ديموقراطيتنا شكلية ودستورنا حبر على ورق!.. هكذا يعتقد الدعيج
زاوية الكتابكتب أغسطس 17, 2014, 12:52 ص 534 مشاهدات 0
القبس
عُمان تنير الطريق
عبد اللطيف الدعيج
قبل أيام، كتبت ان الدمار والحروب التي مرت بها الإنسانية أدت بالمناطق المنكوبة إلى استهداف التعايش والسعي إلى إقرار السلام بين شعوبها. كما حدث في أوروبا وشرق آسيا. وتمنيت ان يحدث مثل هذا عندنا. موقف المرجع الشيعي السيد السيستاني من الأذى الذي تعرض له غير المسلمين في العراق كان بصيص أمل وبداية إحساس منطقي وسليم بأهمية التقارب والتسامح بين الطوائف والأعراق.
مؤخرا نقل على لسان الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي بن عبدالله مطالبته «بدراسة الظواهر السياسية بشكل صحيح، والبحث عن مخرج حقيقي لما تمر به دول المنطقة من أزمات وأعمال عنف».. ومضى الوزير العُماني إلى أبعد من ذلك حيث قرر انه «منذ القرن التاسع عشر والعرب يبحثون عن علاقة الدين بالسياسة»، بينما ان الجواب الأمثل من وجهة نظر الوزير العُماني «ان تعيش شعوب المنطقة في دولة مدنية تقوم على العدالة».
الوزير بن علوي «نقشها»، الدولة المدنية هي الحل والمدخل الحضاري، كما ارتأى، لتفادي الحروب القائمة على الصراعات الفئوية والطائفية. هذا الموقف الديموقراطي والإنساني والمدني يأتي من عُمان، وقبله كان بالطبع موقف السيد السيستاني. ولا عجب ولا غرابة هنا، فالاثنان إلى حد ما يجمعهما المذهب الشيعي نفسه. هذا يجعل من المذهب الشيعي أكثر تسامحا وعقلانية من المذهب السني.
لكن هذا ليس صحيحا تماما، خصوصا إذا ما نظرنا وقسنا المذهب السني بشكله الحضاري والمدني قبل عشرات من السنين فقط. اي قبل «البترودولار» وقبل السطوة المالية لاهل الخير من دول النفط الخليجية. مذهب ابي حنيفة، وهو اول المذاهب الاسلامية، هو الاكثر تسامحا بين المذاهب. بل يمكن القول انه المذهب المتسامح والانفتاحي الوحيد بين مذاهب أهل السنة. وبعد المذهب الحنفي يأتي مذهب الإمام مالك وحتى الشافعي، وإلى حد ما ابن حنبل. هذه المذاهب مذاهب قائمة على العقلانية والتسامح. ومعنية بالتعايش بين الطوائف والديانات.
مذاهب التكفير ونبذ الآخر، ومعشر الفرقة الوحيدة الناجية، دخلت علينا مؤخرا على يد ابن تيمية، وبعده اتباعه المعاصرين، وبقية المتعصبين واتباع الفرقة 71. وان كان من الضروري الاشارة إلى انه تم التمهيد لها منذ المذهب الثالث.. أي مذهب الإمام الشافعي.
قبل هبة «البترودولار» كان علماؤنا محمد عبده والافغاني والكواكبي وعبدالعزيز الرشيد وبقية المتسامحين والطيبين من شيوخ الدين.. بعد السبعينات وطفرة اسعار النفط صار العلماء بن لادن والظواهري وبقية المتطرفين من اتباع بن تيمية والاخرين ممن هم على نهجه. حتى المذهب الشيعي لم يسلم من تطرف الفورة النفطية فأفتى السيد الخميني بقتل سلمان رشدي وتكفير غير أهل الكتاب، وبالذات المذهب البهائي المنتشر في إيران.
الدعوة الى مدنية الدولة وتقرير اهمية الحل الحضاري لمعضلات الاختلاف الطائفي والفئوي بين شعوب المنطقة كان من المفروض ان ينطلق من الكويت. الدولة الديموقراطية في المنطقة. لكن المؤسف ان ديموقراطيتنا شكلية وان دستورنا حبر على ورق. فالكويت في النهاية دولة دينية متخلفة خاضعة رغم الانكار ودعاوى التمسك بالنظام الديموقراطي والدستور، خاضعة للسلف والتلف. إعلامنا يسيطر عليه السلف والتلف، ومناهجنا يقررها السلف والتلف.. وسلوكنا ومعاشنا يخصعان لتوجيهات ورؤى الفرقة 71.. منذ عام 1976 وحتى كتابة هذا المقال.
تعليقات