تحديات تواجه اسبانيا عقب تنحي الملك عن العرش

عربي و دولي

781 مشاهدات 0


تواجه اسبانيا مرحلة تاريخية جديدة عقب اعلان ملك اسبانيا خوان كارلوس الأول امس تنحيه عن العرش لصالح ابنه الأمير فيليبي السادس بعد نحو 40 عاما على رأس الدولة الاسبانية.

وشهدت اسبانيا خلال تلك الفترة تحولات كبيرة في شتى المجالات لاسيما السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث قاد الملك عملية اصلاح وتحول سياسي بعد ان عين في سنة 1975.

وستقام مراسم خلافة العرش الاسباني في النصف الثاني من الشهر الجاري في لحظات اعتبرت حاسمة في حياة المجتمع الاسباني الذي ما زال يعاني من تبعات الازمة الاقتصادية والمتطلع ايضا الى تغييرات سياسية واقتصادية عميقة نتيجة فقدان الثقة بالأحزاب السياسية التقليدية ومؤسسات الدولة.

الى جانب ذلك يعم الارتباك قسما من المجتمع الاسباني في ضوء التهديدات التي تواجهها الوحدة الوطنية نتيجة المطالب بانفصال منطقة (كاتالونيا) الشمالية الشرقية والمطالب بتغيير الدستور الاسباني ليتماشى مع الاحتياجات الراهنة.

كما تواجه اسبانيا تحديات تتمثل في الوحدة الاجتماعية ودولة الرفاه نتيجة للازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة الى مستويات قياسية.

وخرج عشرات الالاف من المواطنين من الاسبان امس في 40 مدينة موزعة على الجغرافية الاسبانية في مظاهرات سلمية للمطالبة بإجراء استفتاء شعبي على استمرارية النظام الملكي البرلماني في اسبانيا.

ويأتي ذلك تحت غطاء سياسي لأحزاب يسارية ثلاثة بنيها (اذكيردا اونيدا) و(بوديموس) و(ايكو) التي طالبت امس عقب الإعلان عن تنحي الملك عن العرش بتنظيم استفتاء شعبي حول استمرار النظام الملكي البرلماني في اسبانيا معتبرة ان الوقت قد حان لتتبنى اسبانيا النظام الجمهوري.

وفي مقابل ذلك اعلن الحزبان السياسيان الرئيسيان في اسبانيا الحزب الشعبي المحافظ الحاكم وحزب العمال الاشتراكي تأييدهما لاستمرار النظام الملكي في اسبانيا ممثلا بوريث العرش الأمير فيليبي السادس ليتوفر بذلك التأييد البرلماني اللازم للمصادقة خلال الأيام المقبلة على عملية خلافة العرش.

وكان الملك الاسباني خوان كارلوس الذي ولد في روما عام 1938 عين ملكا لإسبانيا في 22 نوفمبر 1975 وذلك بعد يومين فقط من وفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو فيما نصب ملكا في حفل رسمي بمدريد بعد خمسة أيام فقط باسم خوان كارلوس الأول لتبدأ آنذاك واحدة من أكثر الفترات اضطرابا في تاريخ اسبانيا الحديث.

وساهم الملك آنذاك في إرساء أسس الديمقراطية الاسبانية ولاسيما عبر تبني عملية الإصلاح السياسي في عام 1976 التي كللت بالنجاح في يونيو 1977 بإجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد واعتماد الدستور الاسباني عام 1978.

ولعل يوم 23 فبراير عام 1981 يعد اهم تاريخ في عهد الملك خوان كارلوس حيث أحبط العاهل محاولة انقلاب عسكري أدى الى احتلال مجلس النواب من قبل الحرس المدني الاسباني واحتجاز النواب الذين كان يصوتون لتنصيب رئيس الوزراء ليوباردو كالبو سوتيلو خلفا لأدولفو سورايز.

