عن شكر المعروف يكتب - عبدالكريم الشمري
زاوية الكتابكتب أغسطس 15, 2014, 5:30 م 829 مشاهدات 0
لا يختلف عاقلان على فضيلة حفظ العهد ومعرفة قدر المنعم،فإن هذه الخصلة دليل على صفاء معدن من يتحلى بها وطهارة نفسه.
وما ذاك إلا لأن كثيرا من الناس _مع الاسف الشديد_لا يحب الإعتراف بفضل الناس عليه،لما يرى في ذلك من امتهان لقدره والحط من كرامته،ولذلك تجده حريص على كتمانه ككتمانه سرا يتوقف قتله على إذاعته!!.
وهذا لا شك أنه في الغاية من الانتكاس على المفاهيم الراقية والمجانبة للفضائل.
ولو لم تكن هذه الخصلة من الفضيلة بمكان لما ضرب لنا رسولنا الكريم _صلى الله عليه وسلم_أروع الامثلة فيها عندما حفظ العهد والمعروف للمطعم بن عدي عندما اجار النبي _صلى الله عليه وسلم_فقال عليه الصلاة والسلام في اسرى بدر:لو كان المطعم حيا وكلمني في هؤلاء لوهبتهم له.
انظرمن يحفظ العهد لمن ؟!!
رسول الله للمطعم بن عدي!!
رسول الله صفوت الخلق للمطعم بن عدي رجل من المشركين!!
وماذا كان يرجو منه الرسول؟؟لاشي لولا ان اخلاق الرسول ابت الا ان تظهر هكذا فضائل.
حق لنا ان نبكي دما بعد ان تحسر المتنبي قبلنا بألف ومائة سنة على هذا الخلق بقوله:
ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا.
حقيقة نحن لا نتحسر على هذا الخلق حبا للنياحة _كحال كثير في العالم العربي النائح على الماضي والغافل عن المستقبل_ولكن نحن نتحسر على هذا الخلق لما له من خصوصية جسدها عنترة الفواس بقوله:
نبئت ان عمرا غير شاكر نعمتي= والكفر مخبثة لنفس المنعم…
فعند انعدام شكر المعروف تضعف همة المنعم عن فعل الخير.
ختاما احب اختم بقصة فيها من معرفة قدر المعروف الشي الكثير.
قال ابو الفرج الاصفهاني في كتابه الاغاني:
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني محمد بن يزيد المبرد قال أخبرني علي بن القاسم قال: قال علي بن جبلة: زرت أبا دلف بالجبل، فكان يظهر من إكرامي وبري والتحفي بي أمرا مفرطا، حتى تأخرت عنه حينا حياء. فبعث إلي معقل بن عيسى، فقال: يقول لك الأمير: قد انقطعت عني، وأحسبك استقللت بري بك، فلا يغضبنك ذلك، فسأزيد فيه حتى ترضى. فقلت: والله ما قطعني إلا إفراطه في البر، وكتبت إليه.
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة= وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائرا= فأفرطت في بري عجزت عن الشكر
فم الان لا آتيك إلا مسلما =أزورك في الشهرين يوما أو الشهر
فإن زدتني برا تزايدت جفوة =ولم تلقني طول الحياة إلى الحشر فلما قرأها معقل استحسنها جدا وقال: أحسنت والله أما إن الأمير لتعجبه هذه المعاني. فلما أوصلها إلى أبي دلف قال: قاتله الله. ما أشعره وأدق معانيه فأعجبته فأجابني لوقته - وكان حسن البديهة حاضر الجواب -:
ألا رب ضيف طارق قد بسطته= وآنسته قبل الضيافة بالبشر
أتاني يرجيني فما حال دونه= ودون القرى والعرف من نائلي ستري
وجدت له فضلا علي بقصده= إلي وبرا زاد فيه على بري
فزودته مالا يقل بقاؤه= وزودني مدحا يدوم على الدهر
قال: وبعث إلي بالأبيات مع وصيف له وبعث معه إلي بألف دينار، فقلت حينئذ: إنما الدنيا أبو دلف.
تعليقات