الحلول العاقلة غائبة عن العالم!.. فاطمة البكر مستنكرة

زاوية الكتاب

كتب 683 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  أصابع الندم

فاطمة عثمان البكر

 

تحت وطأة المعاناة الأليمة التي يشهدها العالم اليوم، أحداث قاسية وتراكمات مؤلمة تهدد الوجود الإنساني بأكمله، ولم يمر عصر من العصور بمثل ما يمر من زخم تلك الأحداث العاصفة، غياب لأبسط قواعد القيم والمبادئ التي تعارف عليها البشر، وأصبح هذا الإنسان اليوم، وفي ظل ما نشهده ونشاهده، كأنه يعيش في عصر الغاب، فالحلول العاقلة غائبة، والأزمات والكوارث التي يعيشها عالم اليوم ما هي إلا أزمة قيم وغياب لمنطق العقل والاحتكام لوازع الضمير الحي!

من رحم هذا الوجع الإنساني جاء كتاب ومؤلف الدكتور فاروق العمر، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، في تحفته الرائعة «أصابع الندم»، يشير ويثير مكامن الألم، وهو دعوة تفاؤل لإصلاح مكامن مخفية في النفس الإنسانية، وهو غوص في أغوار تلك النفس في أهم جانب من جوانبها نادراً ما تطرق إليها كاتب أو مؤلف، وحينما قرأته بإمعان وجدت أنه يلقي الضوء على تلك الظلال الخفية بأسلوب تحليلي، سيكولوجي فلسفي، سلس وشيق، لاقى إقبالاً منقطع النظير على مختلف المستويات وأصبح الطلب يتزايد عليه في الداخل والخارج.

كتابه الرائع يلقي الضوء على هذا الجانب «وازع الضمير الحي»، فيه استنهاض ومناشدة لوازع الضمير الذي بتراكماته السلبية يؤدي إلى الشعور بالندم أو ما يطلق عليه «وخز الضمير»، وقد يظل النادم أسير هذا الوخز المؤلم إذا ما تمكن من تجاوز هذا الشعور إلى خطوة إيجابية وإلى تفادي مكامن الخطأ، فالإنسان بطبيعته يخطئ، وخير الخطائين التوابون، والشعور باستنهاض وازع الضمير الحي هو حصانة ومناعة حتى لا نقدم على ما قد يشعرنا بالندم، وليس هناك شيء أقسى على النفس من الندم عند ذوي الضمائر الحية، والمبالغة في تضخيم هذا الأمر من «جلد للذات» والشعور بالحزن والكآبة والألم قد تقودنا إلى الشعور الدائم بأننا أسرى ذلك الوخز المؤلم.

ويشير المؤلف في كتابه بأصابع الأمل والتفاؤل إلى الخروج من ذلك الوخز المؤلم، فيبين أن الندم إحساس لا يمكننا تجاهله، وهو شعور قوي وقاس إذا لم نتجاوزه بسلام، نستفيد منه، نوجهه إلى مصلحتنا من دون أن نسمح له بأن يبدد جمال حياتنا، ويؤثر على مستقبلنا عندما يحاصرنا هذا الإحساس بالذنب، مع الاعتراف بصعوبة نسيان الماضي، ولكن علينا ألا نسمح لأفكارنا القديمة وذكرياتنا الماضية أن تسيطر على حاضرنا لتفقده بريقه وجماله وتألقه، نعم نندم على أخطائنا وعلى خطايانا ندماً يردعنا عن تكرار الخطأ، ننظر إلى أخطائنا على أنها تجربة مرت نتعلم منها الدروس، دورساً كثيرة، فربما كنا في الموقع الخطأ مع الناس الخطأ، مع الظروف الخاطئة، نتعلم منها دروساً كثيرة لتكون لنا دافعاً لإصلاح المستقبل.

مؤلف رائع، تلهف الكثير على طلبه، جمع في صفحاته تجارب وقصصاً ومواقف استندت إلى معايير دينية اجتماعية فلسفية ثقافية سيكولوجية، فاستحق هذا الإقبال على اقتنائه، فهو يشير بأصابع الأمل والتفاؤل إلى كل من يعض على أصابع الندم!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك