18 عاما على الغزو
محليات وبرلماندروس وعبر وشهادات
أغسطس 2, 2008, منتصف الليل 1258 مشاهدات 0
يصادف اليوم مرور الذكرى الثامنة عشر للغزو العراقي الغاشم على وطننا الحبيب، ولا يمكن لأي كويتي عايش تلك الفترة من الزمن، إلا أن يتوقف طويلا في هذا اليوم، ليعيد شريط الذاكرة إلى يوم الخميس الأسود الموافق 2 / 8 / 1990م، ذلك اليوم الكئيب الذي شهد كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معاني، ذلك اليوم الذي اغتصبت فيه أرضنا الطاهرة على يد قوات الظلم والاستبداد، التي لم تراع أبسط معاني الحياة، فلم يتركوا ركنا إلا ودنسوه ولطخوا ثوب عروس الخليج بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب والعجزة وكبار السن والمرضى والمعاقين، وشردوا الآلاف من الكويتيين في كل بقاع الأرض ، كيف تنسى الكويت ذلك اليوم العابس الذي فقدت به فلذات كبدها، على يد طاغية وجيش كنا نحسبهم أشقاء لنا في العروبة والإسلام.
إن ما حدث في ذلك اليوم الأسود لا يمكن نسيانه مهما مرت السنون، لأننا تجرعنا الألم والمرارة والحسرة، وذقنا أنواعا من الذل والتنكيل والإهانة، ولا يمكن أن ننسى الأصدقاء والأشقاء من الدول التي ساندتنا، ومدت لنا أيادي العون المساعدة، وساهمت بكل أنواع الدعم في طرد الغزاة وتحرير بلادنا من جحافل العدوان الغاشم.
مرت ثمانية عشر عاما ، شهدت أحداثا ومتغيرات على الصعيد السياسي بين الكويت والعراق، فقد ساهمت الكويت بتحرير العراق عام 2003م، ومن ثم المساهمة في إعادة إعمار العراق، وفتح الحدود بين البلدين، وإرسال المساعدات الإنسانية لجميع المحافظات العراقية، واستقبال الرؤساء العراقيين المتعاقبين منذ تحرير العراق، واستقبال أعضاء الحكومة العراقية، وأخيرا إعادة التبادل الدبلوماسي بين البلدين، بعد قطيعة دامت 18 عاما، حيث تم تعيين الفريق متقاعد علي المؤمن سفيرا للكويت لدى العراق، كما أن الكويت منذ عام 2003م تمد يد العون والمساعدة للعراق بكافة المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل وحتى الرياضية، وأهم حدث أثر على الكويتيين في هذه الذكرى الثامنة عشر، هو فقدان بطل التحرير سمو الأمير الوالد الشخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، في الثالث عشر من مايو الماضي، فالشيخ سعد العبدالله رحمه الله لم يذق طعم الراحة طوال الأشهر السبعة العجاف، وصال وجال في ميادين السياسة والمحافل الدولية، لإبراز القضية الكويتية وإعادة الأرض المغتصبة إلى أهلها، إلى أن من الله علينا بنعمة التحرير.
