مشاكلنا بحاجة إلى مبادرات سياسية جريئة.. برأي الديحاني

زاوية الكتاب

كتب 459 مشاهدات 0


الجريدة

الحل سياسي لا أمني (3)

د. بدر الديحاني

 

كما ذكرنا في المقال السابق فإن القبضة البوليسية لا تحل المشاكل السياسية، فلا ينتج عنها سوى الدمار الاجتماعي والسياسي، والمطلوب الآن الاعتراف بالأخطاء وتقديم مبادرات سياسية جريئة توقف النزيف الاجتماعي والسياسي الذي، إن استمر أكثر، فسيدفع وطننا ثمنه غالياً.
 مطلوب مبادرات سياسية جريئة من شأنها تخفيف حدة الاحتقان السياسي الحالي، وجعل الصراع يعود إلى قنواته الطبيعية المعتادة بدلاً من خروجه إلى الشارع والساحات العامة، خصوصا أن لدينا إطاراً عاماً متوافقاً عليه شعبياً منذ نصف قرن، وهو الدستور الذي إذا تم تفُعيله بشكل صحيح فلن تواجه الكويت أي اضطرابات سياسية؛ لأنه يُنظّم الصراع السياسي الذي لم يكن يوماً، وهو ليس الآن بأي حال من الأحوال صراعاً على الحكم كما تُروّج بعض وسائل الإعلام لأهداف لم تعد خافية على أحد، فالمادة الرابعة صريحة بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض، وقد أثبت الشعب الكويتي أثناء الاحتلال البغيض تمسكه بالشرعية الدستورية، علاوة على أن الدستور يحدد طبيعة العلاقات بين السلطات العامة من جهة وبينها وبين الشعب من جهة أخرى.
المبادرات السياسية الجريئة مطلوبة الآن، فاستمرار الوضع السيئ الحالي غير ممكن، حيث إن الأزمة السياسية تشتد وتلقي بظلالها الثقيل على الحياة العامة، وهذا يؤكد أن المعادلة السياسية الحالية دائرية ومغلقة، حيث إنها تُصيب السياسة في مقتل وتُخرج الصراع عن قنواته الطبيعية؛ مما يجعله يتجه شيئاً فشيئاً ليصبح صراعاً في الشوارع والساحات العامة مع ما يحمله ذلك من إمكانية حصول مواجهات ليست في مصلحة استقرار وطننا الغالي.
 أضف إلى ذلك أن المعادلة الصفرية، أي كل شيء أو لا شيء، لا وجود لها في عالم السياسة وإدارة الدول المتقدمة؛ لهذا فلا بد من البحث عن مخارج وحلول سياسية واقعية، لا سيما أن لدينا الأساس الدستوري القوي الذي سيحمينا، إن تم الالتزام به، من الانزلاق في النفق المظلم.
 المبادرات السياسية يجب أن تتضمن الاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها ثم التعهد بالالتزام بالإصلاح السياسي والديمقراطي، وهذا يتطلب تنظيم العمل السياسي على أسس وبرامج مدنيّة ديمقراطية، بحيث يُحظر العمل السياسي على أي مجاميع تقوم على أسس قبلية وطائفية وفئوية، والتي تساهم في الفوضى السياسية فتزيد الوضع العام سوءاً، فضلاً عن إصلاح النظام الانتخابي الحالي، بحيث يتم توزيع الدوائر الانتخابية بشكل عادل على أساس الدوائر الكبيرة والقوائم الانتخابية والتمثيل النسبي.
 والجدير بالإشارة أن نجاح المبادرات السياسية يتطلب، كما ذكرنا في المقال السابق، وقف الملاحقات السياسية وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن النشطاء السياسيين.  

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك