افتتاح ندوة الكويت عبر العصور في مكتبة الكويت الوطنية
منوعاتسلمان الحمود: آثار الكويت جزء من الحضارة الإنسانية
مارس 4, 2014, 3:11 م 1074 مشاهدات 0
افتتح الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م.علي اليوحة صباح اليوم الثلاثاء الندوة العلمية الكويت عبر العصور من خلال الشواهد الأثرية والمصادر التاريخية نيابة عن الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح وزير الإعلام ووزير الدولة لشئون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وقال الأمين العام في كلمة الإفتتاح نيابة عن راعي الندوة ( هذه الندوة الثقافية التي تجمع بين التاريخ والآثار .. وتلقي الضوء على المراحل الحضارية التي مرت بها أرض الكويت الطيبة وشعبها الأبي المسالم ، والتي أسهمت – على مر الأجيال – في صنع حاضر هذا البلد الذي دأب على أن يؤدي دورا مرموقا في محيطه الإقليمي ، ولم تمنعه قلة عدد شعبه وصغر مساحته من
المشاركة البناءة والفاعلة في حضارة إقليمها وعالمها، منطلقا من إيمانه بخصوصيته التاريخية – عبر الزمن – وتشبثه بثقافته العربية والإسلامية ، ودعوته الدائمة إلى التعايش مع الآخر والبحث عن القواسم المشتركة بين الشعوب ).
وأشار إلى أن اجتماع اليوم مناسبة علمية شديدة الأهمية والخصوصية في وقت معا .. فهذة الندوة التي تتمحور حول ' آثار الكويت عبر العصور '، إنما تلقي ضوء العلم والفكر على جانب من الإنجازات المادية لهذا البلد الكبير بإنجازاته وعطائه وتاريخه ... وإذا كانت بعض البلدان تشكلت بفعل ' ظواهر طبيعية بعينها ' أو مفارقات تاريخية من نوع ما ' .. فإننا نقول إن ' الكويت هي هبة الكويتيين ' الذين صنعوا مجدها على مدى التاريخ ، ويواصلون صنعه في كل الصعد ... ومن بينها التنقيب عن أسراره في طبقات العصور والصخور والرمال .. حيث يأتي هذا الملتقى ' الآثاري' في سياق الكشف العلمي عن التاريخ الكويتي المادي الماثل والشاخص أمام العيون دليلا على عطاء الكويت دولة ومجتمعا من عصر إلى عصر .
وأكد على أن الآثار هي ذاكرة الإنسانية وهويتها ، ساهمت في بلورتها أجيال كافحت وناضلت من أجل الحفاظ عليها وترسيخها ونقلها إلى الأجيال اللاحقة، وهي رسالة يتلقاها الأبناء من الأجداد، فصارت بمنزلة جذور الإنسانية الثابتة في عمق التاريخ ووثائق مادية تشهد على الدور الذي أدته المجتمعات في بناء هويتها المتفردة وخصوصيتها المتميزة .
ولا جدال في أن تطور المجتمعات الإنسانية الأولى يختلف من مكان إلى آخر, ارتباطا بمدى القدرة على استغلال معطيات الأرض والجغرافيا بجميع جوانبها, وتسخير الظروف المحيطة لمصلحتها وتحقيق تطلعاتها بالتفاعل مع قدرة أفراد هذه المجتمعات على التعايش مع الآخر، من أجل ازدهار الجميع .
وألمح إلى أن دولة الكويت أدركت منذ ما يزيد على نصف القرن من نهضتها الحديثة ، أهمية التراث الثقافي الإنساني على أرضها
بوصفه جزءا مهما من التراث الإنساني العالمي , فبادرت إلى تشريع قانون الآثار الكويتي الصادر بمرسوم أميري برقم (1) لسنة 1960, كما دعت - ابتداء من العام 1957 وإلى الآن - العديد من بعثات التنقيب العلمية المتخصصة إلى المشاركة مع الكوادر الوطنية للكشف عن مواقع حضارات وآثار المجتمعات التي قامت على الأراضي الكويتية ضمن برنامج علمي يبرز دور المجتمعات التي عاشت على أرض دولة الكويت في بناء الحضارة الإنسانية .
وقال لقد كشفت الدراسات الميدانية التي أجريت في دولة الكويت على مدى أكثر من 50 عاما عن انتشار العديد من المواقع الأثرية التي تمثل حقبا حضارية مهمة كان لها أثر بالغ في مسيرة الإنسانية , ومازالت تلك الأعمال مستمرة من أجل المساهمة في إغناء الحضارة الإنسانية .
