سيد القلاف يكتب عن العلاقة بين المساجد والمخابرات
زاوية الكتابكتب يوليو 7, 2007, 9:18 ص 455 مشاهدات 0
متى
نتعلم?!
قال تعالى في محكم كتابه »يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون, كبر
مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون«.
سياق الآية يتحدث عن الجهاد والحركة الجهادية والصفوف القتالية ورصها في
مواجهة الأعداء, وأهم معنى أريد أن أركز عليه قضية عدم الادعاء والكذب على
النفس والآخرين, مستفيداً من قضية حية نعيشها ونعاني منها, وانخدع كثير من
السذج بشخوص أبطالها, بل أريد أن أصل للمتسبب الحقيقي وراء تلك المآسي التي
تعرض لها العالم بأسره.
مسجد يقع في وسط العاصمة الباكستانية إسلام أباد, وهو من أهم المساجد وأكثرها
حيوية كان رواده الوزراء وكثيراً من الشخصيات الحكومية والسياسية, ويقع بقرب
هذا المسجد مبنى المخابرات المركزي, وقد كان هذا المسجد يحظى بدعم مباشر من
جهاز المخابرات, حين كان الجهاد جزءاً من السياسة المرخصة أثناء الحرب
الباردة, فإمام المسجد مولاناعبدالله كان على علاقة وطيدة بزعيم القاعدة
أسامة بن لادن وقيادات أخرى, وكان هذا المسجد نقطة ارتكاز ودعم يعتمد عليها
المجاهدون من حيث الدعم المادي والمعنوي تحت إشراف ومباركة الحكومة
الباكستانية, إلى حين انتهاء الاحتلال من أفغانستان, وخروج الروس منه وما لبث
أن انقلب الوضع في هذا المسجد حتى أعلن القائمون عليه الحرب على الرئيس
الباكستاني برويز مشرف, وتم تنفيذ محاولات عدة لاغتياله, وتم اغتيال مولانا
عبدالله إمام المسجد ليستلم إمامةالمسجد نجله مولانا عبدالعزيز ليزداد
التصادم بين أنصاره والحكومة الباكستانية على خلفية أحداث مختلفة منها إزالة
مسجد تم بناؤه من غير أخذ الترخيص القانوني, والذي أثار حفيظة مولانا كما أن
أنصاره هجموا على أحد المحال التي تعمل بها موظفات من الجنسية الصينية
المخصصة للتدليك, بعدما رأوا ذلك تحريضاً على الدعارة, وأرادوا إقامة الحد
الشرعي عليهن, فقامت الشرطة بمحاصرة المسجد, وقد تحصن مولانا عبدالعزيز
وطلابه ومجموعة من مريديه داخل المسجد بكامل أسلحتهم, وأقاموا حوله السواتر
الترابية ليعلن مولانا عن استعداده للقيام بعمليات انتحارية ضد النظام
ومنشآته, ودعا الناس للجهاد, وبعد محاصرة المسجد بيومين سقط 25 قتيلاً وكانت
المفاجأة الكبرى فقد خرج مولانا الداعي للعمليات الاستشهادية المنادي
بالجهاد, الخطيب الذي كان يتحدث عن الشهادة وأجر الشهيد ومكانته يوم القيامة
وسط مجموعة من النساء المنقبات يسير محاطاً بهن لتكتشفه الشرطة وتنزع نقابه
وتقوده من دون مقاومة إلى الاعتقال.
لا أعلم لماذا تذكرت بطل القادسية فارس العرب صدام حين تم اعتقاله وهو يشبه
شبروح, وكانت الذلة والهوان باديان على ذهوله, الاثنان دعما من قبل المخابرات
المركزية الأميركية وتم تسخير جميع الإمكانات لهما, ولكن في نهاية المطاف
انقلب السحر على الساحر وأصبحا عدوين لدودين بينما كانا في يوم من الأيام
حليفين قريبين, والواقع أن صدام ما هو إلا صنيعة تلك المخابرات, وتلبس بلباس
القومية العربية ليخوض نيابة عن الغرب حربه ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
وحين انتهت صلاحيته تم القضاء عليه, وبن لادن ومولانا عبدالعزيز هما صنيعة
وأداة استخدمتها المخابرات العالمية أثناء الحرب الباردة وانتهت صلاحيتهما
فأرادت إنهاءهما وانقلبت عليهما.
الأمر الآخر, حين وقع مولانا في الامتحان انكشفت حقيقته, وتبين أن حضه الشباب
المتحمس الصادق المخلص النظيف الطاهر الساذج على الجهاد ودفعهم إلى نيران
المعارك ومحرقة المواد المتفجرة تحت غطاء الدفاع عن الإسلام, والجهاد في سبيل
الله, ليس إلا شعارات فارغة, فكيف سمح مولانا عبدالعزيز لنفسه أن يرتدي لباس
النساء ليفر من أرض معركة هو خلقها وأحرق فيها أحد بيوت الله وقتل فيها عدداً
من الشباب الصادق الجاهل المستغفل?
أميركا تصنع وتكبر وتربي وترعى لمصلحة آنية ثم تعود النتائج على العالم فتدخل
العراق بحثاً عن أسلحة دمار شامل هي كانت وراءها فتدمر العراق بعد أن أشغلته
مع إيران بمعركة دامت ثماني سنوات أرهقت البلدين وخلفت آلاف الضحايا
والمعاقين من الطرفين, ثم تدعم طالبان والقاعدة واليوم تحاربهم بعنوان
الإرهاب, ويبقى السؤال لكل شاب مسلم وعربي غيور: متى نتعلم ونتنبه وندرك
ونأخذ دروساً فلا نجعل من أنفسنا وشبابنا وقوداً لمعركة يقودها هؤلاء تحقيقاً
لمصالحهم وتنفيذاً لخططهم وسياساتهم الشيطانية, فهل حفظنا الدرس?
اللهم إنا نسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون, ونعوذ بك من شر ما استعاذ به
عبادك المخلصون, اللهم احفظ الكويت وشعبها وجميع المسلمين من كل مكروه,
والحمد لله رب العالمين.
* نائب سابق في مجلس الأمة
سيد حسين القلاف *
السياسه
تعليقات