ولم يسلم مجتمعنا أيضا من تلك المتغيرات، إلا أنها وللأسف لم تكن إيجابية، حيث بدأت تظهر صورها الحقيقية بعدما كانت مكنونة في الصدور المريضة، عقب أحداث تأبين اللبناني عماد مغنيه في فبراير الماضي ، و هي إثارة العنصرية والطبقية والنعرات الطائفية بين أبناء الكويت، وتلك أمور لم نعتد عليها فهي دخيلة على مجتمعنا ، حيث بات البعض -والذين نجزم أنهم قلة- بتبادل الاتهامات بعدم الولاء للوطن ،وكأن هؤلاء القلة منحوا أنفسهم الحق بمنح صكوك الوطنية، كما بدأنا نرى تبادل الاتهامات الذي وصل لحد التكفير بين المذاهب، ولابد أن يعرف من يثير تلك النعرات التي تثير الفتن الطائفية بجميع أنواعها، بأن حب الوطن لا يقاس بتلك بالعنصرية والطائفية، بل بأفعال كثيرة ومواقف بطولية يعلمها جيدا المواطن الواعي، و قد اتضحت جيدا عندما قدم أبناء الكويت أرواحهم فداء لها، وعليهم أن يعلموا جيدا أن أبناء الكويت من سنة وشيعة وبدو وحضر، سطروا إبان فترة الغزو العراقي أسمى أنواع التضحية والفداء، لأنهم كانوا يدركون أن من يريد العداء للكويت، لن تهمه المذاهب ولا الأسماء، وأن أبناء الكويت هم لحمة واحدة بوجه العدو، ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، إليكم بعض أسماء من استشهد جنبا لجنب صبيحة الغزو الغادر عام1990م، دفاعا عن الوطن، لعلها تعيد البعض إلى رشدهم، وتكون تذكرة عطرة بدماء من ضحوا لننعم نحن بالحرية اليوم:
بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل أحياءًًَُ عند ربهم يرزقون)صدق الله العلي العظيم
الشهيد نهار فهد مصلح العنزي
الشهيد نوران رجا دابس الرشيدي
الشهيدة سناء الفودري
الشهيد هلال اسماعيل حوران
الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح
الشهيد منصور راضي محمد الشمري
الشهيد محمد عثمان الشايع
الشهيدة ليلى أحمد عبدالحسين بهبهاني
الشهيد حبيب حسن صفر محمد
الشهيد رجعان وسمي راشد العازمي
الشهيدة ضياء عبدالحميد محمد الصايغ
الشهيد مشعل نافع حمدان العدواني
الشهيد هادي محمد حسين القلاف
الشهيد خالد أحمد محمد عباس الكندري
الشهيد يعقوب يوسف حسن عباس
الشهيد محمد عوض فراج الخالدي
الشهيد محمد فارس محمد العجمي
الشهيدة أسرار القبندي
الشهيد باسل جمعه عبدالله جمعه
الشهيد ضحوي طرجم راشد المطيري
الشهيدة سعاد علي الحسن
الشهيد ضيف الله خاشم مرزوق العتيبي
الشهيد ضيف الله مسلم سودان الشراري
الشهيدة أمل خليفة مجلي
الشهيدة حياة مروي سيف الفضلي 15 سنة طالبة
الشهيد جراح مروي سيف الفضلي 5 سنوات طفل
وأيضا هناك الكثير من أبناء الكويت، الذين ضحوا بالغالي والنفيس، من اجل إعادة الشرعية الكويتية، ومن الشهداء أيضا، هم إخواننا من غير محددي الجنسية والمقيمين، بالإضافة لشهداء من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي والعرب، سواء من دافع عن الكويت أثناء الاحتلال، أو خاض معركة تحرير الكويت عام 1991م.
وبمناسبة مرور الذكرى الثامنة عشر لذكرى الغزو العراقي، توجهت بعدة أسئلة للمواطنين لمعرفة ما إذا كانوا قد نسوا كارثة الغزو العراقي بعد شنق المقبور صدام حسين؟ ومدى رضاهم عن الدعم الكويتي للعراق؟ وما هي الأسباب التي من الممكن أن تساعد على عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين؟
'الغزو جريمة هزت العالم كله'
الناشطة السياسية نبيلة العميري تقول:لا يمكن أن ننسى الغزو و تلك الأيام السوداء التي ذقنا بها الألم و المرارة و لا بد أن نأخذ العظة والعبرة من هذه الجريمة العالمية التي هزتنا جميعا، وبالنسبة لعودة العلاقات الدبلوماسية مع العراق فهذا قرار سيادي تتخذه الحكومة حسب المصلحة العليا للبلاد، أما بالنسبة عن باقي القضايا مثل اسقاط القروض أو غيرها فيجب أن يكون القرار مشتركا بين الحكومة ومجلس الأمة، إنطلاقا من مبدأ الشراكة التي نص عليها الدستور، مع مراعاة حفظ كافة الحقوق الكويتية قبل إتمام أي اتفاق.
إن الغزو العراقي للكويت محفور بذاكرة الشعب لأنها جريمة لا تقبلها البشرية، و صعب جدا أن يكون موت صدام سببا بنسيان هذه الكارثة، التي لو عشناها يوم واحد فقط فلن تنمحي من ذاكرتنا فهذه المصيبة التي حلت علينا بتاريخ 2 – 8 – 1990 م والتي شردت شعبا كاملا و قتل فيها الكثير من الناس و جعلت العديد من الدول أن ترفض اعتداء الجار على جاره ، كما لابد أن ننبذ الطائفية التي لا تأتي بشيء إيجابي معها ونصبح متماسكين أمام التحديات التي تمر بها البلاد ،ونضع حب الكويت أمامنا ونحافظ عليها من كل مكروه.
