مطالبات بضرورة تبني استراتيجية تنويع مصادر دخل الدول

الاقتصاد الآن

958 مشاهدات 0

الدكتور نايف الشمري

اكد عدد من الخبراء الاقتصاديين ضرورة تبني استراتيجية تهدف الى تنويع مصادر الدخل في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسط التطورات الاخيرة التي شهدها الاقتصاد العالمي.
وشدد هؤلاء الخبراء في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم على اهمية تطوير القاعدة الاقتصادية والانتاجية في دول الخليج وخلق ركائز اساسية لاقتصادات حقيقية تساعد على ايجاد مصادر متنوعة للدخل بخلاف قطاعي النفط والغاز الطبيعي.
ودعوا الى توسيع مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية وتقليل هيمنة القطاع الحكومي على النشاط الاقتصادي في الدولة لضمان الحصول على تنمية اقتصادية مستدامة.
واشاروا الى ضرورة التوظيف الجيد للموارد المالية في الانفاق على تنمية قطاعات اقتصادية قد تكون واعدة مثل الصناعة والسياحة والقطاع المالي والخدماتي في وقت يعد تحديث واصدار مزيد من القوانين والتشريعات الاقتصادية والاستثمارية من العوامل الاساسية لجذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة وغير المباشرة الى الاقتصادات المحلية.
وبينوا اهمية رسم الاستراتيجيات والخطط اللازمة لدعم الصناعة الوطنية مع الاهتمام بالصناعات النفطية التحويلية والصناعات الصغيرة وتشجيع صغار المستثمرين على المشاركة في الخطط الانمائية للدول.
من جانبه قال استاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور نايف الشمري انه منذ منتصف السبعينات رسمت معظم دول مجلس التعاون الخليجي خططها الخمسية والاستراتيجية بهدف تحقيق النمو الاقتصادي وتطوير البنى التحتية.
واضاف الدكتور الشمري ان احد اهم اهداف تلك الخطط هو تبني سياسات تعنى بتنويع مصادر الدخل حتى لا يغدو النفط المصدر الرئيسي للايرادات والمحرك شبه الوحيد للنشاط الاقتصادي في دول المجلس مبينا 'ان التقلبات في اسعار النفط هذا المصدر الوحيد للدخل تؤثر على دخل الدولة ومستوى ايراداتها العامة وبالتالي مستوى انفاقها العام'.
وبين ان الاعتماد على النفط بصورة رئيسية يجعل دول مجلس التعاون مكشوفة بدرجة كبيرة على مخاطر كثيرة منها ان النفط مصدر غير متجدد للطاقة الامر الذي يعرضه الى احتمالية النضوب مع مررور الزمن.
ومن جملة المخاطر المعرضة لها دول الخليج بسبب اعتمادها على النفط هي ان جهود الدول الصناعية المتقدمة لاكتشاف مصادر طاقة بديلة بدأت تأخذ منعطفا متطورا بالرغم من ان تكلفة استغلالها لا تزال مرتفعة بعض الشيء.
واوضح 'ان التقنية الحديثة التي تم اكتشافها اخيرا والمعنية بتطويع الزيت والغاز الصخري وتحويلهما الى نفط جعلت كلا من الولايات المتحدة الامريكية (اكبر مستهلك للطاقة في العالم) وكندا تبدأان بالانتاج والتكرير بصورة تجارية حتى وصلتا الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغاز'.
وذكر الدكتور الشمري ان التوقعات تشير الى ان الدولتين ستصلان الى مستوى الاكتفاء الذاتي من النفط بحلول عام 2017 وانه بسبب هذه التقنية ستصبح الولايات المتحدة عام 2030 اكبر مصدر للنفط في العالم.
وعن درجة التنويع الاقتصادي في دول المجلس افاد بأنها تختلف من دولة لاخرى 'فالعوائد النفطية تشكل اكثر من 80 في المئة لجميع دول المجلس وترتبط غالبية عوائد التصدير بالنفط مع عدم وجود تغييرات كبيرة على مدى السنوات العشرين الاخيرة في البحرين والسعودية وقطر والكويت'.
واضاف ان الاتجاهات في سلطنة عمان تشير الى تراجع نسبة الصادرات النفطية والغاز الطبيعي من اجمالي الصادرات من نحو 90 في المئة الى ما نسبته 65 في المئة خلال السنوات ال20 الماضية.
وعن الامارات ذكر ان اجمالي الصادرات فيها بلغ ادنى مستوى في الاعتماد على الصادرات النفطية في الفترات الاخيرة نظرا للتطور في انشطة اعادة التصدير في امارة دبي.
واشار في هذا الصدد الى ان مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الاجمالي للدول الخليجية بلغت ادناها عام 2011 في كل من الكويت وقطر بحيث لم تتجاوز النسبة 50 في المئة في حين سجلت البحرين اعلى نسبة لمساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلى الاجمالي من بين دول المجلس يأتي بعدها الامارات ثم عمان والسعودية بمعدلات تجاوزت 50 في المئة.

