عن جدل الإبراهيم والمطيري في يهود الخليج!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1634 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  جدل الإبراهيم والمطيري.. في يهود الخليج

خليل علي حيدر

 

لا يعلم الكاتب ما يدع وما يترك، بل وكيف يبدأ الحديث عن الكتاب النقدي اللاذع للباحث المعروف الأستاذ يعقوب يوسف الإبراهيم، الذي صدر أخيراً بعنوان «محنة الجامعة بين الترضية والتربية» في لندن هذا العام 2014 ([email protected])، وخصصه الابراهيم لنقد وتقصي كتاب «اليهود في الخليج»، للأستاذ الباحث يوسف علي المطيري، والصادر في دبي عن «دار مدارك للنشر» (mdrek.com).
كتاب الأستاذ المطيري «اليهود في الخليج» كان أصلاً دراسة أكاديمية حصل من خلالها الباحث على شهادة الماجستير من جامعة الكويت عام 2011، بإشراف د.عبدالمالك خلف التميمي، وهو عبارة عن «دراسة في تاريخ الأقلية اليهودية في منطقة الخليج العربي وأحوالها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية منذ القرن التاسع عشر ومن منتصف القرن العشرين». وتقع الدراسة في خمسة فصول وخاتمة، 321 صفحة.
كتاب الباحث الابراهيم كذلك خمسة فصول وخاتمة، من النقد والمعلومات والاعتراض والتفنيد، والذي يغوص بالقارئ في جزئيات وكليات لا حصر لها من تاريخ اليهود عامة، وتاريخهم في أوروبا ودول الخليج والجزيرة خاصة.
اعتراض الابراهيم يبدأ بعنوان دراسة المطيري! فالدارس «اقتصر على اليهود سكنة للجانب العربي- من الخليج- ولم يتطرق إلى اليهود سكنة الجانب الإيراني».
وينتقد الابراهيم إشارة الباحث إلى «قلة المصادر التي تناولت الأقلية اليهودية في الخليج»، وهي في الواقع كما يقول الابراهيم كثيرة، وأهمها باللغة الانجليزية، وهذه الكتب غير مترجمة. ويقول إن «جل الرسالة اعتمد على مصدر رئيسي واحد»، وإن الباحث لا يجيد «اللغة الانجليزية» وإن هناك مصادر رئيسية، إما إنه لم يستفد منها أو إنه لم يصل إليها على الإطلاق، أو إنه اساء استخدامها، كما أن قائمة مراجع الكتاب حوت «مصادر ضعيفة ومثلها مقالات لكتبة أعمدة صحف».
ويتهم الابراهيم الدراسة بالاستناد إلى بحث كتبه الابراهيم بعنوان «تاريخ اليهود في الكويت»، ويعرض الابراهيم نماذج من الأسماء التي اخطأ استخدامها الاستاذ المطيري ومنها «هاورد ديكسون»، المعتمد البريطاني في الكويت، المطيري ص83، والصحيح «هارولد ديكسون»، والفنان العراقي «محمد القبنشي»، ص147 والمقصود «محمد القبانجي».
ويعترض الابراهيم على استخدام كلمة «تهوّد» بمعنى اعتنق اليهودية، ولكن الكلمة موجودة في قاموس المنجد طبعة 1986 «تهود: صار يهودياً»، «هوّده: حوّله إلى ملة اليهود».
وقد جاء في كتاب المطيري أنه «هاجر بعض أفراد الأقلية اليهودية في الاحساء إلى العراق ونزلوا في منطقة الزبير، وافتتح بعضهم مصنعاً لنوع من أنواع الحلوى المعروفة في الاحساء وربما تعلموها هناك وهي الرهش، وبعضهم عمل في الحياكة»، ص268. والصحيح، يقول الابراهيم، «لم يحدث أن سكن يهود أو من أديان أخرى عدا المسلمين بالزبير إطلاقاً عبر تاريخها». ص65.
ومما يعترض عليه الابراهيم ما جاء في دراسة المطيري من أنه «جلب العثمانيون عند استيلائهم على منطقة الاحساء عدداً من اليهود من العراق لتولي بعض الوظائف الإدارية والمالية هناك.. حيث استقروا في الهفوف التي تعتبر أكبر مدن الاحساء».. ويرد الابراهيم: «هذا غير صحيح فشاغلو الوظائف العامة عبر تاريخ الدولة العثمانية هم من المسلمين فقط». ص67.