وأدى رفض العاهل الاسباني دعم تلك المحاولة الى فشلها لصالح الديمقراطية علما ان الشعب الاسباني كان قد صوت في انتخابات ديمقراطية حرة بعد سنة من ذلك في أكتوبر عام 1982 لاختيار فيليبي غونزاليس رئيسا للوزراء وهو ما يعده كثير من المؤرخين نقطة النهاية لعملية الانتقال السياسي الديمقراطي في اسبانيا.

وكانت تلك المواقف المناصرة للديمقراطية والتي بدت الى جانب ذلك جلية في الدفاع عن الدستور الاسباني الذي رسم نظاما ملكيا برلمانيا مختصرا دور الملك الى دور تحكيمي وتمثيلي هي التي منحته احترام الشعب الاسباني الذي وجد فيه ضمانا للديمقراطية والتغيير والوحدة.

وقد شهدت تلك الشعبية تراجعا ملحوظا خلال سنوات الازمة الاقتصادية ولاسيما في ابريل عام 2012 بعد إصابة الملك بكسر في الحوض خلال زيارة خاصة الى (بتسوانا) في وقت كانت فيه اسبانيا منغمسة في ركود اقتصادي عميق ماجعله يعتذر الى الشعب الاسباني عقب ذلك متعهدا بعدم تكرار ذلك.

ونال أيضا تورط صهر الملك انياكي اوردانغارين في قضية فساد طالت زوجته الأميرة كريستيا الابنة الصغرى للملك أيضا من شعبية العائلة الملكية.

ويعاني الملك أيضا من متاعب صحية وكان خضع لست عمليات جراحية في اقل من عامين وفي وقت شرع فيه ابنه الأمير فيليبي بالقيام ببعض مهامه نيابة عنه.

وتميز الملك خوان كارلوس منذ البدايات بالنشاط الخارجي الفاعل حيث ساهمت زياراته الى فرنسا وألمانيا في تعزيز الاندماج الأوروبي لإسبانيا.

الى جانب ذلك يعد الملك خوان كارلوس أفضل سفير لإسبانيا في الخارج والعنصر الفاعل والاساسي في تعزيز صورة اسبانيا وروابطها مع أمريكا اللاتينية ولاسيما الأرجنتين والبرازيل وشيلي وأوروغواي.

وعلى الجانب الاخر فإن الملك الاسباني استطاع بفضل علاقاته الشخصية المتميزة تعزيز العلاقات الاسبانية مع عدة بلاد عربية على رأسها المغرب العربي والأردن وكذلك مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تضمن امدادات النفط الى اسبانيا وعلى رأسها دولة الكويت والامارات العربية المتحدة والمملكة السعودية.

وفي دول مجلس التعاون الخليجي تحديدا اختتم الملك خوان كارلوس مسيرته كرئيس للدولة الاسبانية حيث كان قد زار خلال الشهرين الماضيين كلا من دولة الكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ومملكة البحرين والسعودية بهدف تعزيز العلاقات الثنائية لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية وتشجيع الاستثمارات الخليجية في اسبانيا.

ومن المتوقع ان يتم تنصيب الأمير فيليبي دي بوربون ملكا لإسبانيا اعتبارا من 16 يونيو الجاري وذلك بعد ان يقوم مجلس الوزراء الاسباني اليوم باعتماد مشروع قانون بشأن عملية الخلافة والمصادقة عليه في البرلمان الاسباني الامر الذي يتطلب اغلبية ساحقة سيوفرها نواب الحزبين الرئيسيين في المجلس.

ويرى كثيرون في شخص الأمير ووريث العرش البالغ من العمر 46 اتزانا واستعدادا وقدرة على تولي زمام الأمور واستعادة الثقة معتبرين ان الخطوة التي قام بها الملك الاسباني كانت ضرورية في هذه المرحلة لقيادة التغييرات والإصلاحات التي تحتاجها اسبانيا ابتداء من تغيير الدستور الاسباني.

الآن - كونا

تعليقات

اكتب تعليقك