الجرف القاري بين الكويت وإيران:

محليات وبرلمان

شوكة في خاصرة العلاقات، أم تباطوء كويتي

4406 مشاهدات 0


أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ د. محمد الصباح لدى عودته من طهران 29 يوليو 2008م  بعد مشاركته في المؤتمر الخامس عشر لوزراء خارجية حركة عدم الانحياز أن موضوع الجرف القاري يعتبر شوكة في خاصرة العلاقات الكويتية - الإيرانية . وأعرب عن أمله في أن يتم نزع تلك الشوكة في أقرب وقت، لافتا إلى أن هذه المسائل تبحث عن طريق اللجنة المشتركة بين البلدين.
 مصدر إيراني مسئول آثر عدم ذكر اسمه وعدم الرد على تصريح الدكتور محمد الصباح، قال ل أن إيران جاهزة لحل هذه المسألة منذ فبراير الماضي، وأنها جاهزة في أي وقت تكون فيه الخارجية الكويتية جاهزة، ملقية باللوم على الجانب الكويتي في هذا التباطوء نتيجة نقص في كوادر الخارجية القانونية، ولأن من كان مكلفا بهذا الملف في الخارجية الكويتية قد تقاعد ولم يحل محله من يتابع هذه المسألة.

 ومما يذكر أن كل من الإيرانيين والكويتيين والسعوديين مجتمعين أو كل على حدة يدعي بأن لا قضايا خلافية بين هذه الإطراف وأن العلاقات بينهم يسودها الود والصفاء فيما يخص قضية الجرف القاري أو قضية حقل الدرة البحري أو كما يسميه الإيرانيون حقل أراش . 

وفي نفس السياق تقفز بين الفينة والأخرى أخبار عن محاولات وفود كويتية-سعودية-إيرانية لإنهاء ملف الحدود البحرية والجرف القاري بين الدول الثلاث في خطوة تهدف بالأساس إلى الاستفادة من النفط والغاز الطبيعي الغنية به تلك المنطقة. 

أولاً الجرف القاري تعريفا هو الامتداد الفعلي والطبيعي لقاع الأرض القارية داخل البحار والمحيطات، أي الجزء الأرضي الغارق تحت سطح البحر، وقد حددت اتفاقية جنيف المتعلقة بقانون البحار الجرف القاري، بمسافة 200 م عمق في ما بعد البحر الإقليمي. 

ثانياً حقل الدرة أو كما يسميه الإيرانيون حقل ((أراش)) هو المثلث المائي الواقع شمال الخليج العربي ، ومما تجدر الإشارة إليه أن الجزء الأكبر من هذا الحقل يقع على الحدود المشتركة بين البلدين الكويت والسعودية كما يقع جزء مشترك من الحقل مع الجانب الإيراني، و قد توصلت الرياض والكويت لاتفاق بشأن الحدود البحرية بينهما عام 2000 . ومما يزيد من أهمية الحقل ما أفادت به الدراسات والمسوحات التي أجريت على الحقل وأشارت إلى بوادر تؤكد على وجود كميات كبيرة من الغاز. ففي عام 1967 قدرت شركة الزيت العربية اليابانية احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج من حقل الدرة بواقع 5.5 تريليونات قدم مكعب 156 مليار مكعب.
 وتأتي أهمية الحقل لكافة الأطراف في الحاجة الى الغاز خصوصا الكويت التي تعد من الدول الفقيرة بالغاز وتعمل منذ فترة على استيراد الغاز حيث أخذت خطوات في هذه المسألة بعقد اتفاق أولي مع قطر لجلب الغاز العام 2006 م ولكن هذا الاتفاق وجد عثرات دفعت الكويت لتوقع عقد مماثل مع إيران لتزودها بالغاز .
ويعود النزاع حول هذا الحقل إلى عقد الستينات عندما منحت إيران حق التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية الانجليزية للنفط سابقا والتي تعرف اليوم باسم بريتش بتروليوم في حين منحت الكويت الامتياز لشركة رويال داتش شل وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة. وفي الوقت الحاضر تجددت الخلافات واحتجت الكويت والسعودية رسميا عندما نشطت منصة حفر إيرانية لمدة ثلاثة أشهر في هذه المنطقة، غير أن أعمال الحفر أوقفت بعد ظهور الخلافات وقد اتفق الجميع على بدء مفاوضات سياسية بهذا الخصوص للفصل في مسألة حدود الجرف القاري أولاً. 

لقد دخلت الدول الثلاث في مسألة الجرف القاري ، وجل ما نخشاه هو ان تتحول هذه القضية إلى ما يشبه قضية الجرف القاري بين تركيا واليونان العالقة منذ عشرات السنين في بحر إيجة . حيث يؤرقنا حديث السفير الإيراني في الكويت السفير جنتي في تصريحات سابقة عندما قال إن تحديد ترسيم الحدود بين الدول متعارف عليه ويستغرق مدة طويلة، مشيرا إلى ترسيم إيران لحدودها مع الكثير من الدول منها السعودية وسلطنة عمان وقطر والبحرين، في حين يعود التأخير مع الكويت بسبب المشاكل التي حدثت بين إيران والعراق، والمشاكل التي وقعت بين الكويت والعراق. 

ومما لاشك فيه أن إيران والكويت و السعودية لن تتخلى عن مصالحها الوطنية في حقل بترول وغاز الدرة، لكن الدوران في حلقة مفرغة لن يجدي فقد تناوب على حل هذه المعضلة لجان فنية مرة، ومرة أخرى وزراء خارجية، بل ورؤساء الدول، دون تقدم يذكر . 

لماذا لا يتم إغلاق الملف بشكل نهائي يخدم إطرافه الثلاثة، ويقطع الطريق على من يسوق للخلافات المستقبلية مع إيران متهما إياها بالتأخير والمماطلة في مسألة الجرف القاري ومشبها ما يحدث بمسألة الجزر الإماراتية. بل ومحذرا من أن يمتد الاجتياح الإيراني لحقوق الدول المجاورة وحقولها النفطية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بقاء هذه المسائل معلقة ستتخذها دول معادية لإيران كدليل على عدم تعاون إيران مع جيرانها ومع المجتمع الدولي.

إن من أبسط الحلول التي اقترحت أن تنجز قضية الجرف القاري، وان يتم تكليف شركة نفط باستخراج الغاز وإعطاء كل ذي حق نصيبه بعد معرفة نسبة كل طرف، وفي هذا السياق نذكر أن شركة الزيت العربية اليابانية تأمل بالمشاركة في تطوير حقل غاز الدرة من خلال تقديم الدعم الفني وتقدمت باقتراحات حول هذا الموضوع منذ مدة طويلة.

فايز الفارسي -الدوحة

تعليقات

اكتب تعليقك