الحساوي يرى أن مشروع الإصلاح سيظل حبراً على ورق بدون التوافق الشعبي
زاوية الكتابكتب إبريل 27, 2014, 12:41 ص 578 مشاهدات 0
الراي
نسمات / لماذا الإصرار على النظام البرلماني؟
د. وائل الحساوي
بدأ مشروع ائتلاف المعارضة للاصلاح السياسي بتقرير قيام النظام البرلماني الكامل واقترح تعديل عشرات المواد في الدستور من اجل تحقيق ذلك النظام البرلماني من خلال توفير البيئة التشريعية اللازمة لتعزيز الحريات العامة وحماية حقوق الانسان وتطوير آليات العمل السياسي واصلاح القضاء ومكافحة الفساد وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة بين افراد الشعب.
ولعل السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو عن سبب الانحياز الكامل لتبني النظام البرلماني الكامل مع أن واضعي الدستور الكويتي قد بينوا في شرح المواد التفسيرية اسباب الدمج ما بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي المعمول بهما في العالم بالقول: (اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم ان يتلمس الدستور في النظام الديموقراطي الذي تبناه طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف اكبر نحو اولهما لما هو مقرر اصلا من ان النظام الرئاسي انما يكون في الجمهوريات وان مناط قيامه كون رئيس الدولة منتخبا من الشعب لبضع سنوات ومسؤولا امامه بل وامام ممثليه على نحو خاص. كما اريد بهذا الانعطاف ألا يفقد الحكم طابعه الشعبي في الرقابة البرلمانية او يجافي تراثنا التقليدي في الشورى وفي التعقيب السريع على اسلوب الحكم وتصرفات الحاكمين، وليس يخفى أن الرأي ان تراخى والمشورة ان تأخرت، فقدا في الغالب اثرهما، وفات بدورهما في توجيه الحكم والادارة على السواء على ان هذه الفضائل البرلمانية لم تنس الدستور عيوب النظام البرلماني التي كشفت عنها التجارب الدستورية، ولم تحجب عن نظره ميزة الاستقرار التي يعتز بها النظام الرئاسي، ولعل بيت الداء في علة النظام البرلماني في العالم يكمن في المسؤولية الوزارية التضامنية امام البرلمان، فهذه المسؤولية هي التي يخشى ان تجعل من الحكم هدفا لمعركة لا هوادة فيها بين الاحزاب، بان تجعل من هذا الهدف سببا نسبيا للانتماء الى هذا الجانب او ذاك، وليس اخطر على سلامة الحكم الديموقراطي ان يكون هذا الانحراف اساساً لبناء الاحزاب السياسية في الدولة بدلا من البرامج والمبادئ، وان يكون الحكم غاية لا مجرد وسيلة لتحقيق حكم اسلم وحياة افضل، واذا آل امر الحكم الديموقراطي الى مثل ذلك، ضيعت الحقوق والحريات باسم حمايتها، وحرف العمل السياسي عن موضعه ليصبح تجارة باسم الوطنية، ومن ثم ينفرط عقد التضامن الوزاري على صخرة المصالح الشخصية الخفية، كما تتشقق الكتلة الشعبية داخل البرلمان وخارجه ما يفقد المجالس النيابية قوتها والشعب وحدته، لذلك كله كان لا مفر من الاتعاظ بتجارب الدول الأخرى في هذا المضمار، والخروج بالقدر الضروري عن منطق النظام البرلماني البحت برغم ان نظام الامارة وراثي.
المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي (3)
ولسنا في مجال المقارنة بين النظامين او ترجيح احدهما على الآخر، ولكننا نطالب التيار الشعبي بعقد الاجتماعات وتنظيم المؤتمرات من اجل تلمس الحل الوسط الذي يصلح لنا في ممارسة العمل البرلماني او الرئاسي او شبه الرئاسي، بل الواجب هو البحث عن نظام بديل يصلح لنا ويأخذ بالأفضل.
الواجب على الذين يتغنون بالنظام البرلماني الكامل ان ينظروا الى مآلاته في بعض البلدان مثل العراق الذي كرس النظام البرلماني القائم فيه الطائفية والصراع المرير بين الاطراف، والذي ينذر بحرب اهلية مدمرة!
وقد اقترح المشروع قيام الاحزاب والهيئات السياسية والجمعيات والنقابات، والتي اعتبرها من الحقوق الشعبية في التنظيم وتكريس العمل المؤسسي، وضمانة في عملية التنظيم وتكريس العمل المؤسسي ويقوم الامير بتكليف رئيس القائمة الحاصلة على اكبر عدد من الاصوات الصحيحة في انتخابات مجلس الامة بتشكيل الحكومة، وفي حال اعتذار تلك القائمة عن تشكيل الحكومة او عدم حصولها على ثقة المجلس يتم تكليف القائمة التالية من حيث عدد الاصوات، ثم القائمة الثالثة ان تعذر التكليف.
ومع ان ذلك المقترح يتطابق مع اساسيات النظام البرلماني لكن هلا تساءلنا عن مدى تقبل المجتمع الكويتي لنظام الاحزاب او الهيئات السياسية! وعن سبب رفض معظم افراد الشعب الكويتي لنظام الاحزاب! كذلك فإن النظام البرلماني يتطلب انضباطا حزبيا قويا وتعاونا بين السلطات، وهو ما نفتقده في الكويت حتى من دون ان يكون لدينا هذا النظام!
لا شك ان المشروع المقترح قد قدم العديد من النقاط الايجابية التي لابد من النظر اليها عند تعديل الدستور، ولكن ما لم يتوافق الشعب على تلك التعديلات ويقنع بها قيادته لتتبنى تعديلها دستوريا، فإن ذلك المشروع سيظل حبرا على ورق، وقد يكلف المعارضة تضحيات مريرة وصدامات مثيرة مع السلطة ومع بقية اطياف الشعب الذي يرفض اسلوب الفرض والاجبار، لاسيما مع معارضة قد تركت مكانها في الساحة السياسية وتعمدت المشاغبة وتخوين الآخر، واستخدمت لغة غريبة على مجتمعنا ثم جاءت الآن لتطلب من المجتمع قبول اطروحاتها ومشاريعها من دون مناقشة!!
تعليقات