ومن أكبر اتهامات الإبراهيم انه اقتبس- دون اشارة- بحثا كان الابراهيم قد نشره في صحيفة القبس سنة 2006 بعنوان «تاريخ اليهود في الكويت»، ويضيف الابراهيم إن استاذا جامعيا جابه المطيري بأنه معرض للمساءلة القانونية فرد عليه المطيري إن صاحب دار مدارك للنشر قد أخبره «ليكن ذلك ولا تخف، فإن أي دعاية مهما كانت سوف تزيد المبيعات» ص79.
وعن بداية الصهيونية يعارض الابراهيم بدايتها «منذ نهاية القرن التاسع عشر»، كما جاء في بحث المطيري، فـ«الجهود اليهودية على طول التاريخ اليهودي كانت تتعلق بالعودة والارتباط بـ(صهيون) وطناً وفكراً وأماني». ص88.
ويعود الابراهيم إلى نفي ما يقوله المطيري عن قلة المصادر التي تتناول اليهود في المنطقة الخليجية، أو «اقليم» الخليج كما يفضل الابراهيم، ويعرض قائمة «لا عَرف ولا سَمع» الباحث المطيري بها! عبارة عن اثني عشر من الرحالة المسلمين طافوا الخليج، وتكلموا عن أحواله، ابتداء من الكندي 873م، ثم الاصطخري والمسعودي والمقدسي والبيروني.. الخ.
ويعرض الابراهيم الكثير من المعلومات المتعلقة بدخول اليهود إلى إيران في الماضي وفي العصور الحديثة خلال عهد الشاه عباس.
والمفاجأة أن كتاب الاستاذ الابراهيم يبدأ فصله الأول بعد هذا كله، ص137، وهو يبدأ بتناول اليهود في العراق، وعلاقة داود باشا والي العراق بيهود بغداد، وهجرة اليهود إلى الخليج.
ويذكر المطيري أن مجموعة من اليهود جاءت من العراق إلى الكويت والبحرين «هربا من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش العثماني. وكانت الحكومة العثمانية حتى بداية القرن العشرين تفرض سنوياً مبلغاً معيناً يُعرف ببدل العسكرية تدفعه الطائفة اليهودية». ص48. ويشرح الابراهيم هذه النقطة بالقول إن إعلان قانون الخدمة الجديد كان عام 1909، «وبموجبه يحق لكل عثماني أن يقوم بالخدمة العسكرية مسلماً كان أو غير مسلم».
وفي عام 1926، يضيف الابراهيم «صدر قانون التجنيد الإجباري، فعارضه كل من الأكراد والشيعة، كما عارضته سلطة الانتداب البريطانية، وقد عارض أهل الزبير القانون عام 1927، وهددوا بالتخلي عن الجنسية العراقية والالتحاق بالتابعية السعودية». الابراهيم، ص155.
وجاء في كتاب المطيري ص201، أن حكومة البحرين اعتبرت اليهود في غالبيتهم «عرباً قدموا من العراق». ويعارض الابراهيم هذه المقولة التي يراها موغلة بالخطأ التاريخي: «فيهود العراق عبرانيو الأصول وهم بقايا السبي البابلي، فكيف تم إلصاقهم بالعرب؟» ص282،.
ولكن كتب التاريخ العربي تشير صراحة إلى تهود بعض عرب الحجاز مثلا، كما جاء في تاريخ اليعقوبي وفيليب حتي ومعجم البلدان، فيما يشير د.أحمد محمد الحوفي في كتابه «المرأة في الشعر الجاهلي»، ويقول: «فكان حول مكة قبائل عربية متهوِّدة، هي بطون من كنانة وبني الحارث بن كعب وبني كندة، وتهود قوم من غسان ومن جذام، وهاد بنو حشنة بن عكارمة بتيماء، وهاد بعض الأوس والخزرج لما جاوروا اليهود». ص28 – 29.
إيراد مآخذ الأستاذ الإبراهيم على المطيري لا يعني التسليم بصحتها. ففي كتاب المطيري جهد كبير لا يمكن الانتقاص منه كلية. ولا يزال الباب مفتوحاً للردود والتوضيحات من الباحث نفسه أو أساتذة تاريخ الدول الخليجية.
وهكذا الأمر بالنسبة لكتاب الأستاذ الابراهيم، الزاخر بالمعلومات القيمة عن اليهود وأوروبا والعالم العربي والمنطقة الخليجية وغير ذلك. وما أن يفرغ القارئ من كتاب الابراهيم حتى يتمنى لو أن الباحث، بكل هذا الجهد وهذه المتابعة، قام بتأليف كتاب ثان مستقل حول نفس الموضوع، فيكون في هذا اثراء أيما اثراء للمكتبتين الكويتية والعربية.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك