سر أمنية 'بن لادن' الأخيرة يكشفه خليل حيدر
زاوية الكتابكتب إبريل 20, 2014, 1:14 ص 1052 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / الأمنية الأخيرة.. لأسامة بن لادن
خليل علي حيدر
في القرون الخوالي والعصور الوسطى كان العنف رائجا في المجتمعات الاوروبية والحروب الدينية تبدأ ولا تهدأ! وعندما انقسم المسيحيون الى طائفتين وربما طوائف انتشر في اوساطهم عزل «الفرق الضالة» وإلغاء حق «الهراطقة والكفار» في الوجود. وكان «الزنادقة» المسيحيون مُضطهدين قبل انطلاق حركة الاصلاح وظهور مارتن لوثر والارثوذكسية. وعرفت مجتمعات اوروبا قبل ان تنضج دينيا وسياسيا وانسانيا ما نراه اليوم من تنظيم القاعدة ونفس اللامبالاة بقتل الابرياء.
وينقل الكاتب «هاشم صالح» عن كتاب البروفيسور «برنار كوتريه» Cottret عن تاريخ الحركة الاصلاحية البروتستانتية، ان مقاتلي الفاتيكان هاجموا في احدى المرات مدينة «بيزييه» جنوب فرنسا «المليئة بالهراطقة»، فسأل الجنود السفير البابوي والقاصد الرسولي: كيف يمكن ان نميز فيهم بين الزنديق وغير الزنديق فلا نقتله، فأجابهم: «اقتلوهم جميعا على بكرة ابيهم، فالله يتعرف على عباده الصالحين». وبعد الاجتياح كتب السفير الى قداسة البابا يعلن فرحته الظافرة: «لم يوفِّر مجاهدونا احدا منهم لا امرأة ولا رجلا ولا طفلا. لقد مزقنا أعداءنا الكفار اربا اربا حتى سقط منهم ما لا يقل عن عشرين الف شخص بحد السيف، حقا ان الانتقام الإلهي روعة الروائع». (الشرق الاوسط، 2014/2/19).
ويذكرنا هذا بما يتداوله الارهابيون في تنظيم القاعدة وغيره من جواز قتل الابرياء في التفجيرات، وسيلتقي في الجنة الانتحاري وضحاياه الابرياء الذين تم قتلهم بالمتفجرات والمفخخات، في قضية جهادية شرعية، ضد الكفار أو عملاء امريكا أو الروافض. فهؤلاء مأواهم جهنم والابرياء الصالحون لهم الجنة!
في مقال بمجلة «القضايا الخارجية» الامريكية Foreign Affairs، عرض ملخصه الاعلامي الساخر «باسم يوسف»، ألقى كاتب المقال «جاكوب شابيرو» الضوء على اهم نقاط الضعف للمنظمات الارهابية، وهي الحاجة لتسجيل كل تفاصيل المصاريف النقدية، من شراء السلاح الى شراء الولاء، حيث كانت عناصر منظمة «الالوية الحمراء» الايطالية تقضي وقتا اطول في الاشراف على الميزانية ومتابعة السجلات، اكثر من التدريب على عمليات التفجير. ومن المعروف عن تنظيم القاعدة في العراق انه في الفترة من 2005 الى 2010، «كان يحتفظ بسجلات دقيقة تحتوي على أسماء ومُرتّبات اعضائه».
ويقول كاتب المقال «شابيرو» ان تنظيم القاعدة «يعاني من مشاكل تنظيمية جمّة، خصوصا منذ تولي ايمن الظواهري دفة المنظمة بعد بن لادن. فأيمن الظواهري يتم انتقاده بأنه «مدير فاشل»، لا يستطيع السيطرة على التنظيم الذي تشعب في العالم كله». (الجريدة، 2013/12/17).
