عن الاتكالية وضعف ثقافة العمل اليدوي!.. يكتب خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 1036 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  النظرة الدونية للعمل اليدوي

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تروج النظرة الدونية للعمل اليدوي في بعض المجتمعات وليس لها علاقة مباشرة بدولة الرفاه أو بثراء المجتمع, وهناك إقبال متواصل على ممارسة العمل اليدوي في أغنى الدول الغربية. بل يمارس أشهر الغربيين وأكثرهم ثراء مهناً يدوية مختلفة, فلم تمنعهم شهرتهم أو ثروتهم من ممارسة العمل بأيديهم بين الحين والآخر. ما المشكلة إذاً حول ضعف ثقافة العمل اليدوي في بعض المجتمعات العربية والخليجية خصوصا؟ ما يؤدي بالبعض إلى ازدراء العمل اليدوي أو محاولة الابتعاد عن ممارسته ندرة سلوكيات وتصرفات الاعتماد على النفس ورواج ثقافة الاتكالية وغياب الانتاجية.
الشخص الاتكالي يتوقع من الآخرين الوثوب لمساعدته كل وقت, دون أن يبادر لمساعدة نفسه, ويفضل الخمول بدلاً من الاعتماد على قدراته ومهاراته الشخصية. وتترسخ الاتكالية في المجتمع بسبب التربية الاسرية التي ينشأ عليها الفرد, فإذا ترعرع في محيط عائلي يقدس العمل والانتاجية والتفكير العملي فسوف يتحول لاحقاً إلى إنسان مسؤول عن نفسه. من يتقزَّز من القيام بممارسة العمل اليدوي وخصوصا الذي يحتاج للقيام به بنفسه يتوقع من الآخرين القيام بذلك بسبب تكبره المبالغ فيه عن مساعدة نفسه وقت الحاجة !
ليس بالضرورة أن يتحول أغلبية أعضاء المجتمع إلى عمال يمارسون مهناً يدوية, فالمجتمع يحتاج للأطباء وللمحاسبين وللمدرسين وللإداريين ولكن بشكل نسبي وفق المتطلبات الحقيقية للمجتمع. وليس من المنطق أن يتحول كل أعضاء المجتمع إلى موظفين إداريين يؤدون أعمالاً كتابية لا تتطلب جهداً جسدياً أو نفسياً شاقاً, بل من المفترض أن يتكرس في المجتمع تقدير واحترام لمن يقومون بالمهن الصناعية والفنية, فلا يمكن أن ينهض المجتمع اقتصاديا أو صناعياً ما لم يحقق بشكل أو بآخر الاعتماد الذاتي على موارده البشرية الوطنية للقيام بكل الادوار الوظيفية التي يطلبها عالم معاصر ومتغير.
ترجع النظرة الدونية للعمل اليدوي لطرق التفكير الرائجة في بعض المجتمعات الخليجية, فيوجد في العقل البشري نماذج تفكير أساسية ويطلق عليها سكيماتا وهي مخططات ونماذج تفكير أولية تشكل طبيعة التصورات العامة في أي ثقافة إنسانية وتؤثر سلباً أو إيجاباً في نوعية المعيشة اليومية. السكيماتا الغربية تتصف باعتماد الفرد على نفسه وعدم اتكاله على الآخرين ,وتوجد طريقة تفكير كسولة تفضل الجلوس والراحة الجسدية المبالغ فيها بدلاً عن الوثوب بنشاط للتعامل بشكل عملي ويدوي مع متطلبات الحياة اليومية.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك