مبادئ الآداب العامة!.. بقلم فاطمة الشايجي
زاوية الكتابكتب إبريل 7, 2014, 12:08 ص 802 مشاهدات 0
الشاهد
أزمة فرد أم أزمة مصطلح؟
د. فاطمة الشايجي
يعيش البعض أزمة مع بعض المصطلحات، فهم لا يعرفون كيف يتعاملون معها، ولا يستطيعون أن يلغوها من قاموس تعاملاتهم ، والغريب أنه بعد أن كان البعض يطعن في بعض المصطلحات ويعتبرها فضفاضة نجدهم الآن يلجأون إليها، وينطلقون منها لتبرير بعض الأهداف الخاصة بهم، والتي لا تتناسب مع الصالح العام.
ومن هذه المصطلحات الفضفاضة مصطلحان هما «النظام العام والآداب العامة» حيث يجد بعض الأفراد أنه يمكن للحكومة من خلالهما أن تسيء استخدامهما بطريقة تعسفية ، في المقابل تنظر بعض النظم أو الحكومات لمن يرفضون هذين المصطلحين ويجدون أنهما فضفاضان أنهم يطمحون لتحقيق أهداف لا تتناسب مع السياسة العامة للدولة.
لقد تم مناقشة هذين المصطلحين في كثير من المحافل، وقُدمت فيهما كثير من الدراسات. وهناك اختلاف كثير بين الآراء ما أدى إلى بعض الاختلافات. ولكن بالآونة الأخيرة تحول الاختلاف إلى خلاف وصراع وتصميم على أن يتم توضيح هذين المصطلحين، أوعدم استخدامهما من الأساس.
ولكن إذا نظرنا إليهما سنجد أن «النظام العام والآداب العامة» هما جزء من جملة يتم استخدامها في جميع دساتير دول العالم، وقوانين الدول، وفي كثير من نصوص المنظمات العالمية لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية. والاستخدام لهذين المفهومين يقصد بهما بالطبع عدم إلزام الدول بنظام دولي أو عالمي عام بل لكل دولة نظامها الخاص. تحدده ظروفها الخاصة والذي تعتبره عاما على أفرادها ولها آدابها العامة. إذاً لماذا يعتبر بعض الأفراد هذين المصطلحين فضفاضين؟ وهل هما بالفعل كذلك؟
جميعنا يعرف أن تحديد أي نظام عام في أي دولة يعتمد على النظام السياسي الذي يمارس فيها. وبناء عليه يتم تنظيم عملية المشاركة السياسية، وتنظيم الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، وجميع هذه الجوانب تحتاج إلى قوانين تلزم الأفراد بعدم مخالفة النظام العام، لتستقر الدولة . ورغم أن من يرفض هذا المصطلح، ويحاول جاهدا تغيير النظام السياسي الذي قد لا يتناسب معه، ويطالب بتغيير النظام، ونجده يطعن بمصطلح النظام العام ، فإنه في حال تغيير النظام على حسب هواه لن يلغ هذا المصطلح من دستوره الجديد، بل سيتمسك به . وأكبر دليل على ما نقول أنه منذ بداية الثورات في تاريخ البشرية إلى يومنا هذا لم يتم إلغاء هذا المصطلح.
وجميعنا يعتقد أيضا أن الآداب العامة تبلورت عن طريق المعتقدات الدينية ،ومن مجموعة من العادات، والتقاليد، والأعراف، والقيم الأخلاقية، التي يتمتع بها أفراد المجتمع. وهي بالطبع تختلف من مجتمع إلى آخر. كما أنها تختلف في المجتمع الواحد نسبة إلى تعدد الديانات، واختلاف المذاهب الدينية، والتفاوت في المستوى العلمي، وهو اعتقاد سليم.
ولكن قليل جدا منا من يعرف أن الآداب العامة تحتاج إلى مبدأين ليتم الاعتراف بها، ويصبح لها وجود فعلي على أرض الواقع، وهما: الاتفاق، والاحترام . فهناك اتفاق على أن هناك فضائل عامة وهي لا تختلف من دين إلى آخر، بل هي أصل في الطبيعة البشرية، ولا تحتاج إلى قانون لكي يبينها . وهذا الاتفاق يحتاج إلى مبدأ الاحترام الذي يترجم هذا الاتفاق إلى سلوكيات عامة ترفض ما هو سيء، وتقبل ما هو مناسب، وهي أيضا لا تحتاج إلى قانون يوضحها. ولا يعني تغيّر الطبيعة البشرية هو تغيّر في الفضائل. لذلك عندما يصدر سلوك يخلو من الاحترام و يكسر قاعدة الاتفاق سيلجأ المجتمع إلى تشريع قانون يلزم الفرد بالاتفاق، ويحفظ للآداب العامة وجودها .
إن عدم مقدرة الفرد على استخدام المصطلح كما يريد... لا كما ينبغي له لا يعني أنه فضفاض ، بل يعني أن الفرد يقدّم نفسه على المجتمع . ويؤمن أنه كفرد يحق له أكثر مما حدد له المجتمع فيرفض بذلك النظام العام، وسنجده دائما يتساءل ما هي هذه الآداب العامة التي تلزمني كفرد، وتحد من حريتي كانسان؟! الأمر الذي يجعله لا يبادر باحترامها لأنه من الأساس لم ينخرط بالاتفاق عليها مع المجتمع ... اعتقد انها أزمة فرد.
تعليقات