محمد المقاطع: هذه أسباب تخلف أمتنا وضياعها!

زاوية الكتاب

كتب 638 مشاهدات 0


القبس

بين الخصومة والشماتة.. تخلفت دولنا

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

على الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين بتطوراته وتقنياته وتحدياته، وبالرغم من حاجتنا كأمة للنهوض واللحاق بركب الأمم المتقدمة، وبالرغم من المقدرات الهائلة لنا بشرياً وعلمياً ومالياً، وعلى الرغم من التكامل الجغرافي والثقافي والتاريخي في دولنا وشعوبها، على الرغم من كل ذلك فلا نزال نعاني التخلّف والصراع وضياع أحوالنا.

هناك جملة من الأسباب المسؤولة عن ذلك، سواء أكانت لحكومات فاسدة، أو لغياب المشاركة والديموقراطية في إدارة معظم دولنا، أو لاستئثار فئة متنفذة ما بثرواتنا وتسخيرها لمصالحهم الخاصة بدلا من بناء وتنمية دولنا، أو لغياب مشروع وطني جاد يتلاقى عليه أبناء الدولة الواحدة، أو لأن أغلب دولنا تعيش الصراع والمناكفة بينها في كل الأمور، أو لأننا كشعوب، كل في دولته على حدة، يستمتع أغلبنا بالخصومة والشماتة والتعصّب لانتماءاتنا الفكرية، التي تدفع كل منا الى التربّص بالآخر بعيدا عن أدب الاختلاف والقدرة على التعايش والإقرار بأن سنّة الله في أحوال البشر هي أن تكون إدارة شؤون الدولة متداولة بين الناس، وتجمعهم في النهاية غاية واحدة هي مصلحة وطنهم وتنميته.

إن المسلك المهيمن على نمط السلوك لدى تلك الأنظمة وشعوبها في دولنا يتسم بفكر الاستئثار المطلق في السلطة، وفي الثروة، وفي القرار، وفي المصالحة أو المخاصمة، لذا فإن الكثيرين ممن يهيمنون على السلطة، سواء جاءوا للسلطة بالتوارث أو بالتعيين أو الانتخاب، يكرّسون جل أوقاتهم واهتماماتهم على إقصاء الآخرين ومخاصماتهم وتصيّد الهفوات عليهم بدلاً من توحيد الجهود وتكريسها للبناء الوطني، بل ان معظم أنظمتنا تختلق الخصومة وتذكي النزاع بين فئات المجتمع السياسية والاجتماعية توهما منها أن سياسة فرق تسد تمنحها استقرارا أو استدامة. وعلى خطى السلطة فإن التيارات السياسية والنخب التي توصف بأنها مثقفة هي الأخرى تستهويها أجواء الصراع والخصومة، فترى تنافسهم في المؤسسات السياسية المنتخبة والمحافل الثقافية يتحول الى معارك شرسة لقضاء كل منهم على خصومه وللاستئثار بالسلطة، بما في ذلك من استخدام نفوذ السلطة إن وصلوا لها أو تحريضها عليهم، وبث الدسائس والإشاعات ضد بعضها فتكون حربا لا تبقي ولا تذر، فيصبح الجميع فخارا يكسر بعضه، وكل منهم يكسر وطنه عن وعي وتواطؤ أو عن جهل وسذاجة، وتستمر نماذج السلطة الفاسدة ويبتعد الحكم الرشيد.

وبين ذاك وهذا نجد طوابير أشباه المثقفين ممن يحولون إلى شماتة أو مصفقين لهذا الفريق أو ذاك، وهي حال معظم أبناء شعوبنا، تحركهم عواطفهم وانفعالاتهم الآنية حباً لهذا أو كرهاً لذاك، وقد صار كل منهم عالة على مجتمعه لا ينتج ولا يعمل ولا يساهم إيجابيا، إنما شغلته رغبة القيل والقال ونقل الأخبار الكاذبة والادعاء بالمعلومة الكاذبة، ويفرح بالشماتة ويتندر بغيره عن جهل وصفاقة، وهكذا صرنا أمة نعيش الخصومة والشماتة، وهذا سبب تخلّفنا.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك