التدين ليس بالضرورة دليلاً على الاستقامة!.. برأي أحمد الصراف
زاوية الكتابكتب أكتوبر 15, 2014, 12:38 ص 863 مشاهدات 0
القبس
كلام الناس / عندما يسرق السلف السلف
أحمد الصراف
تقدم رئيس سلفي لمجموعات استثمارية بشكوى للنيابة ضد رئيسها السلفي السابق ونائبه على خلفية سوء الإدارة، حيث تبين - كما نشرت الصحافة - أن ملفات المخالفات هربت من الشركة، والتجاوزات بلغت الملايين، وأن أصول الشركة بيعت بأقل من قيمتها بكثير، وتم تنفيع أقارب الرئيس ونائبه، وبلغت الخسائر 70 مليون دينار، هذا غير شبهة عمليات غسل أموال، وقبض عمولات غير قانونية بملايين الدنانير. واضاف الرئيس أن حجم المطالبات بالتعويض قد تصل الى 200 مليون دينار! ولكن ما حدث مع هذه الشركة تكرر مع عشرات غيرها، فلم الكتابة عنها بالذات؟ الجواب لأن لنا في رأسمالها حصة غير مباشرة من خلال التأمينات. كما يتجاوز رأسمال الشركة المئة مليون دينار، ولأن مجال عملها واسع ويشمل كل شيء تقريبا، وصدر ترخيصها غالباً إرضاء للسلف، مقابل ما سبق ان منح من ترخيص لحزب الإخوان، كما نكتب عنها لأنها شركة تدار من بابها لمحرابها من السلف! ولم يعمل فيها من لم ترض عنه الجماعة. كما أن هيئتها الشرعية، يسبق أسماء معظم أعضائها حرفا الألف والدال، وهم الذين اقروا سنة بعد اخرى، من دون خجل، بصحة تعاملاتها. وكذلك فعل مراقب حسابات الشركة الداخلي ومدقق حساباتها الخارجي ومفوضو البورصة ومراقبو الشركات المساهمة في وزارة التجارة! فجميع هؤلاء شاركوا، بعلم أو بجهل، في التغطية على لحى إدارة الشركة السابقة، عمدا أو إهمالا، وفي السكوت عن لطش اصولها وحقوق مساهميها، وربما استخدم بعض أعضاء مجلس الإدارة السابق مظاهرهم الخارجية، من لحى طويلة ودشاديش قصيرة وجباه خشنة، في إيهام غيرهم بأنهم ابعد ما يكونون عن عمليات النصب والاحتيال!
لقد سبق أن حذرنا مرارا وتكرارا من خطورة الانخداع بالمظاهر الدينية، وطالبنا بمعاملة رجل الدين كشخص عادي وصاحب وظيفة، وليس كنصف إله. فقد حدثت كل تلك السرقات بوجود مجلس إدارة «سلفي متدين» وهيئة شرعية سلفية، وربما إخوانية متدينة، ومراقب حسابات سلفي متدين، ومدقق داخلي متدين، وموظفون متدينون من السلف، واجهزة رقابة في البورصة والتجارة، وربما من الذين يماثلونهم تدينا، فكيف يمكن أن نصدق بعد كل هذا الكم من اللحى والزبائب (جمع زبيبة) أن يسرق السلف السلف؟!
وبالتالي نكتب لنحذر من الانخداع بالمظاهر الخارجية، فكلنا بشر وكلنا خطاؤون، ونكتب لنكشف زيف هؤلاء الذين أوهموا غيرهم بأنهم أفضل وأطهر منهم، ولكن الواقع غير ذلك، فالتدين ليس بالضرورة دليلا على الاستقامة، فمثلا سرق هؤلاء الشركة في غضون تعبدهم! ومن يأتي لي بمن انتمى علنا لأحد هذه الأحزاب الدينية ولم يحقق نجاحا وظيفيا أو ثروة فإنني سأقبل رأسه وأعتذر منه! ولو تمت محاسبة كل من أجرم بحق هذه الشركة لوجد نصف من راقب حساباتها ودقق سجلاتها ونصف هيئتها الشرعية ونصف أعضاء البورصة أنفسهم في السجن! ولكننا في بلد «عفا الله عما سلف، ولو سرقوا أموال السلف»!
تعليقات