'لايزال هناك أشخاص في العراق لهم أطماع في الكويت'
نواف حمود المطيري قال:تاريخ 2 / 8 / 1990 يوم لن تنساه الكويت أبدا، وبالنسبة لي فقد كنت صغيرا في ذلك اليوم إلا أنني كنت مدركا لما يجري من حولي، ولازالت آثار الدهشة التي كنت أراها على وجوه أفراد أسرتي في مخيلتي، فالجميع كانوا غير مصدقين لما حل بهم، وبالنسبة لعودة العلاقات بين الكويت والعراق أرى أنها متعجلة، فجميع الدول التي قاطعت العراق بسبب الغزو لم تعيد تمثيلها الدبلوماسي بإستثناء الإمارات الشقيقة، لذا كان من المفترض أن تكون الكويت آخر بلد يعيد علاقاته الدبلوماسية لأننا أصحاب القضية ومن المنطقي أن نتريث بعودة العلاقات، لاسيما أن العراق لم يشهد استقرارا سياسيا حتى الآن، ولا يزال هناك أشخاص يصرون على تحقيق الأطماع العراقية في أراضي الكويت، بل وحتى قضية إلغاء الديون العراقية، وهناك من قالها جهارا في اجتماع دول الجوار الذي انعقد في الكويت.
'وحدتنا و تماسكنا هو الذي حرر الكويت'
أما الناشطة الإعلامية عائشه الرشيد فتقول:إن ذكرى الغزو كارثة لا يمكن أن يمحيها التاريخ و يجب أن يستفاد من دروس الغزو و خاصة أننا الآن في ظروف إقليمية، وأتوقع حدوث حرب بأي لحظة، وعلينا أخذ الحيطة و الحذر و أن نكون صفا واحدا أمام أي موقف، و لابد أن نترك الطائفية التي تزعزع تماسكنا، و نلتفت إلى الكويت و نضع مصلحة بلدنا فوق كل شيء وخاصة مع الوضع المتوتر للبلاد و كثرة التهديدات الأمريكية لإيران، وأن نتعلم من ذكرى الغزو كيف كانت قوة تماسكنا و توحدنا أمام الصعاب التي نواجهها كشعب، و بالنسبة لعودة العلاقات مع العراق فنحن لا نقول أن الشعب مشارك بهذه الجريمة، فهو كان يعاني أيضا من التسلط و الظلم و كانوا سجناء ببلدهم و أجبروا على ارتكاب العديد من الجرائم خوفا من القوة التي تهدد حياتهم و حياة أسرهم، وموت صدام حسين لن ينسينا ذكرى الغزو، بل بالعكس تزيدنا إصرار على بقائها أكثر في ذاكرة كل كويتي.
'لن ننسى '
جنان الفايز تقول: لازالت كارثة الغزو في ذاكرتنا ولن تزول ما دمنا أحياء فهل ينسى الإنسان كيف سلب منه وطنه و أرضه و حريته، و بالنسبة لي أنا فلا أرغب بعودة العلاقات مع العراق ،ولكن لابد أن هناك سياسة تتبعها الحكومة نحن لا نفهمها،أو هناك ضغوطات تحدث من دول عربية وأجنبية لعودة العلاقات ، و لكنني أقول مهما فعلت الكويت للعديد من الدول التي وقفت ضد الكويت أثناء الغزو أو للعراق نفسه، فلن يغير شيئا مما ينظرون لنا به، و نتمنى أن توضع هذه المساعدات لأهل الكويت، لتحسين الوضع التنموي بالبلاد بدلا من تحسين صورتنا لدى دول لا يرغبون إلا بنفطنا والأموال التي تعطى لهم ، ونتمنى أن لا يتم إدخال العراقيين بكثرة للبلاد، فلا زال جرح الغزو موجودا و لن ننسى أبدا ما حدث .
'عودة العلاقات الدبلوماسية أمر طبيعي لأن أسباب الخلاف انتهت'
عبدالله مندني قال:كنت في السادسة والعشرين من عمري أثناء الغزو العراقي عام 90، وشاهدت القوات العراقية حين اجتاحت الكويت، حيث كنا سهرانين انا وأصدقائي في الديوانية وسمعنا اصوات غريبة، ولدى خروجنا للشارع شاهدنا (الكارجوات) تسير بسرعة على طريق الدائري الخامس وكانت الساعة تشير للرابعة فجرا تقريبا، ومضيت أسبوعين في الكويت وثم خرجنا مع جيراننا الى السعودية، لأن الأوضاع باتت تعيسة وبدأت قوات الاحتلال الغاشم بدخول المنازل واعتقال الأشخاص سواء كانوا من النساء او الرجال، وذهبنا الى مزرعتنا بمنطقة القصيم، وعلى الرغم من الرعاية الكريمة من قبل خادم الحرمين رحمه الله والشعب السعودي الشقيق إلا اننا كنا نتألم من الأحداث التي تجري ببلدنا، ولم نفقد الأمل وكنا على يقين أن الكويت ستعود، حيث كنا متابعين لما تقود به القيادة السياسية لإسترجاع الوطن من براثن العدوان، وفيما يخص عودة العلاقات بين الكويت والعراق أرى أنه أمر طبيعي بما أن أسباب العداء بين الكويت والعراق انتهت بعد انهيار حزب البعث وقبر رئيسه الطاغية وتحرير العراق ووجود حكومة منتخبة، ففي العلاقات السياسية لا توجد علاقات جيدة تستمر للأبد كما أنه لاتوجد علاقات سيئة تستمر للأبد.
'تماسك الشعب ضد الفتن الطائفية'
خلود المطيري تقول :على الرغم من صغري عندما حدث الغزو لكن ذلك لم يمنع من أن نذكر بقايا أحداث منها، وكبرنا ونحن نستمع لآبائنا وأخواننا يرددون لنا ما جرى للكويت عام 90 و ما حدث لهم من تعذيب و سلب، وهو يوم لا يمكن أن تفقده ذاكرة عقولنا مهما كنا كبارا و صغارا ، وللأسف أننا أصبحنا الآن لا نهتم كثيرا من درس الغزو ، والاهتمام أصبح أكثر بالأشياء المادية، وهي من الأمور التي جعلت البعض لا يبالي بعودة العلاقات الكويتية العراقية، و بالنسبة لي فإنني لا أرغب بعودتها بهذه الصورة ، و فتح الحدود بكل سهولة لدرجة أن أعداد كبيرة من العراقيين دخلوا للكويت وأسسوا لهم سكن و عمل، فهل هذا يشعرنا بالأمان!! وليس موت صدام حسين يعني أن الخطر زال، فأنا أعتقد أن هناك الكثير من أشباه صدام موجودون ويحومون حولنا لولا حفظ الله لنا و للكويت، و أتمنى من كل الكويتيين أن يضع بلده في مقدمة كل شي و ترك الفتن التي لن تحدث إلا شرخا بين أبناء الشعب وتخترق تماسكهم .
'عودة العلاقات مع العراق سياسة لها أهداف'
شهد المعتوق تقول :الغزو لازال بالذاكرة للجميع وحتى لمن لم يعاصر تلك الفترة ،إلا أننا رأينا ما حدث لأرضنا الكويت الحبيبة، وسوف يكون لنا كشعب درسا نتعلم منه العبر الكثيرة، و بالنسبة للعلاقات العراقية وعودتها فهي سياسة لها أهداف معينة ترغب بها الحكومة قد لا نفهمها نحن كشعب، و كن نتمنى أن تأخذ الحكومة الحذر وأن تضع الكويت أولا و أخيرا نصب أعينها، فليس لنا قيمة بدون الوطن، كما أتمنى أن يلاقي أبناء الشهداء الاهتمام مهما كانوا، فلقد دفعوا أرواحهم ثمنا غاليا من أجل الكويت .
ختاما، تمر الذكرى الثامنة عشر للغزو، بذكرياتها الأليمة، وأحداثها الدامية، والمنطقة لا تزال تموج وتروج، ونذر الحرب تلوح في الأفق، - وعلى الرغم من عرفاننا لتضحيات الآخرين من الأشقاء والأصدقاء- إلا أن العامل الأهم الذي حافظ على الكويت وعودة حريتها واستقلالها وشرعيته، هو التفافنا كشعب بكافة أطيافنا حول الوطن والشرعية الدستورية ووحدتنا الوطنية، ولعل هذا أهم دروس تلك المحنة المروعة.
تعليقات