ديوان المحاسبة يمر حاليا بأزمة ثقة واهتزاز لمكانته الرقابية وتخلخل للهيبة ، ولاحل لاستعادة هيبته سوى استئصال كل شبهات الفساد والفاسدين من دون مجاملة أو تستر..مقالة ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب أغسطس 25, 2008, منتصف الليل 765 مشاهدات 0
ديوان المحاسبة وتصادم المواقف السياسية
ناصر المطيري
جهاز ديوان المحاسبة يمثل أحد أركان العدالة والرقابة في الدولة، ولا يقل أهمية وحساسية عن السلطة القضائية، فهو جهاز رقابي يحظى بثقة واحترام كبيرين ويعتبر ذراعا تساند السلطة التشريعية في أداء دورها الرقابي على وزارات وأجهزة الدولة بتقديم الرأي المحاسبي الفني القائم على الموضوعية والحياد والاستقلالية.
غير انه في الآونة الأخيرة أخذت هذه الصورة النموذجية لجهاز ديوان المحاسبة تهتز بسبب تصادم المواقف السياسية.
كما أن ديوان المحاسبة - كغيره من الأجهزة الحكومية - يقوم عليه مجموعة من البشر وليس الملائكة، فهو معرض للخطأ والخلل ناهيك عن سرطان الفساد الذي يتغلغل في العديد من المؤسسات الحكومية، لذا فان ديوان المحاسبة لن يكون حالة استثنائية وان كان بقدر أخف أو أقل.
ضربتان موجعتان تعرض لهما ديوان المحاسبة الاسبوع الماضي، وضعتا سمعة وهيبة الديوان على المحك، الضربة الأولى جاءت من داخل ديوان المحاسبة على طريقة «وشهد شاهد من أهلها» وتمثل ذلك في الشكوى التي رفعها أحد كبار الموظفين في الديوان الى النائب العام ضد وكيل ديوان المحاسبة تتضمن اتهامات بالتجاوز وانتهاك القانون تفوح منها رائحة التنفيع والمحسوبية.
هذه الشكوى ان صحت وانتفت عنها شبهة الكيدية أو الشخصانية واتضحت للسلطة القضائية أدلة وأسانيد الادانة فهي لعمري كارثة تهدم أحد أركان العدالة في الكويت. وان لم تثبت هذه الشكوى لأي سبب وحفظتها النيابة لعدم كفاية الأدلة فان تأثيرها السلبي على سمعة ديوان المحاسبة لن يكون معدوما بل ستكون صورة الديوان مجروحة في أعين الكثيرين الذين سيقول لسان حالهم «لا دخان من غير نار».
أما الضربة الثانية التي تعرض لها ديوان المحاسبة فهي ضربة سياسية تمثلت في التشكيك الصريح الذي أعلنته كتلة العمل الشعبي البرلمانية بعمل وتقارير ديوان المحاسبة، وهو أقوى نقد يصل الى حد الطعن وعدم الثقة يتعرض لهما ديوان المحاسبة كجهة رقابية في الدولة. فقد نسبت الصحف الى نواب الكتلة الشعبية برئاسة النائب أحمد السعدون قولهم: «انهم يتوجسون ويتشككون من أن تُمارس ضغوط على ديوان المحاسبة من قبل أطراف مستفيدة من مشروع المصفاة الرابعة»!
هنا يتبادر الى ذهني تساؤل هو: هل نواب كتلة العمل الشعبي يحملون هذا الانطباع المشكك في نزاهة عمل ديوان المحاسبة وخضوعه للضغوط فقط بالنسبة الى مشروع المصفاة الرابعة أم ان الاتهام والتشكيك ينسحب لكل أو بعض المشاريع السابقة التي خضعت لرقابة ديوان المحاسبة؟!
إذن ديوان المحاسبة يمر حاليا بأزمة ثقة واهتزاز لمكانته الرقابية وتخلخل للهيبة التي حظي بها منذ نشأة مؤسسات الدولة الحديثة في ظل النظام الدستوري الرقابي. لذلك على أصحاب القرار في الديوان دحض هذه الاتهامات وازالة غمامة الشك حول أدائه باستئصال كل شبهات الفساد والفاسدين من دون مجاملة أو تستر أو التفاف على القانون باتباع أسلوب المكابرة ونفي الواقع ان كان موجودا بالفعل، فالمطلوب اليوم الحفاظ على سمعة هذا الجهاز الرقابي لكي يبقى صمام أمان في مواجهة العابثين بالمال العام، وحتى لا تصبح العدالة مجروحة.
تعليقات