علي الذايدي يصف قطر بأنها دولة تغرد خارج سرب الخليج لسعيها للوساطة بين إيران والولايات المتحدة دون العودة لدول الخليج

زاوية الكتاب

كتب 2499 مشاهدات 0


 



خارج سرب الخليج     
علي‮ ‬الذايدي

عندما سمعنا أن دولة قطر توسطت بين فتح وحماس لرأب الصدع بينهما قلنا إن ذلك‮ ‬ينبع من حرص الشقيق على أشقائه،‮ ‬وعندما سمعنا أن دولة قطر توسطت بين الإخوة الأعداء في‮ ‬لبنان أحسنا الظن وقلنا إن ذلك أيضا نابع من الحرص على السلم والأمن في‮ ‬لبنان كي‮ ‬لا‮ ‬يعود زمن الحرب الاهلية إلى ذلك القطر الشقيق‮.‬
ولكن عندما طالعتنا الصحف بخبر‮ ‬يفيد بأن قطر لديها الآن مشروع صلح كبير بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية إيران الإسلامية كان لابد أن نقف عند هذا الخبر ونتأمل فيه ونحاول أن نستنبط ماهية الهدف الذي‮ ‬تسعى قطر لتحقيقه عبر هذه الوساطة‮.‬
ليسمح لي‮ ‬الإخوة في‮ ‬قطر أن أقول إنني‮ ‬أعتقد أن كل مشاريع الصلح بين المتخاصمين السالفة الذكر هي‮ ‬في‮ ‬حقيقة الأمر قسمة ما أريد بها وجه الله‮.‬
أعتقد أن وراء الأكمة ما وراءها،‮ ‬فقطر ومنذ التغيير في‮ ‬الحكم عام‮ ‬1995‮ ‬طرأ عليها الكثير من التغيرات لا ننكر أنها إيجابية في‮ ‬معظمها فقد تحولت قطر من دولة هامشية في‮ ‬المجال الاقتصادي‮ ‬والسياسي‮ ‬إلى قبلة للسياسيين ورجال المال والاقتصاد ولكن باعتقادي‮ ‬أن الحكومة القطرية تحاول أن تذهب إلى أبعد من ذلك وتغرد خارج السرب الخليجي‮ ‬الذي‮ ‬يستمد قوته من وحدة دوله وتقاربها الاجتماعي‮ ‬والثقافي‮ ‬والسياسي‮ ‬والعسكري‮ ‬والذي‮ ‬اتضح جليا وفي‮ ‬أبهى صوره في‮ ‬حرب تحرير الكويت‮.‬
برأيي‮ ‬الشخصي‮ ‬أرى أن الحكومة القطرية قد أخطأت في‮ ‬خروجها بين الحين والآخر على الاجماع الخليجي،‮ ‬فمقومات قطر الاقتصادية والسياسية لا تسمح لها أن تكون كيانا قويا منفردا إلا ضمن منظومة سياسية مثل مجلس التعاون الخليجي‮ ‬،‮ ‬وإن استشعر الإخوة في‮ ‬قطر أنهم نجحوا في‮ ‬مسعاهم عبر تلك الخروقات لوحدة الرأي‮ ‬الخليجي‮ ‬فإن هذا النجاح سيكون مؤقتا ومحدودا ولن‮ ‬يكتب له الاستمرار،‮ ‬فتصبح كالرجل الأخضر الذي‮ ‬في‮ ‬قصص الأطفال الذي‮ ‬يستطيع عند ارتفاع معدل هرمون الأدرينالين لديه أن‮ ‬يرفع شاحنة بيد واحدة ان‮ ‬يطير في‮ ‬الجو وأن‮ ‬يقاوم الرصاص ولكن سرعان ما سيعود الأدرينالين إلى وضعه الطبيعي‮ ‬ويرجع الرجل الأخضر إلى وضعه العادي‮.‬
يجب على الحكومة القطرية العودة لدول الخليج الخمس ومشاورتها في‮ ‬كل صغيرة وكبيرة وليس في‮ ‬ذلك نقص لسيادتها أو مصالحها العليا ولكن الامر لا‮ ‬يعدو عن مجرد تنسيق وتنظيم لن‮ ‬يزيد دول الخليج إلا قوة ووحدة مما سوف‮ ‬يجعل دول العالم تزداد احتراما وهيبة لها وتشاورها وتأخذ برأيها عندما تزداد سخونة الأحداث السياسية سواء في‮ ‬الشرق الأوسط في‮ ‬بقية العالم‮.‬
لن نعيد قصة الشيخ الكبير وكسره لحزمة العصى لكي‮ ‬يبين لأولاده أن قوتهم في‮ ‬وحدتهم،‮ ‬ولكن فعلا نريد أن تعود قطر للمنظومة الخليجية كما عهدناها بعيدا عن المشاكسة والعنتريات التي‮ ‬لن تجديهم نفعا في‮ ‬خضم عالم متفجر وأحداث ساخنة لن تستطع دولة بإمكانات قطر‮ - ‬أو أي‮ ‬دولة خليجية أخرى حتى لا‮ ‬يقال إنني‮ ‬متحامل على قطر فقط‮ - ‬أن تقف فيها منفردة‮.‬
 

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك