البعد الانساني في الدبلوماسية الكويتية
عربي و دوليسبتمبر 10, 2014, 12:06 ص 2418 مشاهدات 0
هناك شعور لذيذ في ان تكون الاجنبي الوحيد بلباسك ومظهرك بين 60 عسكري أمريكي لمدة 6 أشهر؛لكنه أصبح عبء في نهاية سبعينيات القرن الماضي حينما تطلب الامر ان أشرح في كل فصل جديد أنني من بلد بالكاد يوازي حجم نيوجيرزي أسمه الكويت. وفي إحدى الكورسات تحدى المدرب الطلبة عن من يعرف الكويت.فسمعت صوت يقول' نعم أنا أعرف الكويت' تملكتني مشاعر جياشة.فقد كان ذلك قبل ان تضعنا قناة سي ان ان 'CNN'على خارطة الاعلام بعقد كامل.
وحين استدرت للمتحدث لاحظت لأول مرة انني لست العسكري الاجنبي الوحيد. تملكتني رغبة جامحة لمعرفة كيف عرف بلدي.
إلا ان المعلومات التي كان يلقيها عن الكويت أدخلتني في عاصفة عاطفية كالتي تتملك الفرد حين يسمع السلام الوطني لبلده تعزفه فرقة نحاسية في بلد أجنبي. كان زميلنا العسكري الجديد يتحدث عن الكويت بحس إنساني،لكنه غير عاطفي.
فالعاطفي هو ان يرق قلبنا لأهل غزة،ونازحي سوريا،ويتمزق لما يكابده العراقيون والليبيون من مصائب تدفعنا للوقوف معهم.فالعاطفة هنا يقودها الدين والأصل والدم.أما الاطار الانساني فأوسع.فالقيم الانسانية هي التي جعلت بيل غيتس يتبرع بعشرة مليارات دولار لأعمال الخير حول العالم .
القفز من الاطار العاطفي المحدود للإطار الانساني الواسع هو الذي دفع بالكويت قبل مايزيد على 50 عاما الى ان يصبح العمل الانساني جزء من أهداف سياستها الخارجية .لقد حُرمت الكويت من الانضمام للتجمع الانساني تحت مظلة الامم المتحدة من يوم استقلالها 1961م الى عام 1963م جراء'الفيتو'السوفيتي الانتهازي.
وعندما قدر لها الانضمام للأمم المتحدة راحت تستخدم الادوات الاقتصادية لإظهار وجهها الانساني.لقد أحس صانع القرار الدبلوماسي الشيخ صباح الاحمد حفظه الله وهو وزير للخارجية حينها :ان الواجب الاخلاقي يتطلب منا ' أخوة تقاسم قطعة الخبز' كما جاء على لسانه قبل نصف قرن.
لذا تم إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية 1961م، كأول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تقوم بالمساهمة في تحقيق الجهود الإنمائية للدول العربية والنامية. وكأداة لمد جسور الصداقة.حيث ركزت الكويت على مساعدة الدول الفقيرة والصغيرة.
لقد كانت شهادة الامم المتحدة بإنسانية الكويت أقدم مما أعلنه الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أغسطس 2014م باعتبار الكويت مركزا إنسانيا عالميا وان سمو امير البلاد المفدى الشيخ صباح الاحمد 'قائدا للإنسانية' لتاريخها الزاخر بالعمل الانساني الذي كان آخره استضافتها لأكبر عدد من مؤتمرات المانحين بل والمشاركة بأكبر المنح فيها . فقد اقرت الامم المتحدة نفسها قبل عقود عدة ان نسبة المساعدات الانسانية التي تقدمها الكويت تتعدى مساهمات الدول الصناعية الكبرى والتي لم تصل الى 0.70% من دخلها القومي .بينما كانت المساهمات الكويتية تفوق 3.8% من مجموع الدخل القومي الكويتي ويزيد هذا أربعة أضعاف على الحد الادنى الذي تطلبه الامم المتحدة.
ومن مبدأ إن ما لايتم الواجب إلا به،فهو وجب؛ إختارت الأمم المتحدة الكويت وأميرها لتقلد قلادة الانسانية. فالقيام بالإعمال الانسانية واجب لايتم الا بواجب تكريم الامير الانسان في 9 سبتمبر 2014م. كما ان من اسباب وجوب هذا التكريم اننا نعيش اياما تتجلى فيها الانتهازية والعنف والواقعية الميكافيلية الدولية وكأنها طبيعة بشرية انسانية. فالصهاينة وبعد نهشهم اطفال غزة يحاولون عبر شركات العلاقات العامة الدولية وبالأموال الطائلة تلميع أنيابهم وإعطاءها ابتسامة هوليوود اللامعة. بينما تمنح قلادة الانسانية للكويت لأن الأشياء عليها أن تظهر في الواقع أولا قبل أن تظهر في التاريخ.
وقبل 35 عاما عرف زميلي'داندي'الكويت من لوحة كبيرة بجانب مشروع ضخم في بلده 'جامايكا' معنونة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، فنعم الامير أميرها ونعم صندوق الانسانية صندوقها.
تعليقات