فتح النوافذ ليس كفتح الأبواب- مناورات عسكرية مشتركة لتحرير طنب الصغرى

عربي و دولي

قراءة في زيارة وزير الدفاع الإيراني لقطر

1228 مشاهدات 0

الوزيران القطري والإيراني

 

 في القمة الثامنة والعشرين لدول مجلس التعاون والتي عقدت في ديسمبر 2007م في الدوحة، قدم رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية المثير للجدل محمود أحمدي نجاد 12 مقترحاً كانت أكثر إثارة من حضوره للقمة نفسها. ولعل من المفيد إعادة التذكير بتلك المقترحات لتكون مدخلا لنا لقراءة زيارة وزير الدفاع الإيراني العميد مصطفى محمد نجار لدولة قطر التي انتهت يوم أمس الأول.
قدم نجاد إلى القمة الثامنة والعشرين لدول مجلس التعاون 12 مقترحا وهي:
1. تأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي.
2.إلغاء تأشيرات السفر بين الدول السبع في الخليج العربي لتسهيل تنقل المواطنين
وتطوير الروابط الاقتصادية وترسيخ أواصر الصداقة بين الشعوب
3. السماح بتملك الأموال غير المنقولة بهدف التشجيع على الاستثمارات على المدى البعيد
 4.تعزيز أمن الاستثمار المشترك في قطاع النفط والغاز بشكل ثنائي ومتعدد الجوانب
5.التخطيط لإقامة تجارة حرة بين دول الخليج الفارسي، معلناً استعداد ايران لتوسيع نطاق التجارة الحرة مع دول الخليج الفارسي وإقامة مناطق للتجارة الحرة باستثمارات مشتركة
6.كما أعلن الرئيس احمدي نجاد استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
لسد احتياجات الدول الشقيقة في الخليج  العربي من مياه الشرب والغاز الطبيعي
7. كذلك تنشيط ممر شمال - جنوب باعتباره يلعب دورا هاما في توسيع التجارة
8.تمتين العلاقات وإحلال السلام والأمن في المنطقة،
9. استعداد إيران لنقل الطاقة عبر هذا المسير باستثمارات مشتركة من قبل دول المنطقة
10.  توسيع السياحة وتشجيع رعايا الدول السبع على السفر فيما بينها. 
11. التعاون على مساعدة الدول الإسلامية والدول الفقيرة
12.عقد اتفاق أمني وتأسيس منظمة للتعاون الأمني .

