إبراهيم الهدبان يكتب اضرب واهرب
زاوية الكتابكتب يوليو 8, 2007, 11 ص 637 مشاهدات 0
كلمة حق
كيف يكون العيش في مغارة علي بابا؟
كتب:د. إبراهيم الهدبان
في خضم ثورة الاستجوابات التي تعيشها الكويت والتي اشتملت على كل أشكال
العنتريات من كل من الوزراء والنواب، تطايرت الاتهامات بالفساد بين الجميع.
النواب يتهمون الوزراء بالتكسب والانتفاع من أموال الوطن، خصوصا تلك التي هي
ضمن إطار وزاراتهم، كما أنهم متهمون بمحاباة أقربائهم وأصدقائهم من خلال
تعيينهم في المراكز المهمة ذات الرواتب المرتفعة، مما يمثل نوعا من أنواع
التعدي على أموال الدولة. من جهة أخرى فإن الوزراء يتهمون النواب بالسعي إلى
تعيين أقاربهم في الوظائف المهمة في الوزارات الحكومية، وذلك من خلال تهديد
الوزراء بمنصة الاستجواب، إذ إن جميع الوزارات عليها مآخذ وفيها تجاوزات،
وبالتالي فمن السهل فتح ملف أي وزارة واتهام الوزير فيها بالتقصير حتى لو أن
التجاوزات كانت في عهد الذين سبقوه في المنصب الوزاري. النواب أيضا متهمون
بالسعي إلى الحصول على المقاولات والصفقات والمناقصات الحكومية التي تقدر
بملايين الدنانير من دون وجه حق، وهو السبب الأول لسعي البعض منهم إلى الوصول
إلى البرلمان وإنفاقه على حملته الانتخابية وشرائه الأصوات وغيرها من
التجاوزات، وذلك كي يعوض ما أنفقه عشرات المرات، وليصبح المليون الذي أنفقه
عشرات الملايين تعود إلى جيبه بعد نجاحه في الانتخابات.
إذن، الصورة النهائية للمشهد السياسي الكويتي يمكن تلخيصها بالشكل التالي:
الوزراء يتهمون النواب والنواب يتهمون الوزراء والتهمة واحدة وهي: «سرقة
أموال الدولة والتقصير في الوظيفة العامة وتجيير المنصب للمصلحة الخاصة».
والمشكلة هنا أن الشعب الكويتي لم يعد يعرف اللص من المخلص، ولم يعد يعرف
السارق المرتشي من النزيه الأمين، وكأننا نعيش في مغارة علي بابا التي يقطنها
اللصوص، إذ ان الشعب الكويتي ولا سيما الشرفاء والأمناء لم يعد يثق بأحد، وهو
في حالة ترقب مستمر للفضيحة التالية التي سيتمخض عنها العمل السياسي داخل
المجلس أو داخل الحكومة. صحيح أن الشعوب في الدول المجاورة ووسائل الإعلام
الغربية تصفق لنا وتثني على ديموقراطيتنا التي وصلت إلى درجة استجواب الوزراء
وإرغامهم على الاستقالة من مناصبهم حتى أولئك الذين ينتمون إلى الأسرة
الحاكمة، لكن ألم يفكر أحد من الجهتين الحكومية والنيابية بخطورة أن يفقد
الشعب ثقته بقيادته السياسية بشقيها التشريعي والتنفيذي؟ ألا يدرك أحد من
المسؤولين خطورة أن تنتشر فلسفة «من صادها عشى عياله» التي تعني أن الذي يفوز
بالمال أو بالمنصب أو بالوظيفة الحكومية المهمة، عليه أن يجيرها لمصلحته
ومصلحة أبنائه قبل أن يخرج من الوزارة أو من البرلمان، مما يدفع المسؤول إلى
تطبيق سياسة «اضرب واهرب Hit and Run» التي تعني السرقة والهرب قبل أن يكتشفك
أحد. إن الشعب عندما يفقد الثقة بنزاهة المسؤولين قد يفقد الثقة بمبدأ
النزاهة، ولا نقصد الجميع بل نقصد ضعاف النفوس الذين لا يراقبون الله تعالى
في عملهم وفي كسبهم ورزقهم. لكن تردي الأوضاع المعيشية لدى البعض وشعور البعض
بعدم العدالة في التوزيع بين كل المواطنين سوف يدفع البعض إلى الغش وإلى
الكسب الحرام، فتصبح البلاد بالفعل مغارة علي بابا التي يقطنها اللصوص. إن
على القيادة السياسية إيجاد حل لهذا الوضع وذلك بالضرب على أيدي المتجاوزين
أينما كانوا ومهما كان منصبهم ووضعهم الاجتماعي قبل أن يأخذ الشارع المبادرة
وننتقل من الاستقرار إلى الفوضى... والله من وراء القصد.
الوسط
تعليقات