لثقافة التسامح ثمار وصفات يعددها خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب يونيو 26, 2014, 1:11 ص 1347 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / التسامح لا يتحقق في ليلة وضحاها
د. خالد عايد الجنفاوي
يصعب تحقق “التسامح” في أي بيئة إنسانية متطرفة تكثر فيها الكراهية الشخصانية والمغالاة والمبالغات والتفكير العاطفي المتطرف. التسامح وكل ما يتعلق به كقبول لثقافة الاختلاف والتعددية يتطلب أرضية اجتماعية وأخلاقية مناسبة تتسم, على الأقل, بميزات المرونة وقبول التغيير للأفضل. ولكن أكثر ما يتطلبه التسامح هو صبر ومواصلة من يدعو له وعدم شعوره بالإحباط بعد كل تجربة شخصية مخيبة للآمال ! ما الذي يجعل بعض البيئات الإنسانية ترفض ترسخ ثقافة التسامح العرقي والديني والمذهبي في النسيج الاجتماعي؟ وما مواصفات البيئة الاجتماعية التي تقبل التسامح أو على الأقل تجيز رواجه وتقبل تطوره الطبيعي في المجتمع؟ أعتقد أن من يدعو لتكريس التسامح في مجتمعه عليه أن يعي أولاً وقبل كل شيء طبيعة البيئة الاجتماعية والنفسية التي ينشط ويعمل فيها, قبل أن يصل لاستنتاج مخيب للآمال: أو كما قال الإمام الشافعي: “لا تعطين الرأي: من لا يُريده فلا أنت محمود, ولا الرأي نافِعُه. البيئة الإنسانية الايجابية التي يمكن أن يترسخ فيها التسامح الديني والمذهبي والعرقي والفئوي تتميز بالصفات التالية: * وجود قابلية للتسامح مع الآراء المخالفة لآراء الأغلبية أو الأقلية. * قبول التطورات الاجتماعية الطبيعية. * الحفاظ على حرية الرأي والتعبير المسؤولة. * رفض التعنت والتطرف والتشدد الفكري, وتكرس ثقافة التعددية الاجتماعية. * احترام حرية الرأي والتعبير ما لم تتجاوز حريات وكرامات الناس الآخرين. * تميز الثقافة الأخلاقية والنفسية المحلية بالمرونة المعتدلة. * وجود رفض مجتمعي شبه كامل للتقوقع الفكري والقبلي والطائفي والفئوي. يحتاج التسامح إلى أرضية نفسية خصبة لكي تغرس جذوره في الذهن المجتمعي العام. فلا يمكن أن يتحقق التسامح وقبول تعددية الآراء والمواقف الشخصية ما دام يُنظر إلى كل رأي مختلف على أنه تهديد للأمن القومي أو الاجتماعي ! الإنسان المتسامح قولاً وفعلاً هو من لا يتضايق إطلاقاً من اختلاف وتعدد وتنوع أذواق وآراء ومواقف من هم حوله, ما دام هؤلاء المختلفون لا يهددون كيانه الإنساني, أو يحاولون اجتثاث مشروعية مواطنته أو انتمائه لبيئته المحلية. التسامح لا يتحقق في ليلة وضحاها, وعلى من تأبط الدعوة لتكريسه في مجتمعه أن يصبر وأن يقاوم كل محاولات الإحباط والتثبيط التي يلقيها عليه الكارهون للتسامح. في المحصلة الأخيرة, التسامح نبت طيب سيعطي ثماره عاجلاً أم آجلاً. فلعل وعسى.
تعليقات