في زيارته لدولة قطر حمل وزير الدفاع الإيراني العميد مصطفى محمد نجار المقترح الثاني عشر بعد تخفيف الكثير من اندفاع رئيسه، حيث أن اقتراح عقد اتفاق أمني وتأسيس منظمة للتعاون الأمني مقترح شبه مستحيل ، لأن معنى ذلك ببساطة قيام دول الخليج بإدارة ظهرها للغرب وإلغاء الاتفاقيات الأمنية معه ، وتسليم رقبتها لنظام مثير للجدل سيكون أول مطالبه تفكيك منظمة مجلس التعاون، أو إفراغها من محتواها بعد تعويم مفهوم أمن الخليج العربي .
اجتمع العميد مصطفى محمد نجار صباح الثلاثاء16 أغسطس2008م  مع سعادة اللواء الركن حمد بن على العطية رئيس أركان القوات المسلحة  القطرية ، ففي أعقاب النافذة الدبلوماسية، انفتحت النافذة العسكرية القطرية هذه المرة حيث أطل وزير الدفاع الإيراني من خلالها و شدد على أهمية الزيارة التي  بدأها لدولة قطر, مشيرا إلى أنها تأتي في إطار جولة  مستقبلية على عدد من دول الخليج. وأضاف إن توفير الأمن في المنطقة يقع على عاتق دولها وان إيران وقطر مؤهلتان للقيام بمثل هذا  الدور وتثبيت دعائم الأمن فيها.  ثم تطرق لفكرة زيارته الرئيسية وهي رغبة بلاده في إقامة مناورات عسكرية مشتركة مع دول المنطقة لتطوير قدراتها العسكرية وقال إن المصلحة المشتركة تدعو إلى إقامة مثل هذه الشراكة من اجل استقرار منطقة الخليج, مشيرا إلى ان إيران لديها فرص عدة في مجال التعاون الأمني.
وهنا لابد من الإشارة إلى إن إيران تجري مناورات تحت شعار 'المدافعين عن سماء الولاية' لمدة ثلاثة أيام تزامنت مع زيارة الوزير نجار للدوحة، وكمثيلها من المناورات فقد رصد المراقبون قلقا خليجيا تجاه الهدف من شحذ الجاهزية القتالية الإيرانية بصورة تتعدى صد الغزو الغربي المرتقب، وتدخل في خانة الاستعداد للانقضاض في خطوة استباقية على إحدى دول المنطقة لنقل الصراع لدولة ثالثة وتحويلها إلى رهينة بيد إيران . لكن الوزير أكد ان هذه المناورات  عادية وطبيعية هدفها رفع كفاءة القوات العسكرية واختبار العتاد العسكري الإيراني الجديد وهي ليست رسائل موجهة بل لتنفيذ تكتيكات هجومية عسكرية لرفع كفاءة القوات الإيرانية.
 كيفية الاستفادة من الإطلالة العسكرية الإيرانية من خلال النافذة القطرية هي في المتابعة الخليجية الدقيقة للمبادرات الإيرانية، ومراقبة المناورات العسكرية الإيرانية عن قرب لأنها ستكشف ما في حوزة إيران من سلاح وقدرة على تحقيق أهداف المناورات . كما على دول الخليج أن تعي الأهداف الحقيقية التي تتوخاها المناورات. ودفع إيران للوفاء بتعهداتها ، وتشجيعها على  دعوة ضباط ومراقبين عسكريين من دول الخليج لحضور مناوراتها العسكرية، حيث أن ما  يقصد به في الدرجة الأولى من دعوة المراقبين العسكريين ليس بث الرعب في قلوبهم ، بل  بناء الثقة واثبات دخول إيران في منظومة الدول ذات الشفافية والنوايا  السلمية الحسنة لجيرانها.
 ولاشك إن دولة قطر في تعاملها مع جمهورية إيران الإسلامية على الصعيدين السياسي والعسكري، قد كسرت الكثير من الجليد بين ضفتي الخليج العربي ، ونجحت في القفز بمهارة فوق الكثير من الحواجز ، مما يجعل المراقب لأمن الخليج يقف في حيرة أمام إلحاح الكثير من الأسئلة :
 فهل تضمنت زيارة العميد مصطفى محمد نجار المرور على قاعدة السيلية Camp Assayliyah  ؟ وهل بالإمكان إن يكون ميدان المناورات المشتركة التي طالب بها العميد النجار في جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وابوموسى ؟ وهل ستتضمن مجريات المناورات جوانب من عقيدة إيران العسكرية الخاصة بالسلاح النووي ؟
ومجمل القول إن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد رجل مسكون بالرموز الدينية، وإذا أخذنا في الحسبان الاثنى عشرية التي حصر نجاد مقترحاته في عددها ،وما يعنيه قبولها على الجانب الخليجي وما آلت إليه تلك المطالب ، لا يبقى إلا القول  إن مابين دعوة وزير الدفاع الإيراني يوم أمس الأول ودعوة الرئيس نجاد قبل عام الكثير من التشابه ، وعليه فلن تذهب بعيدا  في التخمين بنتائج مقترحات النجار .كما تجدر الإشارة إلى  حقيقة إن هناك الكثير من المحاذير من وجهة نظر بعض دول مجلس التعاون  في فتح الأبواب  لإيران وليس فتح النوافذ لاستشراف مايجري  فحسب.

 

 

فايز الفارسي – الدوحة

تعليقات

اكتب تعليقك