مرهقة، وبعد جهد عربي جهيد، حتى ظهر للملأ حجم الدمار الذي حل بقطاع غزة المتعثرة الحظ، وباتت وكأنها بعض المدن والاحياء الاوروبية.. بعد الحرب العالمية الثانية!
من كان وراء حماس وقرارها المغامر المدمر؟
هل كانت حرب تحرير ام محاولة تحريك؟
وهل كانت قيادة تنظيم حماس تدرك حجم الدمار القادم، والتضحيات المتوقعة؟ وهل استشارت اي طرف عربي وهل درست اي نصح وتحذير؟
هل كان الاخوان المصريون من اعطى اشارة تفجير الوضع، لارباك المشهد المصري واعادة د.محمد مرسي؟
هل من اعطى الاشارة كان اخوان الاردن؟ التنظيم العالمي للاخوان المسلمين؟ الحرس الثوري الايراني؟ بعض قادة حزب الله؟ هل كانت طموحات زعامية او استعراضية من داخل حماس؟ هل كان بين مشجعي هذا الدمار «لوبي» بناة الانفاق الجدد في غزة، او ربما جمع من مقاولي بناء جماعة الاخوان في مصر وفلسطين والاردن وغيرها؟
قيادة حماس هي المسؤولة بالطبع عن كل هذا الدمار، وعن توفير المبرر والغطاء لآلة الدمار الاسرائيلية كي تجعل العالي من مدينة غزة سافلها، وان تقتل المئات والآلاف، بعد ان وضعت حماس منصات صواريخها تحت المباني والمدارس والمساجد، اقتداء ربما بملهمهم الرئيس صدام، الذي بح صوت الكثير من اتباع حماس في الهتاف له والدعاء ببقائه!
الاعلام العربي للاسف واصل القول ولا يزال بأن اسرائيل «فرضت الحرب على حماس». وحتى الدوريات السياسية العربية الرصينة، مثل «السياسة الدولية» التي تصدرها مؤسسة الاهرام، تحت هذا المنحنى. ويقول احد باحثيها، لواء د.طلعت موسى، ان حماس كانت بصدد تحقيق بعض الاهداف: «بالنسبة لحركة حماس، فترى ان المواجهة، وان كانت قد فرضت عليها، فانها حققت جملة من الاهداف، اهمها زيادة شعبيتها حال اقتصار المقاومة عليها وتجاوز التضييق الاقليمي، وتطبيق المصالحة مع فتح دون تدخل اسرائيلي، واخيرا تأكيد وجودها المؤثر على الساحة، وانها ذات ثقل اساسي في اي مفاوضات» (العدد 198، اكتوبر 2014) ومن المستبعد ان تغامر اسرائيل بحياة سكانها واستقرار اقتصادها في اشعال حرب مع طرف مثل حماس، لديه صواريخ سبقت تجربتها في الحرب مع حزب الله، وقد تفلت بعضها من الردع، فتدمر ما تدمر وتقتل من تقتل، وتضع الحكومة وحزب نتنياهو في اسوأ الاوضاع.
وهذا ما يقرّ به د.موسى نفسه فيقول: «ايقنت اسرائيل انه لا سلاح الطيران، ولا نظام القبة الحديدية يكفلان الانتصار بهذه الحرب، وانه لا مفر من وقوع ضحايا في صفوف المدنيين.. وقد ادركت «حماس» اهمية الشروع في القتال، كما انها على علم ايضا بالقيود الاسرائيلية بشأن السكان المدنيين في قطاع غزة، وتدرك اهمية الحرب الاعلامية». (ص129). يداك يا حماس اوكتا، وفوك نفخ!
حرب يوليو 2014 ليست اولى حروب حماس مع اسرائيل وقد لا تكون اخرها وتدرك حماس جيدا مقدار الدمار الذي تستطيع آلة الحرب الاسرائيلية ان تنزلها بكيان غزة، وانها كذلك ستدمر كل الانفاق السرية والعلنية التي توظفها حماس في تموين غزة وتسهيل «النشاطات الاخرى»! وتدرك ان تمويل اعادة البناء لن تكون سهلة، وبخاصة ان كانت بحجم «عملية الجرف الصامد»، ثالث حرب كبرى تشنها اسرائيل على قطاع غزة، منذ ان انفردت حركة حماس بادارة شؤون القطاع في يوليو 2007، وقد سبقتها حربا «الرصاص المصبوب» في يناير 2009 و«عمود السحاب» في نوفمبر 2012.
ثم ان التكاليف المالية لمثل هذه الحروب لا تجعل اسرائيل من مؤيدي اشعالها. وكانت اسرائيل قد طلبت قبل اختطاف الجنود الثلاثة زيادة في ميزانية وزارة الدفاع قدرها مليار ونصف المليار دولار. وكانت عملية الرصاص المصبوب قد كلفتها ما يقارب مليار دولار، بنيما تتعرض ميزانية وزارة الدفاع الاسرائيلية لنقد شديد من الداخل، حيث يرى كثيرون ان جزءا كبيرا من هذه الميزانية يجب ان يخصص لسد الفوارق الاجتماعية، وحسب تقديرات وزارة المالية، فإن حرب يوليو 2014 ستكلف نحو ثلاثة مليارات دولار، منها قرابة الثلث نتيجة تعطل الحياة الاقتصادية، كما وصلت خسائر صناعة السياحة الاسرائيلية الى 600 مليون دولار خلال الاسابيع الاولى للحرب.
قد تنهال اموال المنح والهبات من العرب وامريكا واوروبا، ولكن هل ستصل الى القدر المأمول والكافي لتغطية اعادة بناء غزة؟
وهل ستغير حماس نهجها حقا، وتتعقل، وتتجنب رمي خصومها الفلسطينيين من الادوار العليا، وتفتح المجال لادارة حديثة صديقة لشعبها ولمصر وبعيدة عن مصالح ومناورات الاخوان المسلمين؟!
هذه قد تكون الفرصة الاخيرة للشعب الفلسطني ولغزة والضفة الغربية وللقضية الفلسطينية لنيل كل هذا الاهتمام العربي والتعاطف الدولي والمساعدات، وقد لا تسلم الجرة.. كل مرّة!
تعليقات