عدد لا يستهان به من الكتاب الاسلاميين والمثقفين العرب ممن يحترفون الدفاع عن الاسلاميين أو يعادون الغرب في الحق والباطل، ينفون من الاساس وجود «تنظيم القاعدة»، ويشككون في مجريات احداث 11 سبتمبر 2011، وتفاصيل حياة وممات بن لادن، ويعتبرون هذه القصة وهذه الشخصية من مخترعات الغرب والامريكان، والكثير من هؤلاء يشكك في كل الادلة والتفاصيل، وينسبونها الى افرازات الاسلاموفوبيا»!
ولكن ما يمتنع معظم هؤلاء عن اعلانه هو رفضهم المبدئي وادانتهم الدائمة للعنف والتفجير. والذين يعارضون التفجير والمفخخات في بعض العواصم العربية والاسلامية.. لا يرون به بأسا في «البلدان الاجنبية»، و«دول الاعداء»! «نشاط الارهاب أو تنظيم القاعدة موجود لا شك في ذلك»، يقول محافظ مأرب باليمن، «الشيخ سلطان العرادة» في حوار مع صحيفة الشرق الاوسط، 2014/1/6. ويضيف ان هذا الارهاب والتنظيم «موجود في مأرب وفي الكثير من اجزاء الوطن، وكثير من بلدان العالم. هذه العصابة موجودة في كثير من الدول القادرة وغير القادرة، واليمن جزء من العالم، الا ان الانفلات الامني في اليمن يساعد «القاعدة» على ان تتحرك في أمن وأمان اكثر من أي منطقة اخرى. والآن نحن نجاهد لمنع القاعدة من ان تقيم معسكرات لها في مأرب كما اقامتها في محافظة «أبين» الجنوبية، التي تعرضوا فيها لضربات حكومية قوية».
وكانت الصحيفة نفسها قد نقلت كذلك قبل شهر من هذه المقابلة عن مسؤولين رسميين في الولايات المتحدة «ان اعلان الانتصار بعد مقتل اسامة بن لادن كان سابقا لأوانه». واضافوا ان تنظيم القاعدة الذي يدعم الحرب في سورية، «هو اليوم اقوى واخطر من أي وقت مضى، وقد قوي واجتذب اتباعا في الشرق الاوسط وافريقيا ومازال يهدد اوروبا وامريكا». وقال الجنرال الامريكي المتقاعد «جيمس ماتيس»، ان تنظيم القاعدة «يتسم بالمرونة، وقادر على التأقلم، وقد تلقى قادته ضربات موجعة لكنه مازال ينتشر، وهو يستفيد من عدد متزايد من المناطق».
وكانت احدى المسائل التي نوقشت خلال هذه الندوة في مركز جيمس تاون للدراسات، «متى وكيف نعلن الانتصار على القاعدة»؟
واليوم اذ يسود التشاؤم في اوساط الخبراء تقول السيناتورة «داين فينستين»، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الامريكي، «ان الارهاب يتفشى في العالم، الاحصاءات تؤكد ذلك، وعدد الضحايا يزداد. ثمة مزيد من المجموعات ومزيد من المتطرفين ومزيد من الجهاديين العازمين على القتل لبلوغ اهدافهم».
الخبير الاسترالي «ديفيد كيلكولن»، المتخصص بالحركات الجهادية، وكان قد عمل مستشارا للقيادة الامريكية في العراق، قال ان القاعدة «تقوى على كل الجبهات. وقد أُصيبت قيادتها بالوهن لكن لم يجر القضاء عليها. ومع التدريب الذي يحصلون عليه في سورية، ثمة امكانية كبيرة لأن يكونوا خلال السنتين المقبلتين قادرين على تنفيذ الامنية الاخيرة لأسامة بن لادن، وهي شن هجوم شبيه بالهجوم على مدينة مومباي الهندية في اوروبا». (الشرق الاوسط 2013/12/15).
ربما كُنتَ من المشككين في وجود تنظيم القاعدة!
ولكن هل انت واثق من ان ابنك أو شقيقك أو صديقك، لن يكون مشاركا في تحقيق الامنية الاخيرة.. لأسامة بن لادن؟
تعليقات