علي الذايدي يصف قطر بأنها دولة تغرد خارج سرب الخليج لسعيها للوساطة بين إيران والولايات المتحدة دون العودة لدول الخليج
زاوية الكتابكتب أغسطس 27, 2008, منتصف الليل 2511 مشاهدات 0
خارج سرب الخليج
علي الذايدي
عندما سمعنا أن دولة قطر توسطت بين فتح وحماس لرأب الصدع بينهما قلنا إن ذلك ينبع من حرص الشقيق على أشقائه، وعندما سمعنا أن دولة قطر توسطت بين الإخوة الأعداء في لبنان أحسنا الظن وقلنا إن ذلك أيضا نابع من الحرص على السلم والأمن في لبنان كي لا يعود زمن الحرب الاهلية إلى ذلك القطر الشقيق.
ولكن عندما طالعتنا الصحف بخبر يفيد بأن قطر لديها الآن مشروع صلح كبير بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية إيران الإسلامية كان لابد أن نقف عند هذا الخبر ونتأمل فيه ونحاول أن نستنبط ماهية الهدف الذي تسعى قطر لتحقيقه عبر هذه الوساطة.
ليسمح لي الإخوة في قطر أن أقول إنني أعتقد أن كل مشاريع الصلح بين المتخاصمين السالفة الذكر هي في حقيقة الأمر قسمة ما أريد بها وجه الله.
أعتقد أن وراء الأكمة ما وراءها، فقطر ومنذ التغيير في الحكم عام 1995 طرأ عليها الكثير من التغيرات لا ننكر أنها إيجابية في معظمها فقد تحولت قطر من دولة هامشية في المجال الاقتصادي والسياسي إلى قبلة للسياسيين ورجال المال والاقتصاد ولكن باعتقادي أن الحكومة القطرية تحاول أن تذهب إلى أبعد من ذلك وتغرد خارج السرب الخليجي الذي يستمد قوته من وحدة دوله وتقاربها الاجتماعي والثقافي والسياسي والعسكري والذي اتضح جليا وفي أبهى صوره في حرب تحرير الكويت.
برأيي الشخصي أرى أن الحكومة القطرية قد أخطأت في خروجها بين الحين والآخر على الاجماع الخليجي، فمقومات قطر الاقتصادية والسياسية لا تسمح لها أن تكون كيانا قويا منفردا إلا ضمن منظومة سياسية مثل مجلس التعاون الخليجي ، وإن استشعر الإخوة في قطر أنهم نجحوا في مسعاهم عبر تلك الخروقات لوحدة الرأي الخليجي فإن هذا النجاح سيكون مؤقتا ومحدودا ولن يكتب له الاستمرار، فتصبح كالرجل الأخضر الذي في قصص الأطفال الذي يستطيع عند ارتفاع معدل هرمون الأدرينالين لديه أن يرفع شاحنة بيد واحدة ان يطير في الجو وأن يقاوم الرصاص ولكن سرعان ما سيعود الأدرينالين إلى وضعه الطبيعي ويرجع الرجل الأخضر إلى وضعه العادي.
يجب على الحكومة القطرية العودة لدول الخليج الخمس ومشاورتها في كل صغيرة وكبيرة وليس في ذلك نقص لسيادتها أو مصالحها العليا ولكن الامر لا يعدو عن مجرد تنسيق وتنظيم لن يزيد دول الخليج إلا قوة ووحدة مما سوف يجعل دول العالم تزداد احتراما وهيبة لها وتشاورها وتأخذ برأيها عندما تزداد سخونة الأحداث السياسية سواء في الشرق الأوسط في بقية العالم.
لن نعيد قصة الشيخ الكبير وكسره لحزمة العصى لكي يبين لأولاده أن قوتهم في وحدتهم، ولكن فعلا نريد أن تعود قطر للمنظومة الخليجية كما عهدناها بعيدا عن المشاكسة والعنتريات التي لن تجديهم نفعا في خضم عالم متفجر وأحداث ساخنة لن تستطع دولة بإمكانات قطر - أو أي دولة خليجية أخرى حتى لا يقال إنني متحامل على قطر فقط - أن تقف فيها منفردة.
تعليقات