الكذب..متعة
منوعاتمارس 30, 2014, 1:55 ص 1593 مشاهدات 0
عندما يكذب البعض فإن هذا الكذب يصاحبه عدة تغيرات كسرعة ضربات القلب وزيادة التعرق بالوجه واليدين لذا اخترع العلماء أجهزة لكشف الكذب ولكن الكذابين تمكنوا من خداع هذه الأجهزة ببراعة فلم تظهر عليهم أي من هذه التغيرات. فلماذا يكذب هؤلاء؟ يقول علماء النفس ان الكذب سلوك سيكوباتي مضاد للمجتمع يبدأ منذ الصغر ويستمر حتى الكبر إذا لم يستأصل منذ البداية.. وقد تسبب أمور كثيرة سيادة مثل هذا السلوك كأسلوب المعاملة الوالدية والتنشئة الاجتماعية وثقافة المجتمع ونقص الإشباع في حاجات الحب والأمان...فالكذب لدى الأطفال ضرب من الخيال ليس له صلة بالواقع أو هروب من العقاب.. أما الكبار فيلجأون للكذب لظنهم أن الكذب ينجي.. ولكن حبال الكذب قصيرة وغالباً ما تنكشف وقد يكون الاحساس بالإحراج أو إلحاح السائل والجهل بالحقائق وراء سلوك الكذب هذا..ولكن لايضير الانسان تغيير مجرى الحديث أو الإعتذار عن الإجابة وأن يقول أحياناً لا أعرف..وأخطر انواع الكذب أن تكذب بدافع الكبرياء أوتعظيم ذاتك وإظهارها بمظهر القوة والمثالية لإخفاء شعور نقص لديك أولكي تنال إعجاب الآخرين وتجذب انتباهم....وأحيانا نبيح لأنفسنا الكذب الأبيض والأزرق والفوشي.. فالمحامي يدافع عن مذنب والطبيب يخدع مريضه... وقد يكذب كاتب في كتاباته رغبة في إيذاء شخص أو جماعة.. وقد تكذب الزوجة عن غير عمد لتتجنب مساءلة الزوج ..ورغم أن الكذب قد يوفر للبعض مساحة كبيرة للراحة والأمان فإنه قد يشكل متعة للبعض الآخر.. فقد يكون أحد المتكلمين محب للفكاهة والإثارة فيقول كذباً بدافع المزح وإعلان أخبار مثيرة... فهؤلاء إذا بدأوا بسرد قصة ولاحظوا استحسانك للأحداث تجدهم يستمرون... ويستمرون. وهذه المتعة قد لا تشمل الذين يسردون هذه القصص بل أيضاً المستمعين لها فهم يستمتعون بصحبة هؤلاء الكاذبين وحكاياتهم بغض النظر كانت حقيقة أو كذب ...والكذب قدرات فهناك المبدعين بالكذب.. وهؤلاء لا تحاول التحقق من قصصهم فلقد أعدوا كل الترتيبات حتى قبل أن يبدأوا بسرد حكاياتهم.. ولكن ما يزيد الكذب بشاعة هو شخصية الكاذب خاصة إذا كان موضع ثقة من الآخرين بحيث أن كلامه يصدق من غير تردد...الكذب ليس ان تقول الزور بل إن إخفاء أنصاف الحقائق ومدح السيئيين والظن السيء والرياء ضروب من الكذب. فخطيئة الكذب يشترك بها كل من الكاذب وناقل الكذب وقابل الكذب ولكن أكثر المتضررين هو الشخص الأخير. وإذا كان كل ماسبق أسباباً مفسرة لممارسة عادة الكذب فهناك الكذب القصري أو الإضطراري والذي يكذب صاحبه تلقائياً دون أن يدري وهو لا يقوى على التخلص منه في حياته..فالكذب غش.. يُخدع به الآخرين فالشخص الذي يكذب خوفاً من العقاب يؤدي بسلوكه هذا إلى ضياع حق المجتمع والأمر هذا لا يقل سوءاً عن السرقة والاختلاس.. كما أن الذي يمارس الكذب يستولي على حقوق الغير.. والكذب يؤدي إلى إنهيار العلاقات الإنسانية والأسرية..والكذب يدمر صاحبه فالشخص الكاذب غالباً مايراوده الشعور بالذنب وإن أنكره.. علاوةً على ارتفاع ضغط الدم لدى الكاذب وبطء عملية الهضم والزيادة في هرمونات القلق والتوتر.. ولكن هل يكون إخفاء بعض الحقائق نوع من الكذب؟ كلا فهناك أسرار للإنسان من حقه كتمانها أو أسرار قد أئتمنه عليها البعض ومن واجبه أن يصونها.
وأخيراً...صدق الشاعر حين قال:
كذبت ومن يكذب فإن جزاؤه..........إذا ما أتى بالصدق أن لا يصدقا
فإذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل....لدى الناس كذاباً وإن كان صادقًا
ومن آفة الكذاب نسيان كذبه.........وتلقاه ذا فقهٍ إذا كان حاذقاً
كم من حسيبٍ كريمٍ كان ذا شرفٍ......قد شانه الكذب وسط الحي إذا عمدا
وآخر كان صعلوكاً فشرفه............صدق الحديث وقولٌ جانب الفندا
فصار هذا شريفاً فوق صاحبه...وصار هذا وضيعاً تحته أبدا
د/ دلال عبد الهادي الردعان
عضو هيئة تريس في كلية التربية واستشارية نفسية
تعليقات