الحشاشون الجدد والاستبداد العربي العميق يكتب أنور الرشيد
زاوية الكتابكتب مايو 29, 2014, 1:46 م 1174 مشاهدات 0
على حد قول إخوانا في البحرين شحوال الانتخابات العربية التي هلت علينا، ما عليه هي انتخابات ومرحلة وتجربة وتاريخ يكرر نفسه بالمهازل ، ولكن من المهم أن نمر بهذه التجارب لأن الديمقراطية هي التي تصحح نفسها بنفسها لذلك يحرص الاستبداد العربي العميق أن يُكره ويُطفش الناس من هذه الديمقراطية ، ورغم ذلك ستنتصر الديمقراطية بالنهاية وهاهي تجارب شعوب العالم.
فالديمقراطية تحتاج لبال طويل وسنوات طويلة وخبرات تتراكم لدى الشعوب، هل تعلمون بأن بريطانيا أم الديمقراطية قد مرت ما نمر به من أمراض وتصدعات؟
مثل الصراع على تقسيم الدوائر وشراء الولايات والأصوات وشراء إصدار قوانين واستجوابات، هل تعلمون بأن النبلاء كانوا يدفعون للنواب لكي يصدروا لهم النواب قوانين مفصلة على مقاسهم؟ بالضبط نفس ما نمر به حاليا.
وهل تعلمون حتى اليوم في بريطانيا لا تلقي الملكة أو الملك خطابهم أمام البرلمان مباشرة بعد أن قام احد الملوك باعدامات في البرلمان ضد الأعضاء ومن ثم اتُخذ قرار بعدم دخول الملك أو الملكة لقبة البرلمان البريطاني وهذا القرار ساري مفعوله حتى اليوم.
تجارب الشعوب الغنية هي التي تدعم الديمقراطية ما حدث في مصر وأنا كنت شاهدا على ذلك التاريخ وحاضر به عندما كنت أراقب الانتخابات التشريعية والرئاسية بجولتيها الأولى والثانية، كنت اشعر والمس الروحية التي كان يشارك بها المصرين برسم مستقبلهم، وهذا على ما يبد ما أرعب دول الجوار وقوى الظلام والاستحواذ والاستبداد، وإضافة لغباء الأخوان بإدارة المرحلة بكل جوانبها استقل ذلك المناوئين للديمقراطية لضربها بمقتل، اليوم الحقيقة الماثلة أمامنا وبلا جدال العسكر عادوا لحكم مصر وأي تبرير لايمكن قبوله ، فقد كان الشعب المصري كفيل بإسقاط الأخوان بأي أنتخابات كانت ستُجرى والإخوان كانوا على ثقة لو أنهم قد وافقوا على أنتخابات مبكرة لضاعت عليهم الفرصة التي كانوا ينتظرونها منذ 88 عاما لذلك لايمكن أن تنموا الديمقراطية وتتطور إلا بمزيد من الممارسات.
لذلك يحرص الاستبداد العربي المتجذر بالشخصية العربية أن لاتكون هناك ممارسة حقيقية ، عندكم التجربة الكويتية مثلا جيدا كان هناك حرص شديد أنت تتقطع الممارسة ففي سنة 67 تم تزوير الأنتخابات وفي 76 تم تعليق الحياة الديمقراطية برمتها ومع أن الدستور ليس به أي مادة تتيح لمتخذ القرار أن يعلق مادة دستورية ، بمعنى تم التعدي على الدستور نفسه وأيضاً في عام 86 تم تكرار التجربة مرة اخرى وبنفس السيناريو تعليق مواد دستورية ، واستمرت الحياة الديمقراطية ولكن بأساليب اخرى بعد أن شاءت الظروف أن تُجبر متخذي القرار أن لا يكرر تجربة التعليق وبدأت مرحلة اخرى إلا وهي شراء الولاءات وهي تجربة غنية بتاريخ الديمقراطية الكويتية حيث قابلتها أنا شخصيا مع عدد من الزملاء بما عرف بذلك الوقت بلجنة نزاهة الانتخابات بعد استشراء ظاهرة شراء الأصوات وتطورت هذه اللجنة لاحقا بإعمالها حتى وصلت للمراقبة الدولية وتم وضع معايير دولية يجب أن تتوفر لأي انتخابات ديمقراطية ، وهكذا تتطور الديمقراطية في المجتمعات ، أنا بحكم التجربة والخبرة ليس حزين على الأنتخابات في مصر فهذه التجربة ستطور ما بعدها وهذا مؤكد ، سبق وأن ذكرت لاحد الزملاء بأني شعرت وأنا أراقب الأنتخابات في مصر بروحية جديدة متفائلة مقارنة مع روحية المصرين أبان فترة دراستي هناك كنت المس المشاعر التي كانت تنتاب المصريين خصوصا في ميدان التحرير.
كنت أشاهد وجوه متفائلة مشرقة حتى عندما كنت اذهب لمقهى الريش للقاء الأصدقاء هناك للتحاور معهم ، كنت استشعر بروح الأمل الذي انتظروه وهذا الشعور اليوم أنا على ثقة بأن حل محله شعور الإحباط ، ولكن أيضاً سيكون في مرحلة ما قادمة لا محالة سيعود شعور الأمل وستنتصر الديمقراطية ، صحيح أن مرحلتها تقاس بالأجيال والقرون ولكنها بالنهاية ستنجح رغم أنف الاستبداد العربي العميق الذي سخر كل موارد المجتمع من دين ودنيا لكي يستمر باسم وأطيعوا أولي الأمر منكم تارة وأخرى بحجة الأزمات التي تعصف بالمجتمع ولا صوت يعلوا على صوت المعركة وأن المنطقة تتلاطمها الأمواج ونحن نعيش وسط أزمات إقليمية ، لذلك لابد من قبضة حديدية لكي لاتفلت الأمور ، وهنك أيضاً ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي حرص الأنظمة العربية على أن لا يتطور التعليم لأنهم يريدون مجتمعات جاهلة لان الجاهل تسهل السيطرة عليه، وأيضاً التشبع الألاهوتي الذي يطمح للجنة في ظل ظروف قاسية ومحبطة خلقها الاستبداد لكي يلجئ المواطن للخيال وهذا ما يحصل ، وما ازدياد من يقدمون أنفسهم كقرابين لكي يذهبوا للجنة إلا دليل على تغذية هذا الفكر ورعايته من الاستبداد العربي وهؤلاء الأغبياء الذين يكونون ضحية لهذا الفكر لا يستطيعون حتى أن يتساءلوا لماذا لا يذهب هؤلاء الذين يحرضونهم للذهاب للجنة الذهاب لها وترك هذه الدنيا الفانية ، على العموم هذه السياسة استخدمها حسن صباح صاحب الحشاشون في بلاد فارس فقد كان يُعطي إتباعه الحشيش والأفيون وعندما يصلون لمرحلة النشوة يحملونهم إلى حديقة فاقدي الإحساس بالمكان والزمان ويطلق لهم فتيات وعندما يشاهدونهم يقول لهم هذه هي الجنة التي ستذهبون لها ، لذلك أسس أول فرقة انتحارية بتاريخ البشرية وسيطر على إتباعه سيطرة كاملة حتى لو قال لأحدهم ألقي بنفسك من أعلى الحبل لا يتردد ولا يفكر مرتين ، وما يحصل اليوم لا يختلف عن مدرسة حسن صباح مؤسس الحشاشون أول مدرسة انتحار بشرية بالتاريخ ، نحن اليوم لدينا حشاشون جدد ولازال الاستبداد مستمرا.
تعليقات