من جهته قال استاذ التمويل في جامعة الكويت الدكتور تركي الشمري ان موارد دولة الكويت كانت تعتمد في حقبة ما قبل اكتشاف النفط على الرسوم المفروضة على التجار والضرائب البسيطة على ممتلكات المواطنين من اجل تلبية الرواتب التي كانت تدفع لموظفي الدولة انذاك.
واشار الى انه بعد هذه الحقبة اي بعد اكتشاف النفط في ثلاثينات القرن الماضي اصبحت الدولة تملك اهم موارد الطاقة في العالم 'وغدا الاعتماد على النفط يسد جميع احتياجات المواطنين من رواتب واجور ويغطي جميع متطلبات التنمية الاقتصادية الى ان ظهر مايعرف باسم (المرض الهولندي)'.
وعرف الدكتور الشمري هذا المرض بأنه الاعتماد المفرط على النفط في تلبية جميع متطلبات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والادبية والتنموية والانسانية 'ما جعل الاقتصاد الكويتي يسيطر عليه القطاع الحكومي وتمثل صناعة النفط فيه حوالي 80 من الايرادات الحكومية'.
وذكر انه بعد مرور حقبة التنمية اي منذ استقلال الكويت عام 1961 استمرت الدولة بالصرف على كل مقومات الحياة بحيث اصبح من الصعب تغيير النمط الاستهلاكي الذي تم ايجاده او خلقه لدى المواطن.
وعن مخاطر الاعتماد على مصدر واحد رئيسي للدخل ليشكل ما نسبته 95 في المئة من ايراداتها الاجمالية اوضح ان ذلك يجعل الاقتصاد عرضة للتذبذب باعتبار ان قاطرة الاقتصاد المحلي تسير بأيد أجنبية (مستوردي النفط) ناهيك عن التقلبات في اسعار النفط.
وافاد بأنه بالرغم من قيام الدولة بالعديد من الاصلاحات للقطاع الاقتصادي فان هناك صعوبات وتحديات كثيرة امام المسؤولين لتوفير متطلبات تنويع دخل الدولة ليصبح مثل مداخيل الدول الصناعية الرئيسية 'حيث نجد ان دخل الولايات المتحدة يأتي في معظمه من الضرائب على اختلاف انواعها وكذلك العديد من الاصول الحكومية الأخرى'.
واشار الشمري الى ان ابرز الصعوبات والتحديات التي تواجه بناء اقتصاد يعتمد على مصادر متنوعة للدخل في الكويت ومثلها بنسبة كبيرة في دول الخليج العربية تتمثل بالطبيعة الصحراوية القاسية التي يندر بها وجود مياه يمكن استخدامها للري وبناء المزارع الضخمة التي تكون نواة الامن الغذائي فضلا عن ندرة الاراضي الصالحة للزراعة ما يحول دون انجاز التنمية اللازمة للقطاع الزراعي.
وذكر ان من التحديات ايضا 'تركز معظم القوى العاملة في القطاع الحكومي ما يخلق عبئا ماليا واداريا على الدولة' مشيرا الى ان نحو نصف الكويتيين الآن تحت سن ال15 ما يعني ضرورة العمل على تهيئة المناخ الملائم لايجاد اعداد اضافية من الوظائف خلال ال15 سنة المقبلة ويفوق تلك الوظائف التي توفرت خلال ال30 سنة الماضية.
من جانبها قالت عضو المجموعة السويسرية الكويتية للمشروعات الصغيرة الدكتورة هنادي السيد عمر ان تنويع اقتصادات دول الخليج العربي وعدم الاعتماد على النفط اصبح اولوية لدى حكومات دول المنطقة خصوصا ان الازمة المالية العالمية كشفت مدى هشاشة الاقتصاد العالمي والتذبذبات التي قد تشهدها اسعار النفط الخام المصدر الوحيد للدخل في دول الخليج.
واضافت الدكتورة عمر انه بالاستناد الى التجربة الكويتية على تنويع الاقتصاد فان الخطط التنموية قصيرة ومتوسطة الاجل وضعت نصب اعينها تنويع الدخل القومي للبلاد وعدم التركيز على الايرادات النفطية.
وذكرت ان هذه الاهداف ظهرت عبر السياسات الموضوعة في الخطة متوسطة الاجل الاولى اضافة الى التشريعات التي صدرت في السنوات الاخيرة خصوصا القانون الجديد للاستثمار الاجنبي القانون الخاص بالصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة الذي يبلغ راسماله ملياري دينار كويتي.
ورات ان تنويع الدخل في الكويت يجب ان يركز بصورة اساسية على قطاع الصناعة لاسيما التحويلية منها وقطاع الخدمات اضافة الى النقل اللوجستي والذي يمكن التعويل عليه كثيرا لتنويع الاقتصادي بسبب الموقع الجغرافي المميز للكويت وهو ماتركز عليه خطط التنمية بعيدة الاجل التي تهدف لتحويل الكويت الى مركز مالي اقليمي يربط الشرق بالغرب.
وعن قطاع الصناعة قالت الدكتورة السيد عمر ان تجربة الكويت من خلال الصناعات البتروكيماوية كانت مميزة من خلال الشركات العاملة في هذا المجال كالشركة الكويتية للعطريات التي يمكن الاعتماد عليها لتاسيس صناعات صغيرة ومتوسطة مرتبطة بهذه الصناعة العملاقة والاستفادة من الميزة التفضيلية للكويت في هذا المجال المتمثلة بانخفاض تكلفة اسعار النفط الخام.
واشارت الى ان صغر حجم السوق الكويتية يفرص عليه تطوير صناعة تصديرية تنافسية يستخدم بها كم كبير من التكنولوجيا كي تستطيع المنافسة في الاسواق الخارجية اضافة الى تقديم دعم واضح للتسويق الخارجي لهذه المنتجات مبينة ان قطاع الصناعة المحلية يمكن ان يساهم بنسبة لاتقل عن 20 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في حال اعطائه الاولوية الضرورية.
ولفتت الى انه بسبب التجربة الكبيرة لدول منطقة الخليج في سوق الطاقة العالمية فانه يمكنها تنويع مصادر الدخل من خلال ضخ استثمارات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة خصوصا الطاقة الشمسية وتصديرها الى الخارج الا ان هذا التوجه يحتاج الى استثمارات كبيرة في مجال البحوث.

الآن - كونا

تعليقات

اكتب تعليقك