كلمة المشاركين
من جانبه تحدث د.ديريك جون كينيت رئيس البعثة البريطانية بقوله: أشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على هذه المبادرة الكبيرة وجمع هذا العدد الكبير من الخبراء للحديث عن آثار الكويت وعلينا أن نتذكر الكويتيين اللذين لعبوا دوراً بارزاً وعلى رأسهم الشيخ عبدالله الجابر الصباح ,د.فهد الوهيبي , وإبراهيم البغلي , وطارق رجب, وشهاب الشهاب.
وأشار إلى أن هناك 8 بعثات أجنبية إشتركت في التنقيب عن الآثار في الكويت منذ عام1957 من القرن الماضي, ولم تتوقف على منطقة فيلكا فقط لكنها امتدت لمختلف مناطق الكويت مثل الصبية وبحره, وهناك كثيراً من الأكتشافات التي قام بها الفريق الكويتي, وعلينا أن نبحث حول نقص الأدله في بعض المراحل التاريخية, لأن آثار الكويت ترتبط بالمنطقة بالكامل من المحيط الهندي إلى شبه جزيرة العرب إلى العراق والشام.
وأثنى كينيت على الدور الذي يقوم به المجلس الوطني في التعريف في الآثار الكويتية لدى المواطنين و وسائل الأعلام.
بعد ذلك قام المشاركون بجولة في معرض صور الآثار الكويتية ونتائج أعمال البعثات الأثرية المختلفة.
العصور الحجرية وبداية الأستيطان
كان هذا عنوان المحور الأول في الندوة التي ترأسها شهاب عبدالحميد شهاب الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف, حيث تحدث بايوتر بيلينيسكي عن:
عمليات التنقيب المشتركة الكويتية –البولندية في موقع بحره( (1بصحراء الصبية.
بقوله منذ عام 2009 تقوم بعثة الآثار الكويتية البولندية بدراسة موقع يعود لثقافة العبيد في صحراء الصبية ، كان قد أشير لهذا الموقع للمرة الأولى من قبل السيد/ سلطان الدويش الذي قام بتسجيل كسرتان ذات زخارف مكثفة تعود لفترة العبيد (أحدهم مصحوبًا بوحدات من الجدران الحجرية (وهما المواقعين SBH 35 & SBH 38 ، وقد أظهرت النتائج المبدئية لبعثات الاكتشاف الخمسة بشكل واضح ,إننا نتعامل مع أحد التجمعات السكنية كبيرة الحجم لعصر ما قبل التاريخ من العصر الحجري النحاسي، التجمعات السكنية ذات الصلة بثقافة العبيد هذه قد سميت بشكل مؤقت بحره( (1ويبلغ طولها 180متر وعرضها 50 متر , وعلى ما يبدو أنها تكونت من تسع وحدات منفصلة متعددة الغرف على الأقل هذا من الناحية المعمارية ، وفيما بينها هناك آثار لما يسمى 'تراي بارتايت ' وهو مبنى له خصائص تميز الشكل المعماري العبيدي ' ، ونتائج الدراسات الحديثة تقترح بأن بعض أجزاء من هذا التجمع السكني كانت على ثلاثة مستويات من المباني المتتابعة ، وفي بعض الغرف التي تم اكتشافها وجدنا آثار لورش عمل كانت تقوم بإنتاج خرز من الأصداف ، وتبين تحليل المادة الطينية التي تم جمعها أنه إلى جانب ذلك هناك أوعية(أواني) عبيديه مستوردة تمثل مرحلة عبيد(3,2) من التجمعات السكنية في بحره (1) حيث كانت تستخدمه , إلا أن هناك عدد أقل من الأواني الفخارية المحلية ذات اللون الأحمر.
ومن ناحية اخرى تحدث د. روبرت كارتير عن الريادة في البحر والثقافة التعددية خلال الفترة من الألفية السادسة والخامسة قبل الميلاد.
بقوله قدم علماء الآثار العديد من النظريات لتفسير ظهور الفخار العراقي من عصور ما قبل التاريخ على طول شواطئ الخليج قبل نحو 7000 سنة . وتشمل ما تم جمعه من حملات التنقيب في العراق ، و الهجرات البرية الدورية.
لقد سمحت لنا الحفريات في الكويت ، في بحرة 1 و H3، و - الصبية ،لدراسة العلاقات بين شعوب الخليج وجنوب العراق ،وعلاوة على ذلك تشير إلى ظهور الكويت وفي وقت مبكر للغاية كمركز للملاحة البحرية والتجارة لمسافات طويلة . ويتجلى الطابع المتعدد لثقافة المجتمعات الصغيرة ما قبل التاريخ التي عاشت في الكويت بذلك الوقت وبشكل واضح في الثقافة المادية التي عثر عليها في المواقع ، في حين وجود بقايا قارب و صورة له مما لا يترك أي مجال للشك عن توافر وسائل النقل و التوزيع في ذلك الوقت . وتشير المواقع ذات الصلة في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ,والبحرين وقطر ,والإمارات العربية المتحدة وأيضا المشاركة في الشبكة التجارية ، ولكن الاختلافات المحددة في أنواع الاكتشافات تشير أن العلاقات المباشرة بين تلك المناطق والعراق قد لا تكون بحجم ذلك التواصل المستمر كما هو في الدول المجاورة الأخرى . بدلا من ذلك، فمن الممكن أن شمال الكويت كانت بمثابة رابط تجاري رئيسي أو مركز تجاري، حيث تصل الناس والبضائع من العراق والخليج مختلطة مع بعضها البعض ضمن المجتمع المحلي.
وتحدث د. علي المديلوي عن موقع رأس الحمراء في مسقط
وإرهاصات التواصل الحضاري المبكر مع مراكز الحضارة المجاورة
بقوله يقع موقع رأس الحمراء في منطقة القرم على ساحل مسقط، حيث تم الكشف عن الموقع خلال سبعينيات القرن الماضي، وقد أرخت طبقاته السفلى إلى فترة الألف السادس قبل الميلاد، بينما تعود الطبقات السطحية للموقع إلى فترة الألف الرابع قبل الميلاد, و تم الكشف في الموقع عن كميات كبيرة من مخلفات الحيوانات البحرية كالأصداف والعظام والرخويات، إلى جانب أدوات حجرية يبدو أنها كانت تستخدم في صيد الأسماك , وقد تشكلت هذه الأدوات من الثقالات والأزاميل الخطافات والسنارات، كما تم العثور على حلي من الأصداف كالخواتم والأساور والقلادات. كما احتوت المعثورات أيضا على عظام أبقار وغزلان وخراف وعظام لقطط برية.
ويبدو أن المستوطنة ذات أهمية كبيرة، فقد عدها الباحثون نموذجا مثالياً للمستوطنات الساحلية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ في عمان. ولعل الأهمية التي ميزت هذه المستوطنة دون غيرها من المستوطنات التي تعود إلى نفس الفترة هي العثور على مجموعة من المدافن ضمت نحو 22 هيكلاً عظميًاً. وقد توضحت خلالها ولأول مرة في عمان تقاليد وطقوس الدفن التي تفيد أن المجتمع كان خلال تلك الفترة يتمتع بفكر وحس ديني. إضافة إلى ذلك فقد تم العثور على بذور من نبات الذرة وجدت في أحد بيوت المستوطنة، مما يدلل على تجارة بحرية بعيدة المدى ربما كانت (قائمة) مع أفريقيا خلال فترة الألف الرابع ق.م، وهو مؤشر هام على وجود مجتمعات زراعية تعود بجذورها إلى فترة الألف الرابع ق.م في عمان كما تفيد تلك المكتشفات. ويبدو أن المجتمع عرف نماذج من السفن التجارية التي كانت تدهن بمادة القار , كما دل على ذلك العثور على آنية من الفخار بها بقايا من مادة القار التي ربما استوردت من منطقة (هيت) في وسط العراق عبر مواقع الخليج الشمالية , وربما عبر موقع الصبية في دولة الكويت لتزامن أهمية موقع الصبية على مدخل الخليج الشمالي, ولتزامن الفترة التي ازدهر فيها موقع الصبية مع موقع رأس الحمراء كما تشير الدراسات الأثرية الحديثة, أما الآنية الفخارية فهي مستوردة من إيران كما تشير الدراسات الأثرية أيضاً. إن موقع رأس الحمراء بتنوع معثوراته يعكس حالة من الرخاء والازدهار التي كان عليها المجتمع , كما أنه يؤرخ لحقبة تاريخية مهمة بدأت معها مواقع عمان البحرية تضطلع بدورها التجاري المهم كمحطات تجارية تساهم وبفعالية في تجارة العالم القديم.
تعليقات