ما هو السر وراء التستر على شركات الاتجار بالبشر؟
محليات وبرلمانإضراب العمالة يضع الحكومة أمام اختبار في محاربة الفساد ونيتها للإصلاح
أغسطس 3, 2008, منتصف الليل 712 مشاهدات 0
على الرغم من مرور أسبوعين على انطلاق إضرابات العمالة الآسيوية، إلا أنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن إنهاء العقود المبرمة بين شركات العمالة والجهات الحكومية، ولم يتم الإعلان عن هذه الشركات المتسببة في هذه المآسي والجرائم بحق العمال وبحق الكويت وصورتها في الخارج. كما لم يتم أيضا إحالة أيا من تلك الشركات إلى النيابة العامة، رغم إخلالها ببنود العقد، ومخالفة قانون العمل الكويتي.
حالة تذمر شديد تعيشها الكويت على كافة المستويات، بسبب تشويه صورتها الخارجية من جهة، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية من جهة أخرى، والإضرابات لا تزال قائمة- وإن كانت متقطعة، فلا تكاد أن تهدأ في الجليب، حتى تشتعل في المهبولة، ويحدث ذلك أمام مرأى من الحكومة التي أكدت على عدم قبولها بما يجري، بل أنها زادت من نبرتها، حيث اعترف وزير العدل حسين الحريتي بأن 'الإضرابات جاءت نتيجة لإخلال بعض شركات استقدام العمالة بالعقود المبرمة مع العمال والوزارات' وزاد عليه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بدر الدويلة بالقول 'سنحيل المتورطين أياً كانت أسماؤهم إلى النيابة' . إلا أننا لم نر أية إجراءات فعلية بمحاسبة المتورطين أو إعلان من أي من هذه الشركات للدفاع عن نفسها وعن سجلها.
أما بالنسبة للسلطة التشريعية، فقد توافقت التصريحات النيابية من مختلف المشارب السياسية، فقد قال النائب د. وليد الطبطبائي رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة حرفيا 'سنكشف المتورطين في تجارة العمالة' ومن جهته قال النائب مسلم البراك أن ما شهدته البلاد من مظاهرات في مختلف المناطق يبين مدى تخبط الحكومة وعدم قدرتها على ضبط الأوضاع وهي تعلم حالة السوء التي تعانيها العمالة الوافدة بسبب ممارسات بعض أصحاب الشركات وتجار الإقامات في الإنسانية.
كما طالب النائب صالح عاشور الحكومة بأن تسارع بحل قضية العمالة الوافدة بشكل جذري حتى لا تتفاقم هذه القضية متهما الحكومة بأنها كانت تطالب دائما بتطبيق القوانين ولكن عندما تتعارض هذه القوانين مع مصالح بعض المتنفذين فإنها تقف عاجزة عن تطبيق القانون، وذكر النائب أحمد المليفي أن إضرابات للعمالة الوافدة ما هو إلا لممارسات فاسدة عريضة في قطاعات الدولة لاسيما في قطاعات العمالة الوافدة في كل من وزارة الشؤون والداخلية وبعض الوزارات الحكومية التي تتعاقد مع أمثال هذه الشركات الفاسدة التي تمارس كل أشكال وصور الرق مع هذه العمالة. وانتقد النائب عبدالله الرومي طريقة تعاطي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع المظاهرات والإضرابات التي تقوم بها العمالة الوافدة مشيرا إلى أن الوزارة أعطت رسالة خاطئة باستمرار المظاهرات لحين استجابة الجهات المعنية لمطالب المحتجين، وقال النائب د. فيصل المسلم 'كما ندعوا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عملية سريعة لإنصاف العمالة المطلوبة ومحاسبة الشركات الظالمة، وإحالة تجار الرقيق إلى النيابة، فلم يعد مقبولاً أن يكتفي الوزراء والمسئولين ونواب الأمة بترديد الكلام'.
مربط الفرس هو ما ختم به النائب فيصل المسلم حديثه بعبارة 'ترديد الكلام'، فهل هذا هو بالفعل ما يحدث، وهل عجزت الحكومة والنواب عن كشف المتورطين بهذه القضية رغم أنهما متفقين بأن سببها أصحاب الشركات، التي لا تراعي حقوق العمالة، ويوافقهم الرأي أيضا الكتاب والساسة والإعلاميين والشارع، وتكاد هذه المرة هي الأولى التي تحشد أحد القضايا كل هذا التأييد بالمحاسبة، إذا لماذا لا يتم كشف المتورطين ومحاسبتهم ؟ ألهذه الدرجة يبلغ نفوذهم حتى يسيطرون على الحكومة والنواب !؟
إن الحكم الذي صدر من محكمة التمييز بتأييد إعدام أحد أبناء الأسرة الحاكمة لاتجاره بالمخدرات، لهو رسالة شامخة بأن الكويت دولة مؤسسات وحقوق، وبأنه لا يوجد بها شخص فوق القانون مهما بلغ نفوذه، فهل تترجم تلك الرسالة بعد ساعات حين تلتقي لجنة حقوق الإنسان البرلمانية برئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ جابر المبارك الصباح صباح اليوم، ويتم بعد الاجتماع الكشف عن أسماء أصحاب الشركات وإحالتهم للنيابة؟
إن كانت الإجابة بنعم، فإن الحكومة تسجل ضربة قاضية للفساد والمفسدين، وإن كانت الإجابة بلا، فإن هذا دليل ضعف الحكومة وعدم قدرتها على الإصلاح، بل وربما- تورطها بشكل أو بآخر- في الفساد والمتاجرة بالبشر.
تعليقات