'مُثيرة للقلق'.. سليمان الخضاري واصفاً الاتفاقية الأمنية الخليجية
زاوية الكتابكتب فبراير 15, 2014, 1:15 ص 809 مشاهدات 0
الراي
فكر وسياسة / اتفاقية أمنية.. مقلقة
د. سليمان الخضاري
قرأت بتمعن مواد الاتفاقية الأمنية الخليجية المزمع مناقشتها في مجلس الأمة، ولا أخفيكم، فقد شعرت بكم كبير من القلق وأنا أتنقل من مادة لأخرى!
اتفاقية كهذه من حيث المبدأ كان التعامل معها سيختلف نسبيا لو أتت في ظروف غير التي نعيشها من توترات اقليمية وعربية، إذ إن الشعور العام هو أن هذه الاتفاقية أساسا جاءت كرد فعل على بعض الأحداث في هذه الدولة الخليجية أو تلك، بالإضافة لتداعيات الربيع العربي العاصف والذي ما عدنا نستطيع ملاحقة تبعاته المختلفة من بلد لآخر.
قد يقول قائل بأن رد الفعل هذا هو منطقي للغاية باعتبار وجوب خلق السبل والآليات الكفيلة بالتعامل الأنسب مع ظروف عاصفة سياسيا وأمنيا، والرد عليه هو أن دولنا لم تبلور للحظة مشروعا وطنيا تنمويا جامعا بحيث يشعر المواطن أن هذه الدول تنطلق في سياساتها من قراءة حقيقية لتطلعات شعوبها وتسعى لإشراك المواطنين في صناعة القرارات المهمة، مع التأكيد على أن التجربة المتراكمة لبعض دولنا مع شعوبها يؤكد على مركزية الخيارات الأمنية لصناع القرار وهو سبب رئيس لتعطل مسيرة تلك البلدان سياسيا واجتماعيا وتنمويا!
إن الاتفاقية التي قرأت تفاصيلها مثيرة للقلق بشدة، فهي تتوسع في التعامل الأمني والصلاحيات المعطاة للجهات الأمنية، لدرجة التعاون في تسليم المتهمين من دون تحديد لماهية التهم المبررة لشيء من هذا القبيل، مع عدم تحديدها للضمانات الممنوحة للمتهمين عند تسليمهم من دولة لأخرى، وغني عن القول التأكيد على تباين سجل دولنا في ما يخص سجل حقوق الانسان والحريات العامة والخاصة، ومنها بالطبع حقوق المتهمين، ناهيك عما تطرحه هذه الاتفاقية من تساؤلات مشروعة حول السيادة الوطنية للدول الموقعة على الاتفاقية كل على حدة!
في الكويت مثلا، هل يراد لتلك الاتفاقية أن تكون المبرر الذي يرفع الحرج عن الحكومة للتعامل مع قوى سياسية معينة تم الاتفاق اقليميا على مواجهتها، في ظل عجز الحكومة عن اتخاذ موقف تجاه تلك الحركات داخليا لاعتبارات سياسية واجتماعية ومصلحية؟!
إن توجه الحكومة في الأيام القليلة المقبلة نحو إقرار الاتفاقية من عدمه، وهي قادرة على الأمرين معا باعتبار توافر الكتلة النيابية الجاهزة «للتبصيم» على كل ما تريده السلطة التنفيذية، سيكشف لنا عن جملة من التوجهات الحكومية المستقبلية والمتعلقة بالحريات العامة والهامش المتاح حاليا من حريات سياسية ورغبتها في «تدجين» الشارع السياسي أو الدفع باتجاه المزيد من الحريات!
تعليقات