جبروت المدارس الخاصة!.. بقلم وليد الجاسم

زاوية الكتاب

كتب 799 مشاهدات 0


الوطن

مصانع (العباقرة) الخاصة

وليد جاسم الجاسم

 

بعد اندحار الغزاة العراقيين سنة 1991، ازداد حرص الناس على حسن تعليم وتأهيل أبنائهم بعدما شعروا أن بلدهم مثل ريشة في مهب الريح، وأنهم وأبناءهم يمكن تهديد كيانهم وبلدهم في أي لحظة. الأمر الذي يحتّم أن يحرصوا على حسن تعليم أبنائهم بما يؤهلهم للعمل أينما وجدوا إن وقع – لا سمح الله – أي مكروه لوطنهم من جديد.
وانكبّ الناس على تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة بعد ما أفسد التكويت المتعجل التعليم العام، ودخلت السياسة في صميم العمل التربوي والتعليمي الأمر الذي وجّه ضربة ثانية للثقة فيه.
عندما سجل الناس أبناءهم في المدارس الخاصة بعضهم بالغوا في توقعاتهم وظنوا أنهم يدخلون الأبناء الى مصنع (العباقرة) الذي سيخرج لهم جيلاً من أشباه اينشتاين يتحدثون الانجليزية بطلاقة مارجريت تاتشر الراحلة، ويفوقون بيل جيتس في العلوم الحديثة والتكنولوجيا، ويضاهون اليابان في براءات الاختراع.
لكن الكثير من أولياء الأمور أدركوا لاحقاً أن المدارس الخاصة شأنها شأن التعليم العام، فيه متفوقون وفيه متوسطو القدرات مثلما فيه الضعاف. وهذا لا ينطبق فقط على الطلبة، ولكنه ينطبق أيضاً على المعلمين، فليسوا كلهم على ذات الكفاءة والقدرة والأخلاق لكن يبدو ان ما استوعبه أولياء الأمور لم تستوعبه بعض المدارس الخاصة.
فالمزعج والملاحظ في السنوات الأخيرة هو لجوء بعض المدارس الخاصة الى (تهديد) أولياء الأمور والطلبة بأنه سوف يتعذّر قبول ابنكم العام المقبل لضعف مستواه!! في أسلوب تحفيز سلبي، وربما يكون من باب «التحجج» بحثاً عن موطئ مقعد لطالب جديد يريدون ادخاله بالواسطة.
وهنا نقول، ليس من حق المدارس الخاصة هذا (التفلسف) وهذا الأسلوب (الفوقي) غير التربوي في التعامل مع أولياء الأمور والطلبة.
فالطالب ومحصلته العلمية نتاجكم أولاً، وأنتم تعلمون أن كل الطلبة لا يمكن أن يكونوا على نفس مستوى القدرات ومن البديهي أن تتعدد القدرات في الصف الواحد.
كما لا يمكن تحميل الطلبة أحمالاً إضافية أكثر مما يواجهونه هم وأولياء أمورهم، فالطالب يستيقظ في السادسة صباحاً ويعود الى منزله في الثالثة عصراً، وينكبّ على أداء فروضه الدراسية والحفظ والمراجعة والتهيؤ للامتحانات، ولا يتبقّى له من اليوم ربما إلا ساعتان يهنأ فيهما بالراحة واللعب قبل أن يخلد الى النوم من جديد.
أنا شخصياً، أظن أن أي ولي أمر يتم تهديده من قبل المدرسة بعدم قبول ابنه أو ابنته فإن عليه أن يقدّم شكوى فورية الى وزارة التربية، خصوصاً في ظل وجود القرار الوزاري رقم 27890 الصادر عام 2004 والذي تنص مادته الأولى على عدم رفض إعادة تسجيل أي طالب بالمدارس الخاصة للعام الدراسي التالي إلا بعد موافاة الإدارة العامة للتعليم الخاص خطيّاً بالأسباب المقنعة لذلك، وتقرها الإدارة. وليس هذا فقط ما يحفظ حقوقكم كأولياء أمور وطلبة، فها هو حكم القضاء المستعجل يلزم إحدى المدارس الخاصة بتسجيل طالب واجه نفس الظروف. (منشور اليوم في صفحة ثقافة قانونية ص36).
يعني المسألة (مو سبهللة) ولا بكيف المدارس الخاصة، وإذا تراخت معكم وزارة التربية لأسباب غير مفهومة أو بسبب تفاهم ثنائي مع المدرسة.. فلن يتراخى القضاء عن إسناد الطلبة المظلومين، بل ويمكن لولي الأمر أن يرجع قضائياً على المدرسة ويطالبها بالتعويض المادي المجزي عما أصابه وأصاب ابنه من الضرر النفسي والأذى الدراسي، فالمدرسة هي المسؤول الأول عن تدني مستويات الطلبة، هذا ما نعرفه من نظم التعليم الحديثة التي تتشدق بها معظم هذه المدارس.
الإخوة في المدارس الخاصة.. يكفيكم صبر الناس على رسومكم.. وزيادات الرسوم.. والضغط الدراسي وضغط الدروس الإضافية، فلا تمارسوا الجبروت على الناس وإلا ارتدت أفعالكم إليكم.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك