أين العرب من إغاثة ضحايا 'داعش' في العراق؟!.. خليل حيدر متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 585 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  إغاثة الكفار.. والذميين!

خليل علي حيدر

 

من يصدق ان كارثة انسانية بهذا الحجم تقع شمالي العراق ولا تتحرك دول مجلس التعاون الخليجي ولا تركيا او ايران او الجامعة العربية؟
من يصدق ان مدينة عربية عريقة، ذات مكانة تاريخية متميزة مثل «الموصل» تستباح من عصابة ارهابية شرسة، وترتكب الفظائع بحق سكانها، وتغتصب نساؤها، ولا يتحرك ساكن في كل هذه الاماكن!
كيف يعقل يا دول الخليج والجزيرة، ويا تركيا ويا ايران، ويا كل العالم العربي، ان يتم امام عيونكم وتحت سمعكم تجريد المسيحيين في مدن وقرى العراق من بيوتهم وممتلكاتهم، وان يطردوا من ديارهم التي كانوا فيها ألوف السنين، دون ان يعني لكم هذا اي شيء؟!
ماذا ينبغي ان يصيب المسيحيين العراقيين وطائفة الايزيديين، وبقية سكان مدن وقرى الشمال من السنة والشيعة، كي تعتبروا هذه المنطقة منكوبة، وان تتحرك «الجمعيات الخيرية» وهيئات الهلال الاحمر، او لتهتم اجهزة اعلامكم على الاقل بما يمر بهؤلاء من ظروف رهيبة؟
لماذا تحرك العالم العربي بهذه القوة وبهذا الانفعال في كارثة غزة، ونسي تماما مأساة العراق؟
لماذا لا تعني للعرب والمسلمين مآسي غير المسلمين او غير العرب او أي شيء؟ كيف ندّعي اننا جزء من المجتمع الدولي المتحضر، ونحن نزن كوارث الآخرين ومصائب الجيران بموازين الدين والطوائف والكفر والايمان؟
ماذا كان سيحدث لهؤلاء الهاربين اللاجئين من المسيحيين والايزيديين في جبال سنجار الجرداء وغيرها، لولا رحمة الامريكان والاوروبيين ومسارعتهم بالحد الادنى من المساعدة، ومجيئهم من اقاصي اوروبا وامريكا للمساعدة، فيما لم تتبرع اي دولة عربية او مسلمة بألف دولار او الف زجاجة ماء او حتى مساعدات رمزية!
لماذا نبخل بكل ما نملك في المنطقتين الخليجية والعربية، وفي تركيا وايران، من مال وطائرات نقل ومساعدات اولية وماء وغذاء وملابس، ونجلس القرفصاء متفرجين، او ربما نلهو بقضايانا الخاصة، ونحن نعلم ان كارثة العراق وحرائق داعش قد تنالنا؟
لقد كان باستطاعة تركيا وايران ان تقلبا الموازين في تلك المنطقة لو مدتا يد العون بأبسط اشكال المساعدة لهؤلاء الفارين المساكين بين شعب جبال شمال العراق وبراري كردستان. وكان من اسهل الامور وربما لايزال، ان تقوم دول الاقليم المجاور للعراق بالتنسيق فيما بينها لتقديم يد العون وتخفيف مصاب آلاف العراقيين الذين هجم عليهم مغول العصر، ولم ينج من نجا منهم الا بما يرتدي من ملابس، ولا يعرف احد ما الذي جرى للعاجزين والشيوخ في المنازل، والمرضى في المستشفيات والتلاميذ في المدارس، وما حل بسائر الآخرين!
لماذا نتفاخر في الندوات العربية والدولية بعراقتنا الحضارية، وسماحة ديننا، وترابط اقوامنا ومكوناتنا السكانية، ونغضب من اي نقد واي ملاحظة نراها سلبية بحقنا، ثم تسمح اثرى دولنا واعزها بالامكانات والقدرات، بأن تقف لا مبالية ازاء مأساة كمأساة الموصل واقتلاع المسيحيين والايزيديين في العراق؟ متى تنجح دول مثل تركيا وايران وبلدان الخليج وكل العالمين العربي والاسلامي، في بناء منظمات ضخمة للاغاثة، وهيئات خيرية انسانية لا تتحكم بها الاعتبارات السياسية والدينية، ولا ترتبط باشكال الروتين والتخبط واللامبالاة والتعصبات التي تعيشها الدول العربية والاسلامية ونخبها؟
هذه المرة الضحايا مسيحيون وايزيديون «كفار» او ذميون في المرة القادمة، سيكونون مسلمين.. سنة وشيعة!.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك